ارسال بالايميل :
5382
محمد قشمر
الحقيقة أن القرارات الدولية تقف إلى صف وحدة اليمن مع السعي الدولي الظاهر إلى إيجاد حلول سياسية لإنهاء الحرب التي تشتعل بشكل أكبر مع تزايد الضغظ من قبل ميليشا تابعة للمجلس الانتقالي الذي بدوره يسعى لفرض نفسه كممثل حصري لما يسمى بالقضية الجنوبية ، وهذا بحد ذاته من أهم تهديدات وحدة اليمن، كما أنه يعتبر حسب رأي الكثير من الحقوقيين من أهم الأسباب التي قد تفرض واقعاً ديكتاتورياً قمعياً مبني على أسس مناطقية ومدعوم بشكل كلي من خارج الحدود اليمنية .
ما يحدث أيضا في مناطق الشمال اليمني هو جزء من مسألة دفع اليمن الى التجزئة والتشطير خصوصاً أن السلطة التي تسيطر على صنعاء وعلى أجزاء كثيرة من الجزء الشمالي من اليمن تأبى ان تقدم أي تنازلات للوصول إلى حلول سياسية وإنهاء الحرب، وها نحن في العام السادس دون أن تحسم المعركة لايٍ من الطرفين ، وهذا بحد ذاته يعتبر عنصراً مساعداً قوياً لفرض خارطة جديدة في حال استمر المجتمع الدولي في إدارة الحرب وإدارة الافراد الذين يخوضون تلك الحرب .
كل ما يمكن أن يحقق عنصر ثبات في الأرض المقسمة حالياً بفعل الالة العسكرية المسيطرة كل منها على جزء هو مدى انتماء الاطراف للأرض التي يتقاتلون عليها .
الواقع ايضاً يؤكد أن الانتماء للأرض هو الذي يسهم في بقائها دون ضياع ، والحقيقة أن عنصر الولاء والانتماء أصبح في نظر الكثير عنصراً شبه مفقود مما يجعل السيطرة الخارجية على الارض اليمنية أسهل ، ومما يجعل أيضا من استدامة الحرب وارد خصوصا مع وجود لاعبين اقليمين ودولين يعتبرون الحرب في اليمن جزء من معركة اقتصادية عالمية، وجزء من معركة طائفية عقائدية في شقها الاخر خصوصاً ما يتعلق بإيران التي تسعى بشكلٍ مفرط الى إدخال منطقة الخليج في صراع ليسهل عليها فرض وجودها وسيطرتها ، هذا حدث بوضوح بعد تمكين الولايات المتحدة الأمريكية إيران من العراق كما أن يد إيران في سوريا قوة لا يستهان بها، وهي التي لها ذراع في لبنان يفوق قوة الجيش اللبناني العسكرية ، وهي ذاتها إيران التي تسيطر على صنعاء وهي التي تستخدم صنعاء العاصمة التي تقع في قبضتها من خلال ذراعها العسكري المتمثل بالحوثين .
الجميع يعلم أن الحوثيين يحظون أيضاً بالدعم الدولي المناسب لبقائه في صنعاء والمناطق المسيطر عليها لحسابات ليس مكانها الان، لكن اعتقد أن االمتابعين للشأن اليمني يعرفون تلك الحسابات معرفة ً جيدة .
كل هذه الأمور وتقسيم اليمن الى كنتونات متصارعة في الجنوب والجنوب الشرقي وسقطرى والشمال والساحل الغربي هو الذي يظهر ان هناك أجندات تعمل على تفكيك اليمن اجتماعيا وسياسياً وعسكريا لفرض الواقع الجديد الذي أيضاً سيفرض بقوة الواقع الدولي، وبقوة القرارات الدولية التي تفرض فقط عندما ترغب الدول العظمى بفرضها وبما يتوافق مع مصالحها . وهناك فرق شاسع بين اصدرا القرارات الدولية وبين فرض تنفيذ القرارت الدولية الصادرة من مجلس الأمن .
فالسيادة رغم انها أمر حساس جداً في القانون الدولي ومرتبط إرتباط وثيق ايضاً بمبدأ ثبات الحدود الدولية من أجل عدم إثارة النزاعات العسكرية حفاظا على الأمن والسلم الدوليين، هي ذاتها التي تساهم في الوقت الحالي بالصراعات العسكرية المحلية .
إن أكثر من يشعل تلك الصراعات ومن ضمنها اليمن عدم الشعور بالإنتماء لليمن واعتبارها أرض يمكن التفريط فيها وفي سيادتها من أجل تحقيق رغبات أفراد في الثروة وفي القوة والسلطة الناقصة ، خصوصاً إذا كان اولئك الأفراد قد تم تغذيتهم بالكراهية للآخر الذي ينتمي الى نفس الارض مما يجعل من تجنيدهم لتدمير الوطن أمراً في غاية السهولة، فكونهم تابعين يسعون لتحقيق ثروة بطرقٍ غير مشروعة بل ومحرمة شرعاً وقانوناً، ولا يشعرون بالانتماء للأرض ولا للإنسان اليمني فهذا يجعل الأمور تسير في الطريق التي يرسمها المستعمر أو المحتل أو القوى المسيطرة التي ترغب في فرض واقع جديد لا يتناسب ولا يتوافق أبدا مع طموح الشعب واحلامه ، لأن التنازل عن السيادة الوطنية لا يمكن أن يحقق رفاهية للشعب ،والشعب لا يمكن أن يكون أكثر من أجير في أرضه لصالح الغير بأجورٍ زهيدةٍ وبشرفٍ مكسور ، وهذا الامر سينطبق على الجميع تحت الحكم القادم من خارج حدود الدولة كونها اصبحت تفتقر للقدرة على اتخاذ القرار الوطني الحر الذي يخدم الشعب اليمني عموما ، وسيكون الحكام عبارة عن دمى ينفذون الأوامر التي تفرض عليهم بقوة وسيستمر الحال حتى ينتفض الشعب من أجل ان يحظى بوجوده وحقه في العيش الكريم في ظل سيادته لنفسه التي لن تأتي ألا أذا حظت الارض التي ينتمي اليها هي ايضاً بالسيادة التي لن تأتي إلا بوجود قيادة وشعب تعرف المعنى السامي للإنتماء للأرض وللوطن
اضف تعليقك على المقال