يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

مشاهير التفاهة وصناعة الجماهير

عبدالسلام الدباء

 

الكاتب : عبد السلام الدباء 

في زمنٍ باتت فيه الشهرة تُقاس بعدد المتابعين لا بعدد الإنجازات، نشهد ظاهرة غريبة تتكرر أمام أعيننا: مشاهير بلا مضمون، يتصدرون المشهد، يثيرون الجدل، ويُعاد تدويرهم في كل منصة إعلامية وكأنهم ضرورة يومية.. لكن من المسؤول؟ هل هم أولئك الذين يتقنون فن الظهور المفكك؟ أم نحن، الجماهير، الذين نمنحهم الضوء الأخضر ونصفق لهم بحرارة؟

المفارقة أن هؤلاء "المشاهير" لم يصلوا إلى القمة بموهبة أو فكر، بل بصخبٍ فارغ، وبمحتوى لا يتجاوز حدود الإثارة الرخيصة.. إنهم لا يقدّمون قيمة، بل يستهلكون وقتنا، ويشغلون مساحات كان من الممكن أن تُمنح لأصحاب الفكر الحقيقي.. ومع ذلك، نجد أنفسنا نتابعهم، نشارك مقاطعهم، نضحك على تفاهاتهم، ثم نشتكي من تراجع الذوق العام!

إن الجماهير هي من تصنع المشاهير، وهي من ترفعهم، وهي من تملك القدرة على إعادتهم إلى حيث بدأوا: صفوف العاديين.. فلو تجاهلناهم، لو توقفنا عن منحهم المنصات، لو أغلقنا نوافذ التفاعل معهم، لانطفأت أضواءهم سريعاً، ولما بقي منهم سوى ذكرى باهتة، وربما مهينة، في أرشيف الإنترنت.

لكن المشكلة لا تكمن فقط في من يعتلي المنصات، بل في من يفتح لهم الأبواب، ويمنحهم الشرعية، ويُسهم في ترسيخهم كرموز ثقافية.. إنه الإعلام، بشتى أشكاله، يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، حين يلهث خلف "الترند" دون اعتبار للقيمة أو التأثير.. وكذلك نحن، حين نُغفل مسؤوليتنا الأخلاقية تجاه ما نستهلكه ونروّج له.

إن حماية الشباب من الضياع لا تبدأ من منع المحتوى، بل من إعادة تشكيل الذوق العام، ومن تعزيز الوعي الجماهيري، ومن التوقف عن مكافأة التفاهة بالشهرة.. فكل إعجاب، وكل مشاركة، وكل تعليق، هو بمثابة تصويت يمنحهم شرعية جديدة.

وفي النهاية، دعوني اطرح عليكم هذا السؤال المدهش: ماذا لو اختفى هؤلاء المشاهير فجأة، هل سنشعر بالفراغ؟ أم سنكتشف أننا كنا نملأ وقتنا بفراغٍ أكبر؟ وربما، فقط ربما، سنفتقد ضحكاتنا على سخافاتهم... كما يُفتقد صوت الملاعق في قدرٍ فارغ!
___
*مستشار وزارة الشباب والرياضة

اضف تعليقك على المقال