يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الحياة صراع: التفاؤل سلاح العقلانية

شعيب الاحمدي


 
الكاتب: شعيب الأحمدي 

تعلمت من الشدائد الصبر الجميل، ومن اليأس الأمل المجيد، ومن الحزن الاختيار السديد، ومن الألم الكتابة، ومن القراءة التعاطف مع الآخرين. هذه قراءتي المتواضعة لسيرة الكاتب الصحافي المصري محمد أبو الغيط، المعنونة:  "أنا قادم أيها الضوء".  

هذا ثالث كتاب أقرؤه في مجال السيرة الذاتية، لكنها المرة الأولى التي أقرأ فيها قصة بكل ذهول واندهاش.  سأذكر لكم أهمّ النقاط الرئيسية، دون التطرق إلى التفاصيل الفرعية بشكل عميق.   

سيرة أبو الغيط مكونة من 314 صفحة، مليئة بالحب والأمل، التفاؤل والعمل، التحدي والمواجهة، الصبر والتجارب. في هذا الكتاب، يتحدث أبو الغيط عن صراعه مع مرض السرطان، المرض الأكثر انتشارًا ومخيفًا في العالم، كيف كانت المواجهة منذ لحظة تشخيصه بالمرض؟. كيف استقبله؟ وكيف تعايش معه؟. وخلاصة القول أن لا شيء قادر على هزيمتي في هذا الصراع وأنا أحمل سلاح العقلانية. 

 تحدث الكاتب عن تجارب المرضى: كيف عاشوها؟.  تارة ينتصر أحدهم على المرض، وتارة آخرى يرحل. بعضهم يرى ضوء السعادة بعد أن كان في ظلمة اليأس من مرض أرعب البشرية، عجز عن الأطباء، وتعافى منه أصحاب العزائم، يقول: "رضينا بالهم والهم مش راضي بنا، ضحك كالبكاء اللائق بمصيبة تتضخم".

  وذكر بعض الدراسات الأجنبيّة التي تناولت السرطان ومخاوفة، في هذا العالم المزدحم بالفيروسات. لكن أكثر ما سلط عليه الضوء الجانب الروحي، من ضمير وإيمان يتربى عليه الإنسان أو يحافظ عليها خلال نشأته بين كل هذا الكم الهائل من الهُراء السياسيّ والاقتصادي.

1- الإيمان

في هذا الزمان، نحنُ بحاجة إلى الضوء، ليس ذاك الذي يتسلل من النوافذ المجاورة، بل الضوء ذاك الذي يسكن في هذه المنطقة المظلمة -القلب- باسم آخر: إنه الإيمان بالذات، والثقة بأن ما يعجز  عنه الخلق لا يعجز الخالق.

 الضوء الذي رافق أبو الغيط كان إيمانه بصوره المختلفة: أمل وتفاؤل وصبر وكفاح. لذلك يجب ألا نفقد إيماننا بذواتنا وانتصارنا على هذه الأيام التي تمر بنا ولا نمُر بها. 

2-     الصداقة

حينما كان أبو الغيط يشعر بدوامة الموت واليأس بعد أن قرأ عدد الوفيات لمن هم في مثل حالته، تسلل إليه الخوف والوهم. تخيل زوجته التي أحبها ورافقته، في حياته، قد تزوجت رجلًا آخر بعد رحيله، والأصدقاء يكتبون النعي ويذرفون الدموع، وابنه يقف يتيمًا فوق جنازته، لكن حينها، ظهر د. حسام؛ أحد الأطباء المصريين المختصين بالسرطان، ليغير الفكرة ويساعده على التخلص من هذا الوهم.  وصف أبو الغيط هذا اللقاء، بقوله: أخرج من جعبته أسلحة جديدة للتفاؤل العقلاني: هذا ما نسميه جرعة أمل إضافية للحياة. ص43.
كثيرًا ما ننجو من المخاوف المدمرة بفضل حيل الآخرين التي يفتعلونها من أجلنا. الصداقة التي لا تنجينا من الغرق، مثل سفينة متهالكة توشك على الغرق، وعندها جيب أن تسبح وحدك. وإذا كنت لا تجيد السباحة في بحر الحياة الهائج، ستغرق و أبو الغيط كان سباحًا متفائلًا.

 3- الحب 

إذا لم يهذبك الحب، فلن يهذبك شيئًا غيره!. 
الحب عدو الألم، وإسراء (زوجة الكاتب) هي البطل الحقيقي في هذه المرحلة، كانت الجندي الذي تصدر الصفوف لمواجهة المرض، بقوةٍ ووعيٍ بأهمية التغلب على الظروف بأقل الخسائر المادية، والنفسية، والروحية.
حينما كانت تأتي نتائج الفحوصات مخيفةً، لم تكن إسراء تبكي أو تضعف، بل كانت تجرّه إلى مشاهدة فيلم، أو تحكي له نكتة تخرجه من دوامة اليأس.
يختم أبو الغيط بقوله: لم أرَ وسيلةً أفضل لتوليد الرحمة من أن يحاول كلٌّ منا فهم آلام الآخر، وأن يضع نفسه مكانه.

اضف تعليقك على المقال