يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

ميلاد المؤتمر.. ذاكرة وطن لا تغيب

عبدالسلام الدباء

 

الكاتب : عبدالسلام الدباء*

في الرابع والعشرين من أغسطس، تعود بنا الذاكرة إلى لحظة فارقة في مسيرة اليمن الحديث؛ الى ذلك اليوم الذي انشئ فيه المؤتمر الشعبي العام وأقر فيه الميثاق الوطني عام 1982م، نعم .. ذلك اليوم الذي فتح معه عهدٌ جديد ولم يكن فيه الأمر مجرّد حدثاً سياسياً عابراً، بل كان ولادة مشروع وطني جامع، اختزل آمال اليمنيين في وثيقة ارتضاها الجميع مرجعاً وميثاقاً للهوية والانتماء.

لقد جاء المؤتمر الشعبي العام ثمرةً لإرادة شعبية صافية، ونواةً لعمل جماعي مؤسس على قيم الشراكة، واحترام التنوع، وصون الحرية.. فمنذ تلك اللحظة، لم يعد اليمنيون يبحثون عن مظلة تحمي اختلافاتهم، فقد وجدوا في المؤتمر خيمةً واسعة تجمع ولا تفرّق، توحّد ولا تُقصي، وتفتح الطريق لبناء وطن لا ينحني للعواصف.

على مدى ثلاثة وأربعين عاماً، ظل المؤتمر الشعبي العام صامداً في وجه الأزمات، ثابتاً على مبادئ الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.. لم يكن صوتاً للحكم فقط، بل ظل لسان الشعب حين يخفت صوته، وضمير الوطن حين يشتد الصراع، ومدرسةً للوسطية والاعتدال حين يميل الآخرون إلى التطرف أو التفريط.. لقد حمل المؤتمر هموم اليمنيين كما حمل أحلامهم، وترجم آمالهم كما صان تضحياتهم، ليصبح بحقّ ذاكرة وطن لا تنطفئ.

ليس غريباً أن يُنظر إلى المؤتمر الشعبي العام اليوم كأكبر مدرسة سياسية في تاريخ اليمن المعاصر، فهو الكيان الذي استوعب كل الأطياف، واستطاع أن يبقى فوق الانقسامات، وأن يحافظ على شعاره الوطني الجامع: اليمن أولاً.. وهنا يكمن سرّ خلوده، لأنه لم ينحصر في كونه حزباً سياسياً، بل تحوّل إلى هوية وجدانية راسخة في قلوب ملايين اليمنيين.

وفي ذكرى التأسيس الثالثة والأربعين، لا نجدد الولاء لتنظيم سياسي، بل نُجدّد الوفاء لمسيرة وطنية مؤتمرية صنعتها الأيادي الوطنية المخلصة، ورسمتها دماء الشهداء وعرق المناضلين، وسقتها أحلام أجيال تتطلّع إلى مستقبل مشرق.. فالمؤتمر الشعبي العام ليس مجرد ماضٍ نتذكّره، بل حاضر نعيشه، ومستقبل نراهن عليه.

اليوم، وبينما اليمن يواجه أعاصير السياسة ورياح الصراع، تبقى راية المؤتمر خفّاقة في سماء الوطن، تُذكّر الجميع بأن الميثاق الوطني لم يكن نصّاً على ورق، بل وعداً مستمراً بالحياة.

___
*مستشار وزارة الشباب والرياضة

اضف تعليقك على المقال