يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

حين يتحول المال من وسيلة إلى غاية ؟!

عبدالسلام الدباء

 

الكاتب : عبد السلام الدباء*

في عالمٍ بات فيه الرمز البنكي أهم من الرمز الأخلاقي، والرصيد الرقمي أقوى من رصيد القيم، أصبح من الضروري أن نتوقف قليلاً ونسأل أنفسنا: هل المال وسيلة للحياة؟ أم أصبح هو الحياة ذاتها؟

في الأصل، ووفق الفطرة السليمة، المال خُلق ليكون وسيلة نُيسر بها شؤوننا، ونبني به حاضرنا، ونؤمّن مستقبلنا، ونعزز به منافعنا ومنافع الآخرين.. لكن ما نراه اليوم يُخبرنا بعكس ذلك تماماً.. لقد تبدّلت المفاهيم، حتى صار المال في نظر البعض الغاية الوحيدة التي لا تُعلوها غاية، والمعبود الذي تُركع له القيم، وتُصلب المبادئ على أعتابه!

ما أكثر أولئك الذين يمشون في الأسواق، ويقيسون الناس بميزان ما يملكون لا بما يحملون من أخلاق! الذين يبيعون ضمائرهم في سوق المصالح بأبخس الأثمان، ويشترون صمتهم على الظلم بثمنٍ بخسٍ من أوراق لا تُشبع جائعاً من كرامة، ولا تروي ظمأ قلبٍ للحق.

إن من يحوّل المال إلى غاية، يشبه تمامًا من يضع عربة القطار أمام المحرك، فلا هو يتحرك، ولا هو يدري إلى أين المسير.. وهذا ما نراه اليوم في وجوه شاحبة رغم الثراء، وقلوب خاوية رغم الفيض، وبيوت عامرة بالجدران فارغة من السعادة.

تخيلوا رجلاً يملك الملايين لكنه لا يعرف طعم القناعة، ولا لذة العطاء، ولا دفء الرضا.. وتخيلوا آخر لا يملك إلا قوت يومه، لكنه ينام وضميره مرتاح، ويستيقظ وقلبه مليء بالسكينة. أيهما في الحقيقة "الغني"؟

الغنى يا سادة ليس فيما في الجيب، بل فيما في القلب.. والمال إن لم يكن في اليد فقط، وتسرب إلى الروح، أفسدها .. وإن لم يُستخدم وسيلة لبلوغ الخير، أصبح طريقًا مختصرًا للهلاك الأخلاقي.

اليوم، وفي كل زاوية، نرى من يبرر الغش بأنه "شطارة"، ومن يقدّس الثراء ولو على حساب دماء الآخرين، ومن يقيس النجاح بعدد الأصفار على اليمين لا بعدد القلوب التي أحسن إليها.  

في النهاية، المال ليس عيباً، ولا الطموح لزيادته خطيئة.. لكن الخطر كل الخطر أن نصبح عبيدًا له.. أن ننسى أنه وسيلة، فنُضحي من أجله بكل وسيلة.

فإذا كان المال لا يشتري السعادة...  
فلماذا ما زال البعض على استعداد لبيع كل شيء مقابل وهم الشراء؟
 
------
* مستشار وزارة الشباب والرياضة

اضف تعليقك على المقال