ارسال بالايميل :
5768
رياض الجيلاني
انفضت مشاورات طاولة قلعة جوهانزبورغ السويدية الباردة بعد أن شهدت حوارا ساخنا وصف أحيانا بحوار الطرشان .فالحوثي ذهب إلى مفاوضات القلعة يريد التفاوض على تفاصيل ونتائج الحرب بينما ذهب وفد هادي يريد نقاشا حول بداية الحرب ومن تسبب فيها وكيفية انهاء هذه الحرب بكف النظر عن مدى التنازلات التي سيقدمها وفد اليماني مقابل تحقيق انتصار ولو كرتوني يحفظ ما تبقى من قطرات حياء في ماء وجه حكومة هادي أمام مؤيديهم... وبعيدا عن حرارة المصافحة بين وزير الخارجية خالد اليماني رئيس وفد التفاوض الحكومي ومحمد عبد السلام قائد الوفد التفاوضي لجماعة الحوثي وسعادة الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس الغامرة الذي طار فرحا إلى السويد داعما لموفده غريفث الذي شم رائحة اتفاق يلوح في أفق العناد المتبادل بين الطرفين المقاتلين إلا أن ماحدث هو مجرد اتفاق شفهي بين رئيسي الوفدين حول الحديدة وترتيب وضعها العسكري والمدني يعتمد في تنفيذه على الجانب الأخلاقي للطرفين المتصارعين وهذا بالتأكيد لن يثق به المواطن اليمني أبدا ..ولايوجد اتفاق مكتوب نصا يلزم الجميع بمافيه والا سيتعرض المخالف فيه للعقوبة وبشكل فوري ..على ذلك نقول هو اتفاق أعرج أو أعوج ارادته الأمم المتحدة والحوثي والحكومي لانهم ببساطة عجزوا عن بناء اتفاق يعطي المشهد السياسي اليمني حقه بالكامل ...فأين تعز من جولة السويد التفاوضية هل رمزية الحديدة ومينائها أغلى من حصار تعز بملايينها البشرية أم أهم من معاناة المواطن في صنعاء المختنق بسبب إغلاق مطارها الجوي ؟ خمسة وسبعين اتفاقا تمت بين الحوثي وحكومة هادي لم يتم تنفيذ أي اتفاق منها..حتى اتفاق تبادل الاسرى بين الطرفين الذي فرح به خالد اليماني وزير الخارجية ووصفه بالمنجز الكبير تحوم الشكوك الخبيثة حول إمكانية تنفيذه ..المنجز الوحيد الذي تحقق هو ترحيل ملفات مهمة أخرى كوضع البنك المركزي اليمني وهو المعضلة الاقتصادية الكبرى إلى جولة مفاوضات قادمة تليها مفاوضات أخرى وهكذا دواليك..أنا لا أرسم صورة سوداوية للمشهد اليمني الداكن اصلا. ولكنها الحقيقة. نعم هي الحقيقة التي تعلمناها من واقع متابعتنا لماراثون المفاوضات اليمنية.طبعا لا يوجد عاقل يعرف ابسط أبجديات المشهد السياسي اليمني ونخبته السياسية عبر تاريخها يتوقع أن تنتهي جولة مشاورات واحدة ولو بحضور دونالد ترامب شخصيا بالاتفاق على كل شيء.ما اخشاه هو ان تتحول المفاوضات او المشاورات السياسية في جولاتها الخارجية القادمةإلى مايشبه جلسات القات اليمنية التي تشهد وعودا مفتوحة وبدون حساب تحت تأثير نشوة القات التي يعرفها اليمني بشكل خاص والتي لم يجربها غريفث او غوتيريس ..الشيء المختلف والحقيقي هذه المرة عن سابقاتها هي الصورة الجماعية البرتوكولية للوفدين بحضور الأمين العام للأمم المتحدة ومجرد تفاهمات شفوية لايمكن الاعتماد عليها قد تسهم في تخدير المشهد اليمني المؤلم في بعض أجزائه حتى حين.ولكنها لن تستطيع إخماد نيران اسئلة تحاصر العقل الجمعي اليمني مثل هل ستتنازل حكومة هادي بعد الاتفاق البرتوكولي في السويد عن ورقة المرجعيات الثلاث؟ من سيحكم الحديدة هل الحوثي الذي تغلغل فيها عسكريا ومدنيا خلال السنوات الأخيرة ام حكومة هادي التي فشلت اصلا في إدارة مناطق ومحافظات كاملة تقع تحت سيطرتها الكاملة
اضف تعليقك على المقال