الكاتب : فؤاد قاسم البرطي
لم تكن المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، التي جرت برعاية أمريكية .. سوى حلقة جديدة من مسلسل معقّد.. تتكرر فيه الأدوار والنتائج.. بينما تظل الأسئلة نفسها بلا إجابة.. فما الذي استفدناه كعرب ومسلمين من هذا التصعيد العسكري المفخخ بالرسائل؟ الجواب ببساطة: لا شيء يُذكر سوى أن الرسائل وصلت.. وبوضوح، إلى من كان يجب أن تصله..
الولايات المتحدة لم تتخلَّ عن إسرائيل.. كما لم تكن يومًا في وارد إضعاف إيران فعليًا.. رغم كل التصريحات والضغوط والعقوبات.. ما حدث في هذه “المواجهة المحدودة” هو إعادة إنتاج لمشهد محسوب.. أرادت واشنطن من خلاله إرسال إشارات استراتيجية إلى الإقليم بأكمله..
أولى هذه الرسائل: أن إسرائيل – الدولة المارقة – لا تزال تحت مظلة الحماية والضوء الأخضر الأمريكي.. وتملك حرية التحرك لضرب أهدافها متى شاءت..وأينما شاءت..وبالطريقة التي تراها مناسبة..دون أدنى اعتبار لردود الفعل الدولية أو الإقليمية..
في المقابل.. أُتيح لإيران إظهار عضلاتها الصاروخية..ليس لإضعاف العدو.. بل لإقناع الإقليم – وبالذات دول الشرق الأوسط والخليج – أن لديها من القدرة ما يؤهلها لضرب العمق الإسرائيلي.. حتى لو كانت الأهداف محصّنة تحت نظام “القبة الحديدية”.. إنها حرب استعراض متبادل للقوة..ضمن حدود مرسومة سلفًا..
المفارقة أن هذه الرسائل لم تكن موجهة بالأساس لا لإيران ولا لإسرائيل.. بل لدول الجوار العربي: مصر، سوريا، الأردن.. وتركيا، وحتى دول الخليج.. وكل من يظن نفسه “خارج المعادلة” تلقى تحذيرًا مبطنًا مفاده: “اللعبة أكبر منكم.. ومصيركم مرهون بغيركم”!!
أما الرسالة الأكثر مباشرة..فكانت مُخصصة للخليجيين تحديدًا: أنتم تملكون الثروات.. لكنكم لا تملكون وسائل الدفاع عن أنفسكم.. والحل الوحيد – كما توحي به هذه المعركة العسكرية – هو الارتماء في أحضان واشنطن.. والاعتماد على منظوماتها الدفاعية باهظة الثمن..التي لن تعمل إلا عند الحاجة الأميركية وليس عند الحاجة الخليجية..
فهل وصلت الرسالة؟
هل قرأ العرب والدول الإسلامية هذا السيناريو كما يجب؟
أم أننا – كالعادة – سننتظر حلقة أخرى، بدماء جديدة.. ودمار جديد، بينما نظل نحن الجمهور الدائم في مسرحية لا نملك فيها لا النص.. ولا الكلمة.. ولا حتى المقعد المريح؟
اضف تعليقك على المقال