الكاتب : عبدالسلام الدباء
على ربوة شامخة إلى الغرب من العاصمة صنعاء، وعلى قمة جبل عصر وعلى طريق صنعاء _ الحديدة، يرتفع التذكار المصري شامخًا كشاهد حيّ على عظمة ثورة 26 سبتمبر 1962م.. هذا النصب التذكاري الذي وضع حجر أساسه الشهيد إبراهيم الحمدي عام 1974م، ليس مجرد نصب حجري، بل رمزاً خالداً يجسّد أسمى معاني التضحية والتضامن العربي؛ إذ يروي قصة الإخاء العربي الذي جمع بين أبناء اليمن وأبناء مصر العروبة في أوقات الشدائد، حيث اختلطت دماء الأحرار المصريين مع إخوانهم اليمنيين في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر ومبادئها..
لقد أتى هذا التذكار ليخلّد ذكرى الشهداء المصريين الذين شاركوا في الكفاح من أجل تحرير اليمن من قيود النظام الإمامي المستبد.. لقد لعبت مصر دوراً بارزاً في دعم الثورة اليمنية سياسياً وعسكرياً، حيث أرسلت الآلاف من جنودها وضباطها ليقفوا جنباً إلى جنب مع أحرار اليمن، مدافعين عن حق هذا البلد في الحرية والكرامة.. لم تكن هذه المشاركة المصرية مجرد خطوة عابرة، بل كانت تعبيراً عن روح القومية العربية التي جسَّدت وحدة المصير بين الدول العربية..
يُعتبر التذكار المصري في صنعاء واحداً من المعالم التاريخية المهمة التي تذكّرنا بتلك الحقبة المجيدة من تاريخ اليمن.. إنه رمز خالد لروح الشجاعة والتضحية، ويمثل امتداداً للعلاقات العميقة التي تجمع بين اليمن ومصر.. فعندما ننظر إلى هذا النصب، نرى فيه أكثر من مجرد شاهد على التاريخ؛ نراه تعبيراً عن الامتنان والتقدير للأرواح التي بُذلت من أجل حرية اليمن وتحرره من الاستبداد والظلم..
كان دور مصر في دعم الثورة اليمنية لا يقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل شمل أيضاً الدعم المعنوي والسياسي؛ فثورة 26 سبتمبر لم تكن مجرد ثورة ضد حكم إمامي متسلّط، بل كانت جزءاً من حراك عربي أوسع يسعى إلى التحرر من الهيمنة الخارجية والأنظمة الاستبدادية التي كانت تعرقل تطور الشعوب العربية.. ومن هنا جاء التذكار المصري ليجسّد هذا البُعْد القومي الثوري، وليبقى شاهداً على تلك التضحيات التي قدمتها مصر وأبناؤها من أجل حرية اليمن..
وفي كل عام، عندما تحل ذكرى ثورة 26 سبتمبر، تتوجه الأنظار إلى التذكار المصري بتقدير وفخر.. نقف أمامه لنتذكر كيف سطَّرت دماء الشهداء المصريين واليمنيين صفحة جديدة في تاريخ اليمن الحديث، صفحة من الكفاح والتضحية والتضامن العربي.. يظل هذا التذكار رمزاً خالداً للعلاقات الأخوية بين اليمن ومصر، وشاهداً على عَظَمة الثورة اليمنية التي حررت البلاد من عهود الظلم والاستبداد، ليبقى هذا النصب صرحاً يروي قصة شجاعة ووفاء لا تُنسى.
* مستشار وزارة الشباب والرياضة
اضف تعليقك على المقال