ارسال بالايميل :
2739
الكاتب : شعيب الأحمدي
قراءة في رواية "شبابة السبع" لروائي والكاتب اليمني محمد نجيب الحطوار، عمرها 300 صفحة ممتدة ومدهشة بأبسط التفاصيل الصغيرة والكبيرة، للحقيقة ما إن تقرأ الرواية أول مرة وتتجاوز قراءة مائة ورقة، ستقول في نفسك:
-"لماذا أتعب نفسه الكاتب لأن يكتب كل هذه الصفحات المجهولة، التي تحتاج إلا تركيز قد ترهق القارئ؟".
لكن ما أن تعود لتقرأها من جديد ستجد أن الكاتب أبدع في جعل القارئ المفوه أن يعيش قصص الواقع بمخيلة ذكية ومفكرة، وقد يستلهم أفكار لكتابة رواية أخرى من عمق تلك الأحداث الاجتماعية والمعيشية التي يمر بها اليمنيون اليوم. بالنسبة لي أصفها من الروايات اليمنية الجميلة في الوقت الحالي كون الرواية اليمنية في حالة ركود، كونها تعد وثيقة أدبية واجتماعيّة وسياسية، وثقت كل ما نمر به من منعطفات مختلفة ومرهقة، في ظل هذه الظروف. هذا مستخلص بسيط من القراءة.
في رواية شبابة ذكر الكاتب أهم القصص الاجتماعيّة التي ما زالت تعيش فيها القُرى والأرياف اليمنية، "الفتوت، السمن البلدي، البقر" وأشياء كثيرة قد يظنها القارئ اليوم تفاصيل مملة، لكنها للحقيقة تفاصيل سيأمل الأجيال القادمة لو كتب الحطوار 600 ورقة على الأقل لكل هذه التفاصيل، قرأت الرواية مرتين وسأعيد الثالثة لأني أبحث في هذه السردية الواقعيّة حياتنا الماضية الذي نفقدها في ظل هذا التسلط العدواني للكهنوت، ومستقبل التحرر من كل المغالطات الهوجا.
في الجزء الأول ذكر الحقبة الزمنية اليمنية في عامي "2011م عهد ثورة الشباب الذي كان والد شبابة أحد الثوار، و 2015" العام البائس واللعنة الكبرى التي أصابت اليمنيين بعد الانقلاب الغامض الصادم، صور الروائي معاناته ومعاناة كل يمني في مناطق جماعة الحوثي، حيثُ ذكر قصته عندما سافر من القرية إلى المدينة، وأوقفه "أبو تراب" ببدلته المتسخة في النقطة بسبب اللحية السوداء، ونعته "أنت داعـ ـشي، مطوع زنوة" وصفعة على وجهه.
إن أثقل ما يمكن أن يعيشه القارئ والكاتب بعد عشر سنوات من الحرب، رغم أنه عاش تلك التفاصيل آنذاك، هو أن يعيش في واقع الرواية اليوم تلك الذكريات والأحداث خاصة عهد الثورة والأحلام الوردية، ويراقب الحاضر يمر كل يوم من أمامنا بألم وحنين، كأننا هنا في منفى الوطن، غرباء في بلادنا الذي لم يغير واقعها شيء، أنه أمر ثقيل أن تقرأ ما حدث لك بالسابق ويحدث للأخرين الآن، تعيش الخوف الذي قد فات، مع ذلك تجدد الاعتزاز أن تحارب هذه الفئة وتقاتلهم بكل ما لديك من قوة، حتى تخرجهم من ذلك التعنت العنتري.
وصور الحطوار في الرواية مدى معاناة الشاب اليمني المكافح، الذي يبحث عن الحرية ويشارك في الساحة، يذهب إلى العمل، ويشتغل ويتعلم، كم هائل من الضغوطات النفسية والاجتماعية والمادية، لكنه ما زال شابًا وعليه أن يحافظ على الحلم وأقل شيء يحقق منه جزئية واحدة، حتى وإن كان الوضع لا يأهل أن يحقق ذلك. ما إن تقرأ ستجد أيضًا كأن الكاتب، يكتب رسائل لوالدته أو يحدثها مباشرة، في منتصف الحديث ستعيش الأحداث بجُلها بدهشة وغموض بعض الشيء.
عندما فارق محبوبته "شبابة" لخص الفراق قال:
-"والآن أكتب ولا أعرف حقيقة الدافع وراء هذا!" أشعر بمسافة كبيرة تفصلني عن نفسي والكتابة ربما تقلصها وقد أسعى لتخليد "شبابة" في ذهني.
اضف تعليقك على المقال