يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الرزق… بين السعي والسكينة

أشرف محمدين

 

الكاتب : أشرف محمدين 

الرزق… تلك الكلمة التي تلامس أرواحنا قبل أن تصل إلى آذاننا، وتثير فينا مزيجًا من القلق والأمل، من الترقب والرضا.
كلنا نبحث عن الرزق، ونسعى إليه، وندعو الله به، لكن كم منّا يدرك حقيقته؟ وكم منّا ينظر إليه نظرة شاملة لا تختصره في المال فقط؟

الرزق أوسع من أن يُختزل في النقود.
هو الهواء الذي نتنفسه، والصحة التي نحيا بها، هو الحب الذي يغمرنا من أهل وأصدقاء، هو الطمأنينة في قلبٍ لا يعرف الحقد، والرضا في نفسٍ لا تعرف الحسد.
قد يُفتح لك باب رزق لا علاقة له بالحسابات البنكية، بل بابتسامة تُسعد قلبك، أو فرصة تُبدّل مصيرك، أو حتى شخص يدخل حياتك ليمنحها معنى.

الرزق قد يأتيك على هيئة استجابة دعاءٍ قديم، نسيته أنت ولم ينسه الله.
أو على هيئة حلّ لمشكلة كنت تراها مستحيلة، فينقذك الله منها بلُطف لا يُرى، ورحمة لا تُوصف.
الرزق ليس فقط ما نطلبه، بل أحيانًا ما يُصرف عنا من بلاء كاد أن يكسرك، ولم يحدث.

والرزق لا يُقاس بالكثرة بل بالبركة.
كم من غنيّ يمتلك الملايين ولا يعرف للنوم طعمًا، وكم من بسيط يعيش بالكفاف لكنه لا ينام إلا وقلبه مطمئن، ونفسه راضية.
البركة هي السرّ الذي يجعل القليل كثيرًا، ويجعل النعمة تدوم، ويجعل النفس ترى الخير حتى في البلاء.
هي لمسة خفية من الله تجعل كل شيء يبدو كافياً، ولو كان في أعين الناس قليلاً.

والرزق لا يُؤخذ، بل يُقسم.
ما قُدّر لك سيصل إليك، حتى لو تأخر، وحتى لو سار طريقك عكس الاتجاه.
يقول الله تعالى: “وفي السماء رزقكم وما توعدون.”
تأمل هذا الوعد السماوي… رزقك مكتوب، محفوظ، لا يُمكن أن يأخذه غيرك، ولا يُمكن أن تمنعه قوة في الأرض إذا أراده الله لك.

أحيانًا نتألم من تأخُّر ما نظن أنه “رزق”، ثم نكتشف بعد وقت أن الله كان يحمينا من شيء، أو يدّخر لنا ما هو أنسب.
فالرزق لا يأتي فقط في الموعد الذي نريده، بل في التوقيت الذي يُناسبنا، حتى لو لم نفهم ذلك في البداية.

لكن الرزق لا يأتي للقاعد، بل للساعي.
التوكل لا يعني التواكل.
أن تثق بأن رزقك مكتوب لا يُعفيك من السعي، من الاجتهاد، من أن تستيقظ كل صباح وأنت مؤمن أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
وقد يكون سعيك بابًا لرزق لم تحسبه، فربّ سعيٍ في اتجاه واحد يفتح لك أبوابًا في اتجاهات لم تكن في حسبانك.

والسعي لا يعني اللهاث… بل يعني النية الطيبة، والخطوة الصادقة، والعمل المحترف، مع يقين داخلي أن الله يُدبّر الأمور على نحوٍ أوسع من تصوراتنا المحدودة.

الرزق في الأشخاص أيضًا.
قد يكون أعظم رزقك في إنسان يحبك، يقدّرك، يحنو عليك، يقف إلى جانبك في صمت، ويسندك حين تميل.
الأب رزق، والأم رزق، والأبناء رزق، والصديق الصادق رزق.
وأحيانًا… رزقك الحقيقي هو شخص واحد فقط، يجعل كل ما عداه سهلًا، ويُشعرك أن الحياة تستحق.

وهناك أرواح يُرسلها الله إلينا في التوقيت الذي نحتاج فيه إلى ضوء، إلى دفء، إلى كتفٍ نرتاح عليه… هؤلاء ليسوا مصادفة، بل رزق نقيّ جاء بإرادة سماوية.

والأهم من كل شيء… أن الرزق الحقيقي هو راحة البال.
هي أجمل ما قد يُرزق به الإنسان في هذا الزمن المتسارع المتوتر.
أن تنام وأنت مطمئن، وتستيقظ وأنت راضٍ، لا تحمل في قلبك ضغينة، ولا في عقلك فوضى.
هذا هو الرزق الذي لا يُشترى، ولا يُقايض.
وقد تُدرك متأخرًا أن أجمل المكاسب كانت في القلوب الهادئة، وفي الضمائر المستقرة، لا في الأرقام ولا في العقارات.

و في النهاية
الرزق ليس ما نملكه في الجيب، بل ما نملكه في القلب.
هو ما يمنحنا القدرة على مواجهة الأيام، ويجعلنا نبتسم في وجه الحياة رغم قسوتها.
فاسعَ يا صديقي، واعمل، واملأ قلبك بالإيمان، ولكن لا تنسَ أن ترضى. و كن علي يقين انه لن يستطيع احد علي وجه الأرض ان يمنع رزقا مكتوبا لك و لا يعطيك رزقك ليس مكتوبا لك 
لأن الرضا… هو أول أبواب الرزق، وأعمقها.
والرزق الحقيقي… لا يُقاس بما نملك، بل بما نشعر.               و طالما الرزق مقسوم و القدر محسوم و الدنيا لن تدوم . فاهدأ بالا و اتقي الله و ارضي و تسامح و ابتسم و كفي

اضف تعليقك على المقال