ارسال بالايميل :
5669
الكاتب : عادل الشجاع*
عادت الوثنية من جديد في اليمن ، والوثنية ليست الإيمان بالآلهة المتعددة ، لكنها تعني عبادة ما نصنع ، فالذي وهب كل أحلامه وعواطفه وقواه لعيدروس الزبيدي أو لطارق صالح لا يقل شأنا عن أولئك الذين وهبوا أحلامهم لعبد الملك الحوثي ، يندفعون وراء هؤلاء بالرغم أن أيا منهم لم يحقق أي منجز وطني ، وكلما أصبح الوثن قويا ، أصبح المتعبد فقيرا ، لذلك انتشرت خارطة الفقر في اليمن كلها ، وعلينا أن نقيس ذلك على كل أولئك الذين يعبدون أوثانهم تحت مسميات مختلفة حزبية وغير حزبية ٠
ماذا أنتجت هذه المليشيات الممتدة بطول البلد وعرضه سوى تحويل الشعب الموحد إلى شعب متناحر مليء بالكراهية وحشدوا أتباعهم وراء المناطقية والعنصرية ونشروا خطاب الكراهية ومارسوا الإقصاء ووظفوا لذلك جيشا من الإعلاميين المأجورين الذين يتفاخرون بأسيادهم وكل طرف يقول للطرف الآخر إن سيدي أفضل من سيدك ٠
الجميع تعرى وعرض نفسه لتأدية خدمة الهتاف والتظاهر من أجل أن يصنع في وجه خصومه بطلا أو منقذا ، يلقي عليه كل رصيده من الحرية والكرامة حتي يصبح أمامه لاشيء ، فحينما تخرج مئات الآلاف من أجل رجل تستعطفه ليحكمها ، يصبح هؤلاء عراة بعد أن خلعوا عليه كل ملابسهم ، وصدق الله العظيم "أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون " ٠
وكم هو محزن أن الآباء الذين قاتلوا من أجل الحرية ، يقاتل أبناءهم اليوم من أجل الهروب منها ، وكم من رجال الأعمال الذين يمتلكون المال لكنهم غير أحرار وغير قادرين عن التعبير عن ذواتهم يتحكم بهم سقط المتاع من هامش المجتمع ، وهذا يدل دلالة واضحة بأن الحرية ليست بالتملك ، بل بالكينونة والشعور بالذات ، فقد صنع ثلاثة تجار ثورة سبتمبر ، في حين الآلاف من رجال الأعمال اليوم يدفعون الجزية لقادة المليشيات عن يد وهم صاغرون ٠
وأما قادة رأي فهم بمثابة سماسرة ، وهنا تكتمل الحلقة في سقوط السياسي الوطني وغياب رأس المال الوطني وتحول قادة الرأي إلى سماسرة ولهذا فنحن نسير في الاتجاه الانتحاري في ظل غياب تام للهوية الوطنية والانحدار نحو الهويات المناطقية والقروية وما انتشار المليشيات بتلك الصورة إلا دليلا قاطعا على انهيار القيم الوطنية وانهيار المجتمع السياسي واستمرار الدعاية التي تنحت لنا كل يوم وثن ، وإذا لم نصنع دولتنا نحن اليمنيين ، فلن يصنعها لنا أحد .
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٣
*من صفحة الكاتب بالفيسبوك
اضف تعليقك على المقال