الكاتب : عبدالسلام الدباء*
في عالمٍ يزدحم بالأحداث اليومية المتسارعة، تأتي الأيام العالمية كوقفة تأمل تمنح البشرية فرصة لإعادة النظر في قضاياها المشترَكة، وتذكيرها بمواقف خالدة أو تحديات ما زالت قائمة..
فالأيام العالمية ليست مجرد تواريخ على صفحات التقويم، بل رسائل إنسانية تحمل في طياتها دعوة للتفكير والتضامن، وتمنح المجتمعات فرصة لتجديد التزاماتها تجاه قِـيَم كبرى مثل الحرية، السلام، البيئة، والعدالة.
وإذا كان العام مليئاً بمناسبات كهذه، فإن شهر أغسطس تحديداً يزخر بعدد من الأيام العالمية اللافتة التي تجمع بين الرمزية الإنسانية والتذكير بواقع ملموس..
في السادس من أغسطس، تحيي البشرية ذكرى مأساوية حين يُستعاد "اليوم الدولي لمنع استخدام الأسلحة النووية"، المرتبط بذكرى قصف هيروشيما وناغازاكي عام 1945م .. وهو يوم يعيد إلى الأذهان خطورة سباق التسلح النووي، ويدعو العالم إلى التمسك بخيار السلام ونبذ الحرب، في زمنٍ ما زالت فيه الأصابع تعبث بزرّ الرعب الكوني.
ولأن الإنسان لا يعيش بالذاكرة المأساوية فقط، فإن الثاني عشر من أغسطس يفتح نافذة مشرقة عبر "اليوم العالمي للشباب".. هذا اليوم ليس مجرد احتفاء بفئة عمرية، بل رسالة بليغة بأن الشباب هم رأس المال الحقيقي لمستقبل البشرية، وبأن أصواتهم يجب أن تُسمع، وطموحاتهم ينبغي أن تُترجم إلى سياسات وفرص على أرض الواقع.
في عالمٍ يعاني من البطالة والنزاعات والهجرة، يأتي اليوم العالمي للشباب كتذكير بواجب المجتمعات في تمكين شبابها، لا تهميشهم..
أما التاسع عشر من أغسطس، فيحمل بُعداً إنسانياً بامتياز عبر "اليوم العالمي للعمل الإنساني".. وهو مناسبة لتكريم العاملين في الميدان الإغاثي، ممن يخاطرون بحياتهم لإيصال الغذاء والدواء والدفء إلى مناطق الأزمات..
إن اليوم العالمي للعمل الانساني, هو يوم يضع الضمير العالمي أمام سؤال حاد: هل فعلنا ما يكفي لمساعدة من تقطَّعت بهم السبل في ميادين الحروب والكوارث؟
ولا ينتهي أغسطس قبل أن يمنح المرأة نصيبها من الاهتمام عبر "اليوم العالمي لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي"، حيث تُرفع الأصوات لمناهضة كل أشكال العنف والتمييز، تأكيداً على أن كرامة الإنسان لا تتجزأ..
إن هذه الأيام ليست احتفالات بروتوكولية، ولا شعارات موسمية، بل هي محطات وعي ضرورية تساعدنا على تذكُّر ما قد يطويه النسيان وسط ضجيج الحياة..
وربما يظل السؤال الأكثر غرابةً وإثارةً للتفكير: لو لم تكن هناك "أيام عالمية" تذكّرنا بمثل هذه القضايا، فهل كانت البشرية ستتذكرها من تلقاء نفسها؟.. أم أننا كبشر بحاجة دائمة إلى منبّه يرنّ في تقويمنا كل عام كي نفيق من غفلة النسيان؟
___
*مستشار وزارة الشباب والرياضة
اضف تعليقك على المقال