يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الاحترام يُفرض ولا يُمنح - والاهتمام يُمنح ولا يُفرض.

أشرف محمدين

الكاتب : أشرف محمدين 
                                                                                      في عالم تتداخل فيه المشاعر وتتقاطع فيه العلاقات، يبقى الاحترام هو الأساس، والاهتمام هو الروح. وبين ما يُفرض وما يُمنح، تتحدد مكانتنا في حياة الآخرين وتُبنى جسور التواصل النقي. فالاحترام ليس هدية تُمنح كما يشاء الشخص، بل هو سلوك يُفرض من خلال كيان الإنسان وأخلاقه، من خلال موقفه وثباته، من خلال حضوره لا صوته، من خلال صمته أحيانًا لا جداله. لا يمكن لأحد أن يطالب بالاحترام وهو لا يحترم نفسه، ولا يمكن أن تفرض على الآخرين أن ينظروا إليك بعين التقدير وأنت تتنازل عن كرامتك أمامهم. الاحترام يُنتزع من الآخرين بهدوء الاتزان ووقار العقل، لا بضجيج التوسل ولا بإلحاح الكلمات. من يراك واقفًا على أرض من القيم والمبادئ، سيحترمك ولو لم يعرفك، وسيضع لك اعتبارًا ولو لم تتحدث، لأن الاحترام هو انعكاس لما في داخلك من صلابة نفسية ونضج فكري، لا يطلب ولا يُستجدى، بل يُفرض.
أما الاهتمام، فهو نبتة لا تُزرع إلا في تربة القلب، ولا تُروى إلا بماء الاختيار الحر. لا يمكن أن تفرض على إنسان أن يهتم بك، لأن الاهتمام حين يُطلب يفقد قيمته، وحين يُفرض يصبح عبئًا. هو شعور نقي ينبت عفويًا، إن حضر أزهر وإن غاب فلا لوم عليه. من يهتم بك دون أن تطلب، فذلك هو الصادق، ومن يبادلك السؤال لأنه يشتاق لا لأنه يشعر بالواجب، فهو الذي يستحق البقاء في حياتك. الاهتمام لا يأتي من سلطة، ولا من قانون، ولا من استحقاق مزعوم، بل هو فعل محبة، وميل قلب، ورغبة خفية لا تُبرر. لذا لا تلوم من لم يهتم بك، ولكن احزن على من لم يعرف قيمتك، ولا تحاول أن تزرع نفسك في أرض قاحلة، فالاهتمام لا يُنتزع بالقوة، بل يُمنح بالحب.
كم من علاقات انهارت لأن الاحترام فُقد، وكم من قلوب انكسرت لأن الاهتمام غاب. كلاهما لا يُعوض، وكلاهما لا يُقاس بالمال أو بالزمن أو بالكلمات. من احترمك سيحرص على ألا يجرحك، ومن اهتم بك سيلاحظ تفاصيلك دون أن تنطق. هما جناحا العلاقات الناضجة، ولا تكتمل المحبة إلا بوجودهما معًا. لا تسعَ خلف من لا يحترمك، لأنك لن تجد عنده سوى الإهانة المقنّعة، ولا تطارد من لا يهتم بك، لأنك إن فعلت، كنت أنت أول من أهان نفسه
اجعل الاحترام حزام كرامتك الذي لا يُفك، واجعل الاهتمام مرآة قلبك التي لا تُجبر أحدًا على النظر فيها. فالحياة أقصر من أن نعيشها نطلب ما لا يُطلب، ونسعى وراء ما لا يُسعى إليه. من أحبك بصدق سيحترمك، ومن قدّرك بحق سيهتم بك، والباقي مجرد أصوات عابرة لا تستحق حتى الصدى.
حين تعرف قدرك، سيعرف الآخرون كيف يتعاملون معك. لا تُخفض صوتك لتُسمع من لا يريد أن يسمعك، ولا تُطفئ نورك لتُضيء طريق من لا يرى فيك إلا ظلًا. احترم نفسك أولًا، وامنح اهتمامك لمن يراه نعمة لا عبئًا، وواصل السير بثبات، لأن من يفرض احترامه، يُحترم، ومن يمنح اهتمامه بإخلاص، يُقدّر. وبين هذا وذاك، تُكتب أجمل العلاقات، وتُبنى أقوى الروابط، وتُروى القلوب بالماء الذي لا يفسد

ففي نهاية كل علاقة، وفي كل لحظة صمت بين اثنين، وفي كل خيبة ظن، نُدرك أن الاحترام لم يكن خيارًا بل ضرورة، وأن الاهتمام لم يكن رفاهية بل حياة. لا تطلب من أحد ما لا ينبع من داخله، فالمشاعر حين تُجبر، تموت، والكرامة حين تُهدَر، لا تُسترد. احفظ لنفسك قدرها، وكن على يقين أن من كُتب لك سيأتيك محترِمًا، مُهتمًا، دون أن تنطق بكلمة، ودون أن تُنقص من نفسك شيئًا. عش بكرامتك، واسعَ فقط نحو من يراك أهلًا للود والاهتمام دون أن تطلب، فمن لا يرى فيك قيمة، لا تمنحه فرصة أن يُهينك بصمته.
لا تسأل عن مكانك في قلب أحد، إن لم تلمسه في فعله. ولا تطلب اهتمامًا ممن لا يشعر بغيابك. فالحب إن لم يُترجم إلى احترام واهتمام، فهو مجرد وهم جميل، ينكسر عند أول اختبار. عش بصفاء، وامضِ بثبات، فالأرواح الراقية لا تُلهث وراء الحب، بل تُزهر في أرض الكرام و تنتظر من يستحق عبيرها

اضف تعليقك على المقال