الكاتب : أشرف محمدين
من يحبك حقًا، لن يراك يومًا مشروعًا للتغيير أو نسخة تحتاج إلى إعادة صياغة. بل سيراك كما أنت، بضعفك قبل قوتك، وبفوضاك قبل نظامك، وبسقوطك قبل نجاحك. الحب الحقيقي لا يبدأ من نقطة المثالية، بل من لحظة القبول - حين يدرك الطرف الآخر أن جمالك ليس في اكتمالك، بل في تفاصيلك التي قد يراها العالم عيوبًا، بينما يراها هو ملامحك التي لا يملك أحد سواك.
الذين يحبونك بصدق، لا يطلبون منك أن تكون شخصًا آخر، ولا يضعونك في قوالب ضيقة كي تناسب توقعاتهم، بل يمنحونك الحرية لتكون أنت. الحب الصادق لا يعرف لغة “تغيّر من أجلي”، بل يعرف فقط كيف يحتضن روحك كما هي، وكيف يرى في كل ندبة حكاية تستحق الاحترام، وفي كل خوف إنسانية تستحق الأمان.
من يحبك حقًا سيجد ألف طريقة ليبقى، مليون حيلة ليحافظ عليك، وألف عذر يغفر به لحظات ضعفك. لن يتوقف عند زلة لسان أو تقصير عابر، لأنه يرى الصورة الكاملة، ويدرك أن العلاقة أكبر من التفاصيل الصغيرة. الحب الحقيقي ليس هروبًا عند أول خلاف، بل إصرار على البقاء رغم العواصف. ليس بحثًا عن المثالية فيك، بل صناعة المثالية في وجودك معًا.
الحب الذي يقوم على القبول، هو حب يمنحك الأمان… والأمان هو أسمى درجات الحب. حين تطمئن أن هذا الشخص لن يغادرك لأنك لم تكن كما توقع، وحين تدرك أن وجودك في حياته ليس مشروطًا بأن تؤدي دورًا معينًا أو تلبس قناعًا يرضيه. عندها فقط تشعر أنك محبوب فعلًا.
الحب المزيف قد يبهرك بالكلمات، لكن الحب الحقيقي يثبت نفسه بالفعل. المزيف يقول: “أحبك لأنك جميلة، لأنك ناجح، لأنك تضحكني”، بينما الحقيقي يقول: “أحبك… ببساطة لأنك أنت”. المزيف يرحل حين يتغير الظرف، أما الحقيقي فيبقى، لأنه لم يحب المظاهر بل الجوهر.
في زمن يُباع فيه الحب في جُمل محفوظة ورسائل متكررة، يصبح الحب الحقيقي ثورة هادئة… ثورة على السطحية، على الاستهلاك العاطفي، على العلاقات المؤقتة. إنه التزام طويل الأمد، وصبر، ورغبة في البناء لا في الهدم.
ربما يكون من السهل أن تقع في الحب، لكن الأصعب هو أن تحافظ عليه، أن تُجدّد اختياراتك كل يوم، وأن تقول في داخلك: “رغم كل شيء، ما زلت أراك أنتَ/أنتِ الشخص الذي أريد أن أستمر معه”. تلك الجملة البسيطة تختصر فلسفة الحب كلها: الاستمرارية رغم الاختلاف، والتمسك رغم العقبات.
فمن يحبك حقًا، سيحبك كما أنت… لا كما يريدك أن تكون. ومن يحبك حقًا، لن يخذلك حين يحتاج قلبك لمن يطمئنه، بل سيكون سندك حين تسقط، ورفيقك حين تنهض، وأول من يصفق لك حين تنجح. ومن يحبك حقًا، لن يتخلى عنك… لأنه ببساطة، حين اختارك، اختارك بكل ما فيك، وقرر أن يجد مليون طريقة ليحافظ عليك، لا مليون سبب ليرحل عنك. و في النهاية كل كلام الحب قد يختزل في جمله واحدة و هي - من يحبك حقا سيحبك كما انت و سيجد مليون طريقة ليحافظ بها عليك
اضف تعليقك على المقال