الكاتب: ابو الفضل محمد اليافعي
يتعرض اليوم رجال الأعمال اليمنيون لحملة ممنهجة تتبعها حملات شارع عفوية وغير مدروسة تُحمّلهم مسؤولية ما يحدث من تقلبات في سعر الريال اليمني مقابل الدولار ، وسبب استمرار غلاء الأسعار رغم التحسن الطفيف لسعر الريال واصبح الاغلب يوجَّه أصابع الاتهام إليهم في كل نقاش اقتصادي أو إعلامي، بل ويعبا الشارع بانهم السبب في سوء الاحوال المعيشية التي وصل له الشعب اليمني ، بل ويعتبرونهم كأنهم أصل الأزمة، بينما الحقيقة أن هؤلاء التجار هم من تبقّى في ساحة اقتصاد ينهار، وأن رحيلهم قد يعني كارثة أعمق بكثير من مجرد فقدان رؤوس الأموال.
نزيف مستمر لرأس المال اليمني منذ عام ٢٠١٥م
خلال السنوات العشر الأخيرة، شهدت اليمن موجة نزوح واسعة لرجال الأعمال إلى الخارج، حملوا معهم مليارات الدولارات التي كان من الممكن أن تكون شريان حياة للاقتصاد الوطني. هؤلاء أسسوا مصانع ومشاريع ناجحة في دول الجوار، بينما ظل وطنهم الأم غارقًا في الفقر والبطالة وانهيار البنية التحتية.
هذه الظاهرة ليست مجرد انتقال للأموال، بل هي هجرة للخبرات والفرص؛ فمع كل رجل أعمال يغادر، تُغلق مصانع، وتُفقد مئات الوظائف، وتتعمّق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية.
بيئة طاردة بدلًا من أن تكون جاذبة
في الوقت الذي تتسابق فيه الدول على تقديم الحوافز والضمانات لتشجيع الاستثمار، نجد بيئة الأعمال في اليمن ما زالت طاردة، بسبب ممارسات ومضايقات سلطات الامر الواقع وابتزاز الكثير منهم مع انعدام البنية التحتية الأساسية للإستثمار كالكهرباء والطرق والموانئ.
بل إن بعض الإجراءات والقرارات التي تُتخذ أحيانًا دون دراسة تُضاعف المشكلة؛ حيث يُحمَّل التجار ما لا يحتملون من مسؤوليات ليست من صميم دورهم، فيُنظر إليهم باعتبارهم سببًا للأزمات، لا شركاء في حلّها.
الآثار المدمرة لرحيلهم
رحيل رجال الأعمال لا يعني فقط فقدان رؤوس الأموال، بل يؤدي إلى سلسلة من التداعيات:
_إغلاق أبواب الرزق لعشرات لألاف وربما لمئات آلاف الأسر العاملة معهم.
-ارتفاع معدلات البطالة وبالتالي تفاقم الأزمات الاجتماعية وزيادة معدلات الفقر والجريمة.
_انخفاض الدخل القومي وانكماش الدورة الاقتصادية الوطنية.
_هجرة الكفاءات المرافقة لهم، حيث يلتحق الموظفون والخبراء المتميزون بفرص العمل الجديدة خارج البلاد.
أولوية وطنية لا تحتمل التأجيل
اليمن اليوم أمام مفترق طرق مصيري: إما أن نتحرك سريعًا لإعادة الثقة لرجال الأعمال وحماية من تبقى منهم، أو أن نصحو قريبًا على واقع أكثر قسوة، حيث يغادر آخر من يملكون القدرة على تحريك الاقتصاد.
والخلاصة التي يجب أن بعرفها الجميع
ان رجال الأعمال ليسوا خصومًا ولا عبئًا على الوطن، بل هم أحد أعمدته الباقية. الحفاظ عليهم ليس خيارًا ثانويًا، بل ضرورة وجودية لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار الكامل.
فإذا استمر هذا النزيف، فلن نخسر الأموال فحسب، بل سنخسر معها فرص العمل، والاستقرار الاجتماعي، والأمل في مستقبل أفضل لليمنيين جميعًا.
اضف تعليقك على المقال