يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

جبر الخواطر في اليمن.. معجزة إنسانية

عبدالسلام الدباء

 

الكاتب : عبد السلام الدباء*

رغم كل ما مرّ به اليمن من أزمات وصراعات وانهيارات اقتصادية وضغوط معيشية خانقة، ما يزال الشعب اليمني يحتفظ بقيمة إنسانية عظيمة تسكن في عمق ثقافته وسلوكه اليومي، انها جبر الخواطر.. 
وهي ليست عادة موسمية ولا سلوكًا دعائيا، بل هي ممارسة يومية عند الكثيرين وتكاد تشبه الطقوس، فهي تنبع من وجدان شعبي يُؤمن أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن إحياء قلب مكسور أعظم من بناء قصر فخم.

في شوارع اليمن، ترى الكثير من القلوب المرهقة، ولكنك تراها أيضًا تُواسي بعضها البعض بصمت النبلاء.. رجل يُعطي فقيرا جزءا من رغيفه، امرأة تربت على كتف يتيم وتدعو له، شاب يشتري من بائع بسيط ليس لأنه بحاجة لما يبيعه، بل لأنه يشعر أن المال الذي في جيبه هو رسالة رحمة مؤقتة مرسلة إليه ليُوصلها لمن يحتاج.. إنه جبر الخواطر الذي لا يُشترى ولا يُباع، لكنه يزرع الطمأنينة ويُصلح ما تكسّر من داخل الإنسان.

ما يميز هذا السلوك في اليمن، أنه لا يُمارس من باب الفضل أو التكرّم، بل باعتباره واجباً أخلاقيا فطريا، كأن جينات الكرم والتكافل خُلقت فيهم منذ القدم، واستقرت كجزء من هويتهم.. حتى في أسوأ لحظات الانكسار، نجد من اليمنيين من يبتسم في وجه الآخر، فقط ليخفف عنه ثقل الحياة.. قد لا يملكون الكثير من المال، لكنهم يملكون وفرةً من القلوب النقية.

هذه الظاهرة ليست جديدة، فقد تناقلها الأجداد في الحكايات، وردّدوها في الأمثال الشعبية، وغرسوها في الأجيال قولًا وسلوكاً.. وهي اليوم لا تزال تحمي المجتمع من الانهيار التام، لأنها تحافظ على الروح الإنسانية في زمن تجردت فيه بعض المجتمعات من أبسط مظاهر التعاطف.. 

ومع كل ما يعيشه اليمن اليوم، قد نتساءل باندهاش: كيف ما زالت قلوب الناس تنبض بهذا القدر من الرحمة، وسط هذا الكم الهائل من الألم؟
___
*مستشار وزارة الشباب والرياضة

اضف تعليقك على المقال