بقلم : محمد سالم بارمادة
يظن كثير من الناس حول العالم أن المواطنة تعني "حب الوطن"، ولكنالحقيقة أنها لا تعني ذلك فقط، بل هي مفهوم غربي بدأ قبل الميلاد معالحضارتين اليونانية والرومانية، وكان له معنى خاص في هاتينالحضارتين، وكان هناك تمييز بين مضمون المواطنة في كل من مدينة"أثينا"، ومدينة "إسبارطة"، المدينتين اليونانيتين، ثم أخذ معنى آخر فيمرحلة العصور الوسطى في أوروبا، ثم أصبح له معنى ثالث في العصورالحديثة .
ينعكس مفهوم المواطنة في فهم اليوم الأكثر شيوعاً للمواطنة كذلك، والذييتعلق بعلاقة قانونية بين الفرد والدولة. فمعظم الناس في العالم مواطنونقانونيون في دولة أو دولة أخرى مما يخولهم ببعض الامتيازات أو الحقوق. وكونه مواطناً يفرض أيضاً واجبات معينة من حيث ما تتوقعه الدولة منالأفراد تحت ولايتها وبالتالي يفي المواطنون بالتزامات معينة تجاه الدولة،وفي المقابل يتوقعون من الدولة حماية مصالحهم الحيوية .
تعني المواطنة الانتماء السياسي إلى الوطن، والتسليم لشرعيته والخضوعلدستوره وقوانينه؛ فهي في الفكر المعاصر مرحلة أعلى من الجنسية،وتُعبر عن الكينونة الاجتماعية التي تشكل جسم المواطنة وروحها، وهو مايعني في نظر العديد من المفكرين والمصلحين السياسيين أنه رغم التغيراتالجوهرية التي اعترت مفهوم المواطنة عبر حقب التاريخ وتقلباته بسببالحملات العنصرية والاستعمارية، ظلت مفاهيمها تمتد على مساحةواسعة من الزمن الإنساني إلى السلطة والثقافة .
إن المواطنة الحقيقية تعني حسن الولاء والانتماء للوطن, والحرص على امن الدولة الوطنية, واستقرارها, وتقدمها, ونهضتها, ورقيها, كما تعني الالتزام الكامل بالحقوق والواجبات المتكافئة بين أبناء الوطن جميعاً دون أي تفرقة على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو اللغة ... المواطنة تعنيأن نتحمل واجب الحفاظ والذود عن سيادته وأمنه واستقراره ووحدةأراضيه، ومن يخالف ذلك وينتهكه إنما هو مخالف ومنتهك للعهد فيالوطن الواحد .
في اللغة، تعني المواطنة الانتماء إلى الوطن، والارتباط الوثيق به وبثرائهوقيمه وتاريخه وثقافته ومقدساته ومثله ومبادئه , كما تعني المواطنة أنيتمتع المواطن بكل حقوقه المدنية والسياسية ، وأن يقوم بأداء كل واجباتهتجاه وطنه الذي يشارك مع الآخرين في صياغته وبلورة هويته ومطامحه .
الخلاصة أن "المواطنة" مفهوم ذو مضمون ثقافي وسياسي واجتماعيواقتصادي، ولا يعني حب الوطن فقط، وهو مرتبط بتكون (الوطن-الأمة) نتيجة عناصر ثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية ودينية في عصورمتتالية، وقد فشل الفكر القومي العربي الذي قاد المنطقة في المائة سنةالماضية في توليد قيمة "المواطنة" لأنه فشل في تحديد عوامل بناء الأمة،لذلك لجأ إلى الروابط الدنيا من طائفية وقبلية ، وعمل على إحيائها منأجل إحكام سيطرته على شعوب المنطقة, والله من وراء القصد .
حفظ الله اليمن وشعبها وقيادتها ممثلة في فخامة الرئيس القائد عبدربهمنصور هادي من كل سوء وجعلها دوما بلد الأمن والاستقرار والازدهار .
اضف تعليقك على المقال