الكاتب : أشرف محمدين
لعبة كرة القدم في مصر ليست مجرد لعبة، بل هي فوهة بركان قابلة للانفجار في أي لحظة. كل جمهور يعتقد أن فريقه هو الممثل الوحيد للشرف والتاريخ والعراقة، وكل هزيمة تعني نهاية الكون!
لنبدأ في الحديث عن ظاهرة التعصب الكروي كأنها أمرٌ طبيعي، فالكل يعرف أن حياتك لا تكتمل إلا إذا كنت مُلَزّماً بالوقوف وراء فريق معين، ولو أخرجت ورقة امتحانك مع اسم فريقك المفضل، فقد تحصل على درجات إضافية! لو حدثت حادثة على الطريق وكان سائق السيارة يشجع الفريق المنافس، فاعلم أنه ليس مجرد حادث، بل مؤامرة كاملة لإفساد يومك.
الظاهرة بدأت كأنها دعابة صغيرة بين الأصدقاء، لكن مع مرور الوقت، أخذت منحنى دراماتيكياً: الـ”ألتراس” أصبحوا هم الأبطال، وهم من يُقرّون ما هو الصواب وما هو الخطأ في عالم الكرة. أصبحت المباراة أكثر من مجرد تسعين دقيقة على أرض الملعب، بل هي معركة حياة أو موت! فكل هدف يدخل مرمى الفريق المنافس يُعتبر هزيمة للقيم، وكل فوز يعني أن المستقبل أصبح أكثر إشراقاً.
لكن الأكثر إثارة للدهشة هو كيف تتحول كرة القدم إلى قضية وطنية. فهل تعلم أن بعض الجماهير ترى أن فوز فريقهم هو تجسيد لمفاهيم الكبرياء المصري؟ نعم، لقد وصلنا إلى مرحلة أن هناك من يعتقد أن هزيمة فريقه تعني تقليص مساحة مصر الجغرافية في العالم!
وفي هذا السياق، لا يمكننا أن نغفل عن “التحليل الكروي” على مواقع التواصل الاجتماعي. فكل شخص أصبح خبيراً عظيمًا، فالمغردون الذين ليس لهم أي خلفية كروية يمكنهم تحديد كيف كان يجب أن يلعب الفريق، بل وكيف يمكنهم بناء تشكيلات متوازنة بين قطاعات الدولة المختلفة بناءً على تشكيلات الفرق في الدوري. إذا كنت مشجعاً مخلصاً، يجب أن تتابع كل مباراة وأنت مسلح بمئات التحليلات التي لا تنتهي، وأنت على استعداد للقتال ليلًا ونهارًا دفاعًا عن تاريخ فريقك في موقعه على الإنترنت.
وبالطبع، لا ننسى صراع الألفية بين الأهلي والزمالك. هذا الصراع الذي تجاوز كل حدود المنطق، ليصبح قضية حياة أو موت. ليس المهم كم عدد الكؤوس التي فاز بها الفريق، بل الأهم هو كيف يتعامل جمهور الفريقين مع أي فوز أو هزيمة كأنها نتيجة انتخابات رئاسية.
وفي النهاية، يبقى التعصب الكروي في مصر ظاهرة لا يمكن تجاهلها، فهي أكثر من مجرد كرة قدم. هي عُنوان الصراع المستمر بين الأجيال، هي لحظة الإحساس بالهوية، هي بكل بساطة الطريقة التي يختار فيها المصريون التعبير عن أنفسهم، حتى وإن كان ذلك بطريقة قد تثير الضحك أحياناً
اضف تعليقك على المقال