يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

اعترافات سلطان السامعي... مؤشر على تفكك داخلي وضربات قاصمة داخل صفوف ميليشيا الحوثي

مصطفى المخلافي

 

الكاتب : مصطفى المخلافي 

في تصريح نادر وغير مسبوق من داخل الصفوف العليا للميليشيا الحوثية، أقر سلطان السامعي، عضو ما يُعرف بالمجلس السياسي الأعلى، بأن العاصمة صنعاء تعاني من اختراقات أمنية واستخباراتية خطيرة، مشيراً إلى أن الخطر المحدق أكبر مما واجهته إيران أو حزب الله في لبنان، في اعتراف ضمني بتفكك المنظومة الأمنية والسياسية للحوثيين.

ما يزيد من خطورة هذا التصريح هو تزامنه مع اتهامات مباشرة لقيادات عليا في الجماعة بنهب المال العام وتهريب مليارات الدولارات، وسط تفاقم معاناة المواطنين اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية، هذا التحول في خطاب أحد أركان الميليشيا يفتح الباب أمام تساؤلات كبيرة حول تفكك داخلي متسارع، وصراع خفي على النفوذ والموارد داخل الجماعة المسلحة.

كما أن تصريحات السامعي حول أن صنعاء مخترقة استخباراتياً، تشير إلى وجود تسريبات أمنية وعمليات تجسس ناجحة داخل الدوائر الحوثية، ربما تقف خلفها أجهزة استخبارات إقليمية أو دولية، كما أن الانعكاسات الميدانية لهذا الاختراق، تمثلت في ضربات جوية دقيقة للتحالف الدولي، وعمليات نوعية نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية في عمق صنعاء والتي استهدفت العديد من قيادات الصف الأول، إلى جانب اضطراب داخلي ناجم عن انعدام الثقة بين فصائل الميليشيا، وتزايد الشكوك حول اختراقات في الدوائر المغلقة.

هذا الاعتراف يُعد تمهيداً لمحاولة تحميل مسؤولية الفشل الأمني لأجنحة داخل الجماعة، في ظل تنافس شديد بين مراكز النفوذ، ويُفهم منه كذلك أن السامعي يحاول توجيه إنذار مبكر من انفجار داخلي قادم إذا لم يتم تدارك الأوضاع.

كما اتهم السامعي قيادات حوثية بتهريب ما يقارب 150 مليار دولار، وهو رقم ضخم يعكس وجود شبكات فساد منظم داخل الجماعة تسيطر على الإيرادات العامة، والجمارك، والمساعدات الدولية، كما يعبر عن تهريب الأموال إلى الخارج عبر شبكات مالية عابرة للحدود، وخاصة إلى لبنان وإيران وماليزيا وسلطنة عُمان، هذا يُظهر أن ما يُطلق عليه اقتصاد الحرب في اليمن بات متركزاً في يد حفنة من قادة ميليشيا الحوثي، ما يؤدي إلى غضب داخلي واسع حتى من داخل الجماعة.

سلطان السامعي لم يُعرف سابقاً بمواقفه المعارضة، مما يثير التساؤل، لماذا الآن؟ ولماذا بهذا الشكل؟ من المحتمل أيضاً أن يكون السبب تهميش السامعي داخل المجلس السياسي وتراجع نفوذه لصالح قيادات موالية لعبدالملك الحوثي، أو شعوره بأن مستقبل الجماعة مهدد داخلياً لا خارجياً فقط، نتيجة للفساد والانقسامات، كما يمكن تفسير تصريحه كمحاولة لركوب موجة الغضب الشعبي في تعز ومناطق جنوب اليمن، لا سيما بعد فرض الطائفية في الأذان واقتحام المساجد، أو كرد فعل على صراع مصالح داخل المجلس السياسي الأعلى بين أجنحة هاشمية وأخرى محسوبة على بعض الشخصيات الغير هاشميين مثله.

من المحتمل أيضاً أن يكون السامعي قد تلقى رسائل تهديد بإزاحته، فبادر إلى إطلاق هذه التصريحات العنيفة كنوع من ردع داخلي أو استباق لمحاولة تهميشه أو تصفيته سياسياً.

السامعي أشار أيضاً إلى حادثة اقتحام مسجد في منطقة الحوبان (تعز) وفرض صيغة أذان طائفية، معتبراً ذلك تصعيداً خطيراً يهدد بجر المنطقة إلى مربع الطائفية، هذه الحادثة تُظهر محاولة فرض الهوية المذهبية الجارودية بالقوة، وهو ما قد يؤدي إلى تمرد شعبي حتى داخل بيئة ميليشيا الحوثي.

كما أشار أيضاً إلى استغلال الدين لأغراض سياسية بات أداة حوثية معتادة، لكن استخدامها في مناطق حساسة طائفياً مثل تعز قد يؤدي إلى تمرد شعبي مسلح، وهذا ما يخشاه السامعي صراحة.

اعترافات سلطان السامعي لا يمكن النظر إليها كتصريحات عابرة، بل هي جرس إنذار من داخل الجماعة نفسها، يُظهر حجم التفكك والفساد والتناقضات، ومؤشر على صراع داخلي محتدم على السلطة والمال والنفوذ، وتعبير عن غضب شعبي بدأ يتسرب إلى الصفوف القيادية غير المرتبطة مباشرة بعائلة الحوثي الإرهابية.

وفي حال استمرت الضربات الأمنية وتعمق الانقسام الداخلي، فإن الجماعة قد تواجه أخطر مراحلها منذ الانقلاب عام 2014.

اضف تعليقك على المقال