الكاتب: حسين البهام
.............................
لم يكن الميثاق يومًا مجرد إطار فكري أو مرجعية سياسية لحزب؛ لقد كان بالفعل وثيقة وطنية جامعة، نجحت في استخلاص مسار سياسي للدولة والمجتمع، جامعًا بين الأصالة والمعاصرة. هذه الميزة الفريدة هي التي منحته أحقية أن يكون بمثابة إعلان تأسيسي لنهج سياسي يقوم على تحصين الأمة من التيارات الفكرية الخارجية التي تسعى للتحكم بمصيرها، ويشدد على الحفاظ على الأمن والاستقرار وحق التعبير، ويوحد جميع الطاقات في إطار فكري سليم قوامه الولاء للوطن ورفض الاستلاب السياسي الخارجي، متزنًا في سياسته الخارجية وفق المصالح الوطنية ومع احترام مواثيق الأمم المتحدة. كل هذه العناصر مجتمعة جعلت من الميثاق الوطني بمثابة دستور اجتماعي يحمل في طياته قيم الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية.
اليوم، يقف المؤتمر الشعبي العام أمام تحدي وجودي يدعو إلى التساؤل العميق: هل حان الوقت لإعادة ضبط البوصلة المؤتمرية؟ أم أن هذا الحزب أصبح أشبه بـ "ذرة خاملة" فقدت "إلكترونها الفردي" الفاعل والمؤثر في الساحة؟ إن استعادة الدور القيادي والريادي لا يتم بالتشبث بالماضي، بل بصناعة عقد مجتمعي جديد، جوهره هو تصحيح المسار من خلال إعادة السيطرة على قيادة الحزب. هذا لن يتحقق إلا عبر الدعوة الصريحة والجريئة إلى عقد مؤتمر استثنائي يتم فيه انتخاب رئيس وأمين عام للتنظيم. إن هذا الإجراء ليس مجرد استحقاق تنظيمي داخلي، بل هو ضرورة وطنية تستهدف إضافة "إلكترون" النشاط إلى الخلية المؤتمرية، لتعود قوة فاعلة في المجتمع تحمل مشروعًا سياسيًا قادرًا على تجديد عهد الميثاق. إن مسؤولية أعضاء المؤتمر الشعبي العام اليوم هي مسؤولية تاريخية: إما الاستمرار في الخمول، أو النهوض بجرأة لانتخاب قيادة قادرة على حمل الميثاق الوطني كـ "بوصلة" توجه سفينة العمل الوطني نحو بر الأمان والاستقرار.
اضف تعليقك على المقال