يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

سالم بن بريك رجل الارقام . لا الكلام

عمر الحار

 

الكاتب : عمر الحار 

هناك لحظات فاصلة في حياة وتاريخ الشعوب ، تتطلب قيادة استثنائية ، قيادة تتحلى بالصبر ، و الحكمة لادارة التوازن في الامور ، و تمتلك ما يكفي من الارادة و الجرأة  لكسر دوائرها المغلقة . 
وفي اليمن ، حيث تتشابك الأزمات السياسية و الاقتصادية والإنسانية تشابك خيوط العنكبوت ، برز اسم سالم بن بريك كواحد من أولئك القادة الافذاذ ، الذين لم يأتوا من خلفيات وكواليس السياسية ، بل من مدارس الإدارة الصامتة والدقيقة  التي تُحدث أثراً دون ضجيج .
لم يكن صعود سالم بن بريك إلى رئاسة الحكومة اليمنية ثمرة تحالفات سياسية طارئة أو شعارات شعبوية . بل نتيجة مسيرة مهنية متدرجة بدأت من أعماق الإدارة المالية للدولة . خلال سنوات تواجده في مؤسساتها . 
وعرف عن سالم بن بريك بانه رجل الارقام لا الكلام . فقد تدرّج في السلم الإداري المالي حتى أصبح اسماً صعب التجاوز في المشهد الاقتصادي اليمني ، إلى أن تم تكليفه بمهمة وزارة المالية في واحدة من أكثر مراحل اليمن تعقيداً واضطراباً .
تسلّم معاليه ، الوزارة وهي في عين عاصفة الازمة ، و تسلم رئاسة الحكومة ، و البلاد برمتها تواجه انهياراً اقتصادياً شاملاً . عملة متدهورة . عجزاً شبه كامل في الإيرادات العامة .  احتياجات إنسانية متزايدة و شعب يعيش فوق ركام الخدمات الأساسية . لم تكن مهمته سهلة ، بل كانت أقرب إلى إدارة دولة من داخل غرفة طوارئ مالية . لكنه لم يتعامل مع الوضع كمن يبحث عن النجاة الشخصية ، بل تصرف كخبير يدير معركة البقاء للدولة .
و من أبرز بصمات بن بريك أنه لم يركن إلى الدعم الدولي فقط ، بل شرع في إصلاحات داخلية ولو محدودة ، لكنها ذات تأثير واضح . أعاد ترتيب أولويات الإنفاق العام ، وضع ضوابط صارمة على التحويلات والإعفاءات ، وعمل على ترميم الثقة بالمؤسسات المالية التي أنهكتها الفوضى . تمكّن عبر أدواته الإدارية من تطويق الفساد في بعض منافذه الأكثر تأثيراً ، ونجح في إعادة جزء من العافية للجهاز الضريبي و الجمركي . لم تكن إنجازاته حبيسة الجداول والتقارير ، بل بدأ المواطن يلمس نتائجها بشكل تدريجي . تراجع سعر صرف الريال اليمني بعد سلسلة من الإجراءات النقدية والمالية ، منها ترشيد الإنفاق وتنسيق السياسات مع الجهات النقدية . لينعكس ذلك على استقرار نسبي في أسعار المواد الغذائية ، وهو ما شكّل متنفساً حقيقياً للمواطنين الذين طحنهم الغلاء لسنوات . هذه التحولات الصغيرة في ظاهرها ، الكبيرة في دلالتها ، هي ثمرة نهج هادئ و عقلاني ، لا شعبوي ولا انفعالي للرجل .
الميزة الأهم في شخصية رئيس الحكومة سالم بن بريك ليست فقط كونه رجل دولة ، بل هو رجل ادارة و مؤسسات . استفاد من خبراته المتراكمة في مجالاتها المتعددة الحقول المالية ، ونجح في ابتكار حلول محلية تستند إلى واقع اليمن ، لا إلى وصفات معلبة . سالم بن بريك رجل دولة و ادارة و اقتصاد يُمارس السياسة بعقل اقتصادي راجح  ، لا بخطاب  سياسيّ مالح .
فأن تتمكن من المحافظة على مؤسسات الدولة في زمن الحرب أمر بالغ الصعوبة ، أما أن تنجح في إحداث تقدم ، ولو نسبي ، في مؤشرات الاقتصاد ، فهو إنجاز يُحسب ، و لا يُنسى . لقد أدار سالم بن بريك الملف المالي لليمن في ظرف قابل للانفجار في وجه أي وزير أو مسؤول آخر . لكنه صمد ، وأدار ، وأعاد التوازن ، وفتح ثغرة في جدار الأزمة . ثغرة بدأ منها ضوء الأمل يتسلل إلى المواطن اليمني من جديد .
ومما تقدم يتضح بجلاء كبير بان دولة الرئيس سالم بن بريك رجل الارقام ، لا الكلام .

اضف تعليقك على المقال