الكاتب : أشرف محمدين
كل عام وأنتم بخير، وعيد سعيد عليكم جميعًا، إلا أن هناك شيئًا واحدًا قد يعكر صفو هذا العيد المبارك، ليس ارتفاع أسعار الكحك، ولا حتى الازدحام أمام الجزارين، بل الحدث الأبرز في كل بيت مصري محترم… خناقة أول يوم العيد!
نعم يا سادة، هذا التقليد السنوي الذي لا يميز بين كبير وصغير، متزوج حديثًا أو قديمًا، ساكن في القاهرة أو في الأقاليم. البعض يرى أن هذا الحدث ليس مجرد مصادفة متكررة، بل هو حتمية كونية يجب أن تحدث، مثل شروق الشمس أو زحمة المترو في الصباح.
المشهد الافتتاحي: صباح العيد… ومقدمات الحرب!
يبدأ اليوم ببدايات وردية… الاستيقاظ مبكرًا، تكبيرات العيد في الخلفية، العطور الجديدة التي تم شراؤها خصيصًا للمناسبة، ومظاهر الفرح تعم الأجواء. ولكن لا تخدعكم هذه البداية الحالمة، فالعيد كالهدنة السياسية… لا تدوم طويلًا!
أول بوادر الأزمة تظهر عندما يقرر أحد الأطراف المبيت قليلًا بعد صلاة الفجر، لتأتي الزوجة – أو الأم – لتوقظه بكلمات تحمل نغمة ودودة مشحونة بطاقة بركانية:
“إنت نايم ليه؟ مش هتصلي العيد؟!”
وهنا تبدأ المفاوضات غير المباشرة، حيث يرد النائم بصوت مخنوق:
“هاقوم بعد دقيقة…”
وتمر الدقيقة… لتتحول إلى ساعة… لتتحول إلى انفجار!
“هنروح لماما الأول ولا مامتك؟”… بداية المعركة الحقيقية
هنا نصل إلى النقطة الساخنة في أحداث اليوم. فبعد الصلاة، تبدأ معركة تحديد الوجهة الأولى للزيارات العائلية.
• الزوج يقول بثقة زائدة: “أكيد هنروح لأهلي الأول، عادي يعني!”
• فترد الزوجة بابتسامة صفراء: “عادي؟!! ليه بقى؟ احنا كل سنة بنروح لمامتك الأول!”
• الزوج: “لا مش كل سنة، السنة اللي فاتت روحنا لمامتك!”
• الزوجة: “ده كان عشان بابا كان تعبان!”
• الزوج (بصوت منخفض وهو يتذكر أيام العزوبية الذهبية): “طيب ما تيجي نروح كل واحد لأهله وخلاص…”
وهنا تدخل “هيئة التحكيم العائلية”، وهي في العادة تتكون من إحدى الأمهات أو الخالة الكبرى، التي تحسم الصراع بقرار قطعي غير قابل للاستئناف، مع تعليق مثل:
“بطلوا بقى قرف كل سنة، خلوا العيد يعدي على خير!”
القشة التي تقصم ظهر الكحك
بعد حل أزمة الزيارات (مؤقتًا)، يتجه الجميع نحو الهدف الحقيقي لليوم: الطعام. وهنا تأتي اللحظة الحاسمة عندما تكتشف الزوجة أن الكحك الذي خبأته بعناية في المطبخ قد تعرض لعملية اختفاء غامضة. تبدأ التحقيقات، ويبدأ الاستجواب:
الزوجة (بنبرة بوليسية): “مين اللي واكل الكحك اللي كنت شايله؟”
الزوج (مترددًا): “إنتي أكيد نسيتي مكانه… يمكن العيال أخدوه!”
الأطفال (بعيون بريئة تمامًا): “إحنا ما شفناش حاجة يا ماما!”
وتستمر التحقيقات حتى يتم العثور على الفاعل… وعادة ما يكون الزوج، الذي يُجبر على الاعتراف تحت ضغط نظرات الاتهام، فيرد بعبارة خالدة: “ما هو معمول للأكل مش للفرجة!”
العيدية.. فلوس أم تعويضات حرب؟
ثم تأتي اللحظة التي يظن الجميع فيها أن السلام قد حل، ولكن هيهات! الأطفال يهاجمون الآباء والأجداد بعبارة موحدة:
“عيديتي فين؟!”
وهنا تبدأ محاولة الالتفاف على الموقف:
• الأب: “ما خدتش العيدية من أمك؟”
• الأم: “أنا بقول كده برضه، بس أنا كنت فاكراك انت اللي هتجيبها!”
• الجد: “ما شاء الله كبروا… المفروض هما اللي يعيدوا علينا بقى!”
وأمام نظرات الأطفال القاتلة، يتم توزيع الأموال كتعويضات سريعة عن كل ما سبق، لينتهي اليوم بأقل الخسائر الممكنة.
السوال الذي يتبادر إلي الأذهان : هل يمكن إنهاء خناقة أول يوم العيد؟
في الحقيقة، الإجابة لا. فهي مثل شرب الشاي بالنعناع بعد الغداء، مثل الزحام في الطرق ليلة العيد، مثل البحث عن فردة الشراب المفقودة صباحًا… إنها جزء من تقاليدنا، ومن تراثنا الثقافي، وعلينا أن نفخر بها كما نفخر بالكحك والفتة.
لذا، إذا كنت قد خضت “الخناقة السنوية”، فاعلم أنك لست وحدك… وإن لم تخضها بعد، فاستعد لها، فهي قادمة لا محالة!
كل سنة وأنتم طيبين… والعيد اللي جاي إن شاء الله نخانق بحب شوية!”
اضف تعليقك على المقال