يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

ما زالت بوصلتهم نحو النصر..

عبدالسلام الدباء

 

الكاتب : عبد السلام الدباء*

شهدت الساحة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023 انطلاقة لعملية "طوفان الأقصى"، والتي جسدت تحولاً جديدًا في مسار المقاومة الفلسطينية، فلم تكن هذه العملية مجرد حدث عابر؛ بل كانت نقطة فاصلة أعادت تسليط الضوء على قضية فلسطين وفتحت آفاقاً جديدة للنضال ضد الاحتلال، فق اثبت من خلالها الشعب الفلسطيني قدرته على قلب الموازين، متحديًا كل الظروف الصعبة والتحديات السياسية والعسكرية التي تحيط به.. وبالمثل فقد كشفت هذه العملية عن قوة التضامن بين شعوب العالم العربي والإسلامي وعمقه، مما أضفى مزيداً من الزخم على القضية الفلسطينية في الساحة الدولية.

واليوم وبعد عام من انطلاق هذه العملية، فإن السياسات الإسرائيلية باتت في الفترة الأخيرة تواجه تعثرًا واضحًا، حيث اصبح الاحتلال يفقد مبررات بقائة عند الغرب تدريجيًا نتيجة للضغوط المتزايدة من المجتمع الدولي، بالإضافة إلى أن هذه التحديات السياسية قد أظهرت بأن المقاومة الفلسطينية، رغم القمع المستمر والاحتلال الجائر، تظل خياراً استراتيجياً له ثقله المتزايد في مواجهة الاحتلال، وهو ما يبشر بتغييرات جذرية قد تقود إلى تراجع الاحتلال وزواله عما قريب.

والآن بعد عام من طوفان الاقصى، فإن القدس مازالت وسوف تظل بمثابة البوصلة لكل من ينشد الحرية والعدالة، فقد لقد رسمت عملية "طوفان الأقصى" ملامح جديدة للصمود الفلسطيني، عندما استطاع الشعب الفلسطيني أن يعيد تشكيل الواقع السياسي في المنطقة وان يعبر عن إرادة شعب لا يقهر، صامد أمام التهديدات اليومية والحرمان من الحقوق الأساسية.

 إن عملية طوفان الاقصى هي أكثر من مجرد رد فعل، بل تعبير واضح عن وعي الفلسطينيين بأهمية معركتهم من أجل الحرية والكرامة.. وان هذه العمليات تتجاوز حدود الميدان، فهي تترافق مع حالة من التضامن العربي والإسلامي العالمي الذي يجري التعبير عنه في العديد من المظاهرات الشعبية والوقفات الاحتجاجية، والبيانات الرسمية الصادرة عن العديد من الدول العربية والإسلامية ودول العالم الحرة والتي تؤكد أن القضية الفلسطينية ليست قضية فلسطينية فحسب، بل هي قضية تهم كل العرب والمسلمين وكل الاحرار حول العالم. 

لقد بات العالم يدر اليوم بعد الـ 7 من اكتوبر بان ما يحدث اليوم في فلسطين يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار في المنطقة ككل، وأن لا حل لهذه القضية إلا بنيل الشعب الفلسطيني لكافة حقوقة العادلة والمشروعة، وهكذا، نجد أن قضية فلسطين قد عادت مجدداً إلى مركز الاهتمام العربي والإسلامي والدولي.

لقد تزايدت اليوم الضغوط الدولية على الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير، ونتيجة لذلك فقد بدأت السياسات الإسرائيلية تتعثر وتفقد زخمها، وخصوصاً مع ازدياد الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وهو ماجعل المجتمع الدولي اليوم أكثر وعياً بمظالم الفلسطينيين، فصاعدت الأصوات الدولية المطالبة بإعادة النظر في مواقف وتصرفات دولة الاحتلال، وهذا التحول الدولي لا يعكس فقط تغيراً في المواقف السياسية، بل يعزز شرعية المقاومة الفلسطينية كخيار استراتيجي.. فالمجتمع الدولي بدأ يدرك أن الاحتلال لم يعد يشكل خطراً على الفلسطينيين فحسب، بل بات عبئاً يهدد استقرار المنطقة بأسرها.

وفي ظل هذا الواقع، فقد أصبح جلياً بأن المقاومة الفلسطينية تشهد نهضة متجددة، فبعد سنوات من القمع والمحاولات المتكررة لإسكات الصوت الفلسطيني، يظهر أن المقاومة كخيار استراتيجي بات أكثر جذبًا للكثير من الفلسطينيين، وهذا الخيار لا يعبر فقط عن رغبة في التحرير، بل يعكس تصميماً على تغيير معادلة القوة في المنطقة بشكل جذري، وقد يؤدي هذا التغير إلى الزوال تدريجي للاحتلال إن شاء الله.

لقد أصبحت القدس بعد عملية طوفان الأقصى هي البوصلة التي تهدي جميع الأحرار في العالم.. فهي ليست مجرد مدينة ذات مكانة تاريخية ودينية، بل تمثل رمزًا عالمياً للحرية والمقاومة، ولقد بات الفلسطينيون على مقربة من تحقيق حلم تحرير القدس وعودتها موحدة كما كانت مدينة للسلام، ومدينة بلا احتلال ولا تمييز، وهذا الحلم لا يقتصر على الفلسطينيين وحدهم، بل يشمل كل من يؤمن بالحرية والعدالة حول العالم. 

إن الأمل بتحرير القدس قد احيا الروح النضالية عند جميع الفليطينيين، وهذا الامل هو ما يدفع الشعوب العربية والإسلامية للاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال، سعياً نحو تحقيق العدالة والمساواة التي حرم منها الفلسطينون طوال العقود الماضية.

في الختام، تظل قضية فلسطين قضية مركزية ليست فقط للعرب والمسلمين، بل لكل الأحرار في العالم، وإن عملية "طوفان الأقصى" لم تكن سوى بداية لمرحلة جديدة على طريق تحري الاقصى والقدس وكل فلسطين، وانها مرحلة تحمل في طياتها المزيد من الأمل في التحرر والنصر في القريب العاجل باذن الله.
_______
* مستشار وزارة الشباب والرياضة اليمنية

اضف تعليقك على المقال