ارسال بالايميل :
377
الكاتب : عمر الحار
حظيت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى المنطقة باهتمام مختلف الاوساط فيها ، ولم يزل التعاطي معها بالتحليل والتفسير على اشده ، وذهب البعض في التوغل بالقول فيها وطرح العديد من التساؤلات والاستفسارات الآنية والمستقبلية المرتبطة بها . من قبيل هل تدفع الزيارة امريكا على ضرورة التفكير في اعادة حساباتها السياسية مع الانظمة العربية الحليفة لها و
بدرجة رئيسة دول مجلس التعاون الخليجي ؟ لارتفاع معاناتها الواضحة من القبضة الحديدية الامريكية عليها ، مما استدعتها لسعي بكل وسيلة لتخفيف من شدتها الخانقة التي ازدادت حدتها بعد حرب الخليج الثانية ، وسط تنامي شعور انظمتها مجتمعة و افرادا بفقدان وزنها السياسي والمالي المؤثر على كافة المستويات .
وتمثل زيارة بوتين المفاجئة لكل من الرياض وابوظبي التي اخذ طابعها البرتكولي اكثر من جلسات المباحثات رسالة سياسية مشفرة لامريكا و لدول الغربية الدائرة في فلكها اللاهثة لالتقاط انفاسها لكي تضمن حصولها على النزر اليسير من كعكعة المصالح في المملكة و شقيقاتها من دول المجلس منعا لاستفراد قائدتهم الدولية بها .
وجاءت الزيارة في مرحلة مفصلية هامة تمر بها المنطقة ، لامثيل لاحداثها الدارماتيكية المتسارعة في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتراجع بوصلة امريكا وقدراتها على التحكم بها ، في ظل المتغيرات غير المتوقعة التي فرضتها الحرب على غزة على كل صعيد ، ومحاولة روسيا استغلال هذه الفرصة التي سنحت لها على طبق من ذهب لخلط الاوراق على امريكا ، وارباك المشهد عليها ، ودخولها في ضبابية الاحتمالات السياسية التي لا تطيقها امريكا في هذا التوقيت ، وتخشى من توسعة دائرة ردود الافعال عليها ، وتلقيص نفوذها التاريخي في المنطقة ، وهو مالم تتقبله على الاطلاق .مما قد يضطرها لاتخاذ مواقف اكثر حدة وصرامة مع دول المنطقة برمتها ، وتلويحها باستخدام القوة المفرطة في حالة اهتزاز ثقتها في انظمتها او مجرد التفكير في توليد القلق لها باتجاه السير على ايجاد منافس لا بديلا لها .
بالتاكيد امريكا مدعوة لاعادة النظر في سياستها في المنطقة ، وضرورة تراجعها عن انتهاج فرضيات التأميم المتخذة من قبلها بعد حربي الخليج ، والقائمة على نظرية تقليم الاظافر المالية للانظمة و الافراد في المنطقة العربية وتحديد سقف متدني جدا للرساميل فيها .
والسؤال الذي لا مفر من طرحه وان كان سابقا لاوانه هل يصحو العالم على واقع ونظام دولي جديد يفقد امريكا استفرادها بقيادة العالم ؟ ويضمن اعادة توازن القوى الدولية ؟ وانتاج عالم كوني جديد باقطاب متعددة و اكثر فاعلة وعدلا وصدقا ؟ بعيد نجاح روسيا في الخروج بسلام من مصيدة اوكرانيا والخروج المرتقب للمنطقة من ربقة و مصيدة اسرائيل و امريكا .
وتشير مجمل التحولات الجارية الى امكانية الاطاحة بالاحلام اللاهوتية المزمنة لليمين الامريكي المتطرف ، و دعواه الباطلة باحقية قيادة العالم لمعركة الخلاص الازلية من الشر او ما يطلق عليه في اعرافهم بمعركة هرماجدون الممثلة لجوهر و صميم سياسة الهيمنة الامريكية على العالم .
اضف تعليقك على المقال