ارسال بالايميل :
3959
يمن اتحادي - متابعات*:
رغم أن اليمن ما يزال آمنًا- حتى الأن- من تفشي فيروس "كورونا"، إلا أن الاقتصاد اليمني لم يكن بمنأى عن التداعيات السلبية لهذه الجائحة العالمية، لاسيما وأن البلاد تشهد حربًا مستمرة منذ أكثر من خمسة أعوام.
وظهرت تداعيات الفيروس جليًا في اليمن، من خلال توقف أنشطة القطاعات الاقتصادية والخدمية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث يعتمد اليمن على استيراد نسبة 80 % من احتياجاته من الخارج. وتزداد هذه المشكلة أكثر مع اقتراب شهر رمضان، حيث يتزايد الطلب على الواردات السلعية..
وفي السياق، أيضا، شهدت السوق المالية اليمنية تأثرا كبيرا بسبب انخفاض تدفق العملة الأجنبية، لسببين رئيسيين؛ الأول بسبب انخفاض اسعار النفط عالميا. الأمر الأخر نتيجة ما شهدته تحويلات المغتربين في الخارج من تراجع حاد، لم تشهد البلاد مثله منذ ثلاثة عقود. (1990 حرب الخليج الأولى)
التحدي الإقتصادي
مع تسارع انتشار "كورونا" (كوفيد-19) في مختلف دول العالم، ومع وصوله دول الجوار- بشكل خاص- اتخذت الحكومة اليمنية سلسلة من التدابير والإجراءات بهدف منع وصول الوباء، كان أبرزها: تعليق الرحلات الجوية، من/ وإلى جميع المطارات، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية..
وطوال الثلاثة أشهر الماضية من انتشار الوباء في العالم، لم تسجل سوى حالة إصابة واحدة في اليمن، أعلنتها الحكومة بشكل رسمي الجمعة الماضية في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت- شرقي البلاد..
وهو الأمر الذي زاد من حدة المخاوف، داخليا وخارجيا، على حد سواء. ذلك أن تفشي فيروس "كورونا" في اليمن سيشكل تحديًا كبيرًا، لاسيما وأن البلاد تعاني من نقص حاد في المعدات والأجهزة والعلاجات والتدابير الصحية الإحترازية والوقائية لمواجهة هذا الفيروس. في الوقت الذي بات اقتصادها يعتمد على الدعم الدولي بشكل كبير، منذ اندلعت الحرب قبل خمس سنوات.
ويخشى التجار والمواطن على حد سواء، من أن يؤدي تفشي الوباء إلى تدمير ما فضل لهم من اقتصاد هش، وأن تتسبب الإجراءات الاحترازية في نفاد المخزون السلعي المتوفر، على ضئالته، لا سيما بعد توقف عملية الاستيراد من الخارج.
ورغم أن الجانبان اليمني والسعودي، قررا الأحد الماضي إعادة فتح "منفذ الوديعة"، الواقع على الحدود البرية بين البلدين، أمام حركة الشاحنات التجارية، بعد أربعة أيام فقط من قرار سابق بإغلاقه بشكل كامل.. إلا أن خبراء اقتصاديون أعتبروا هذه الخطوة ليست سوى حلاً جزئيا، لكنه غير كاف لمعالجة المشكلة، لاسيما وأن بعض الاجراءات الاحترازية ستؤدي إلى مزيدًا من المعاناة الإنسانية في ظل عدم إيجاد بدائل اقتصادية.
التداعيات: السياحة والتجارة
إغلاق الحدود البرية والبحرية، وحظر التجوال، وغيرها من الاجراءات الاحترازية، التي أقرتها السلطات في اليمن والدول المجاورة، كالسعودية، لمجابهة تفشي فيروس "كورونا"، أثرت تبعاتها بشكل كبير على مختلف القطاعات، بينها بشكل خاص: القطاع التجاري، وقطاع السياحة والسفريات في اليمن.
يقول رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر إن "القطاع السياحي، والخدمات المرتبطة به، كشركات السياحة، ومكاتب الحج والعمرة وتأشيرات العمل، وفنادق وشركات النقل، وغيرها..، جميعها تأثرت بصورة مباشرة، حتى الأن، وقد تتأثر أكثر جراء عملية الإغلاق التي حدثت ما بين المدن".
فمع تفشي جائحة "كورونا" في العالم، ووصولها الدول المجاورة لليمن، قررت العديد من السلطات المحلية في المحافظات إغلاق منافذها، مانعة التنقلات الداخلية بين المحافظات، كإجراء إحترازي خشية تسلل الفيروس القاتل إليها. ومؤخرا، مع تسجيل أول حالة إصابة بالمرض في حضرموت، زادت وتيرة عمليات الإغلاق بين المحافظات اليمنية بشكل أكبر من السابق..
الأمر الذي يراه الخبير الاقتصادي "نصر"، في سياق حديثه لـ"يمن شباب نت"، أنه "سيؤثر بصورة مباشرة على الحركة التجارية، وبشكل خاص على المشاريع التجارية المتوسطة والصغيرة، بل قد يؤدي ذلك إلى إفلاس الكثير من هذه الأعمال التجارية الخاصة".
كما يعتقد أيضا، أن هناك تداعيات أخرى ستكون مرتبطة بمسألة الركود الاقتصادي كـ"إغلاق الشركات والمحلات، وغيرها من التداعيات التي ستنعكس بصورة مباشرة على فقدان الناس لوظائفهم ومصدر دخلهم".
النقل والنفط
أما الخبير الاقتصادي اليمني عبدالواحد العوبلي، فيرى- من جهته- أن تأثير فيروس "كورونا" على الجانب الاقتصادي في اليمن "ظلّ في حدوده الدنيا، نتيجة الوضع الاقتصادي السيء، وتعطل قطاع الأعمال بنسبة ما يزيد عن 70 بالمائة بسبب الحرب في البلاد".
وتحدث العوبلي لـ"يمن شباب نت" عن أهم القطاعات المتأثرة بسبب الإجراءات الاحترازية والوقائية، مؤكد أن "قطاع النقل كان أول من تأثر بسبب إجراءات الحظر على التنقل، وخصوصا شركات الطيران اليمنية، التي توقفت أغلب رحلاتها إلى اليمن، واكتفت بتشغيل رحلات إجلاء العالقين من المواطنين اليمنيين في الخارج"، في إشارة إلى الفترة التي حددت لذلك في الأيام الأولى من الإجراءات.
ويندرج في السياق ايضا، قطاع النفط في اليمن، الذي يعتقد العوبلي أن "مبيعاته ستتأثر بشكل كبير، بسبب أنخفاض سعر البرميل النفط ووصوله إلى حوالي 30 دولاراً".
وتراجعت أسعار النفط الخام عالميا بنسبة تفوق 58 بالمئة. وبحسب العوبلي، فأن "استمرار انخفاض أسعار النفط، سيؤدي إلى خسارة الحكومة اليمنية ما بين ثمانين إلى مائة مليون دولار شهريًا" من مبيعات هذا القطاع.
تراجع تحويلات المغتربين
أدى انتشار فيروس "كورونا" عالميا، إلى حدوث ركود اقتصادي في كثير من دول العالم، كنتيجة طبيعية لإضطرارها فرض حجرا منزليا على شعوبها، ما تسبب بإيقاف معظم الأعمال والأنشطة التجارية، الأمر الذي بدوره القى بظلاله على تراجع تحويلات المغتربين اليمنيين، التي تشكل رافدًا مهمًا للاقتصاد الوطني من العملة الصعبة.
وإلى جانب أن الدولة باتت تعتمد على هذه التحويلات في رفد ميزانية المدفوعات بتدفقات موارد النقد الأجنبي، تعتمد مئات الأسر اليمنيّة على مثل هذه الحوالات المالية التي يُرسلها المغتربون من دول مختلفة إلى أقربائهم، لا سيما وأنّ العديد من المواطنين خسروا أعمالهم، أو توقّفت رواتبهم مع الحرب الدائرة في البلاد.
وبحسب نشرة ”المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، 2018“، العدد (32)، فبراير/ شباط 2018، الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي في صنعاء، أكدت الوزارة أن تحويلات المغتربين اليمنيين "تتميز باستقرارها النسبي وعدم تضررها من دورات الصراع والحرب في اليمن، بل أنها مثلت المصدر الأول لتدفق العملة الصعبة من الخارج إلى اليمن خلال فترة الحرب".
وأشارت إلى أن حجم تحويلات المغتربين من العملات الصعبة إلى اليمن بلغ 3.4 مليار دولار أميركي، للعام 2017- وفقا لتقديرات البنك الدولي (2017).
(أنظر الشكل المرفق أدناه)
ويساوي هذا المبلغ ما نسبته 23.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وفقا لتقديرات كل من وزارة التخطيط والتعاون الدولي، والبنك الدولي (2017).
لكن نائب وزير المغتربين في الحكومة الشرعية، محمد العديل، قال في تصريحات للصحافة، في فبراير/ شباط 2020، إن تحويلات المغتربين السنوية بالعملة الصعبة تقدر بـ"ثمانية مليارات دولار".
وفي حين أكد على أن تلك التحويلات "تمثل المصدر الرئيسي للعملة الصعبة، وعامل مهم في استقرار العملة الوطنية"، لفت في الوقت ذاته إلى أن المغتربين اليمنيين، الذين تصل استثماراتهم الخارجية إلى 120 مليار دولار، "يقومون بإعالة نصف سكان اليمن".
وأفادت مصادر مصرفية يمنية "يمن شباب نت" بحدوث تراجع كبير في تحويلات المغتربين، لا سيما من السعودية وأمريكا، منذ مطلع مارس/ آذار الماضي، نتيجة الاجراءات التي فرضتها دول الاغتراب على العاملين، فيما يتعلق بالحجر المنزلي، وحظر التجوال..
ووفقا لرئيس مركز الدراسات والإعلام الإقتصادي، مصطفى نصر، فأن "تحويلات المغتربين انخفضت بشكل كبير، بنسبة قد تصل إلى ما بين 60-70%"، بسبب أزمة "كورونا"، لافتًا إلى أن استمرار ذلك "يعتمد على مدى انتهاء المدة الزمنية التي ستستغرقها هذه الظروف الطارئة".
من جهته أيضا، أكد الخبير الاقتصادي، عبدالواحد العوبلي أن "أكثر فئة تأثرت بأزمة كورونا، هم المغتربين اليمنيين الموزعين على دول العالم، والذين يعتمد عليهم الاقتصاد الوطني في ضخ سيولة من العملة الصعبة تصل- بحسب تصريحات مسؤولين حكوميين- إلى ما يقارب أربعة مليار دولار سنوياً".
ويصل عدد المغتربين اليمنيين- وفقا لتصريحات العديل المشار إليها أعلاه- إلى "سبعة ملايين يمني، يتوزعون على خمسين دولة، على رأسها المملكة العربية السعودية بما يزيد عن مليوني مغترب يمني".
ويضرب الخبير الأقتصادي، العوبلي، بعض الأمثلة في حجم انخفاض تحويلات المغتربين. وبدأ بالسعودية، التي يقول إنها "انخفضت بنسبة تزيد عن 60%، في حين يتوقع إنخفاضها بشكل أكبر خلال شهر أبريل الجاري، خصوصا وأن السلطات السعودية فرضت حظر كاملا على كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي يعمل فيها المغتربون اليمنيون، ويعتمدون عليها للحصول على دخلهم".
وتابع: "أما الارقام من ماليزيا، فتشير إلى أن هناك انخفاضا يزيد عن 90% من تحويلات المغتربين اليمنيين، الذين تأثرت أعمالهم بشكل كبير، وهو ما يظهر جلياً في نسبة انخفاض التحويلات إلى اليمن خلال الفترة ما بين بداية مارس وحتى منتصف أبريل الجاري".
وفي آخر تقرير اقتصادي شهري له، صدر في فبراير/ شباط 2020، يرجح البنك الدولي: "أن يعاني اليمن من انخفاض حصيلة التحويلات، إذا قيد التباطؤ الاقتصادي السعودي فرص العمل أمام العمال اليمنيين هناك، مما يؤثر على الأسر التي تعتمد على التحويلات الخارجية".
ويضيف أنه "وفي حالة انخفاض التحويلات بأكثر من المكاسب في الميزان التجاري، فقد يضعف المركز الخارجي لليمن، مما يزيد من الضغوط على سعر الصرف مع التأثير على أسعار السلع المستوردة".
اجراءات وبدائل
وفي ظل استمرار القتال بين قوات الجيش اليمنية ومسلحي جماعة الحوثي الانقلابية، وحالة الانقسام في الهياكل والمؤسسات الرسمية في البلاد، دعت منظمات دولية وأممية إلى ضرورة وضع حزمة من الإجراءات الاقتصادية المشتركة بين جميع الأطراف المتصارعة، للحد من تداعيات فيروس كورونا.
ومن أبرز الإجراءات المطلوبة للتخفيف من تداعيات كورونا، في ما يتعلق بالشأن الاقتصادي باليمن، وفقا للخبير الأقتصادي اليمني مصطفى نصر: "تسهيل وصول المواد الغذائية والسلع الأساسية بأقل كلفة ممكنة"، مضيفا "وذلك يتطلب تقليص رسوم تسهيل نقل البضائع، والغاء الإتاوات التي تُفرض على السلع وتيسير وصولها للناس بما يتناسب مع الوضع الانساني السيئ".
كما دعا نصر إلى "دفع مرتبات الموظفين، والغاء الحوثيين لقرارهم السابق بعدم التعامل بالإصدار النقدي الجديد". في حين شدد أيضا على "ضرورة إتاحة المجال للإستفادة من الانترنت، وتسريع العمل أونلاين".
وفيما يتعلق بدور المنظمات الدولية في هذه المحنة، أقترح عليها نصر "العمل على دعم المؤسسات أو الشركات التي ستتعرض لضرر مباشر ومساعدتها على النهوض من جديد.
بدوره يرى الخبير الاقتصادي عبدالواحد العوبلي أن من بين البدائل الاقتصادية التي يمكن أن تقلل من تداعيات فيروس كورونا: "ردم الثقوب السوداء التي تلتهم المال العام، (...)، وإيقاف الرواتب الوهمية التي تدفع بالدولار الأمريكي لمسؤولين حكوميين ودبلوماسيين يعيشون في الخارج". كما شدد أيضا، على أهمية "التعامل بحسم مع إيرادات الدولة، والتأكد من توريدها بشكل كامل إلى البنك المركزي اليمني".
أما ما يتوجب على المنظمات الدولية، بما فيها منظمات الامم المتحدة، دعاها إلى "نقل أرصدتها في البنوك الخارجية من أموال المنح المقدمة لليمن، وإيداعها في البنك المركزي اليمني، والمصارفة لتحسين وضع الريال اليمني أمام بقية العملات".
وفي المقابل، أيضا، شدد العوبلي على ضرورة "إجبار الحوثيين على التعامل بالعملة الجديدة، وتسليم الرواتب للموظفين في مناطق سيطرتهم بهذه العملة الجديدة"..
وأعتبر أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات "سيؤدي إلى التخلص من الأزمة، والعواقب السلبية التي خلقتها إجراءات الحوثيين لمنع تداول العملة الجديدة على مدى الثلث الأول من العام الجاري..".
وظهرت تداعيات الفيروس جليًا في اليمن، من خلال توقف أنشطة القطاعات الاقتصادية والخدمية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث يعتمد اليمن على استيراد نسبة 80 % من احتياجاته من الخارج. وتزداد هذه المشكلة أكثر مع اقتراب شهر رمضان، حيث يتزايد الطلب على الواردات السلعية..
وفي السياق، أيضا، شهدت السوق المالية اليمنية تأثرا كبيرا بسبب انخفاض تدفق العملة الأجنبية، لسببين رئيسيين؛ الأول بسبب انخفاض اسعار النفط عالميا. الأمر الأخر نتيجة ما شهدته تحويلات المغتربين في الخارج من تراجع حاد، لم تشهد البلاد مثله منذ ثلاثة عقود. (1990 حرب الخليج الأولى)
التحدي الإقتصادي
مع تسارع انتشار "كورونا" (كوفيد-19) في مختلف دول العالم، ومع وصوله دول الجوار- بشكل خاص- اتخذت الحكومة اليمنية سلسلة من التدابير والإجراءات بهدف منع وصول الوباء، كان أبرزها: تعليق الرحلات الجوية، من/ وإلى جميع المطارات، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية..
وطوال الثلاثة أشهر الماضية من انتشار الوباء في العالم، لم تسجل سوى حالة إصابة واحدة في اليمن، أعلنتها الحكومة بشكل رسمي الجمعة الماضية في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت- شرقي البلاد..
وهو الأمر الذي زاد من حدة المخاوف، داخليا وخارجيا، على حد سواء. ذلك أن تفشي فيروس "كورونا" في اليمن سيشكل تحديًا كبيرًا، لاسيما وأن البلاد تعاني من نقص حاد في المعدات والأجهزة والعلاجات والتدابير الصحية الإحترازية والوقائية لمواجهة هذا الفيروس. في الوقت الذي بات اقتصادها يعتمد على الدعم الدولي بشكل كبير، منذ اندلعت الحرب قبل خمس سنوات.
ويخشى التجار والمواطن على حد سواء، من أن يؤدي تفشي الوباء إلى تدمير ما فضل لهم من اقتصاد هش، وأن تتسبب الإجراءات الاحترازية في نفاد المخزون السلعي المتوفر، على ضئالته، لا سيما بعد توقف عملية الاستيراد من الخارج.
ورغم أن الجانبان اليمني والسعودي، قررا الأحد الماضي إعادة فتح "منفذ الوديعة"، الواقع على الحدود البرية بين البلدين، أمام حركة الشاحنات التجارية، بعد أربعة أيام فقط من قرار سابق بإغلاقه بشكل كامل.. إلا أن خبراء اقتصاديون أعتبروا هذه الخطوة ليست سوى حلاً جزئيا، لكنه غير كاف لمعالجة المشكلة، لاسيما وأن بعض الاجراءات الاحترازية ستؤدي إلى مزيدًا من المعاناة الإنسانية في ظل عدم إيجاد بدائل اقتصادية.
التداعيات: السياحة والتجارة
إغلاق الحدود البرية والبحرية، وحظر التجوال، وغيرها من الاجراءات الاحترازية، التي أقرتها السلطات في اليمن والدول المجاورة، كالسعودية، لمجابهة تفشي فيروس "كورونا"، أثرت تبعاتها بشكل كبير على مختلف القطاعات، بينها بشكل خاص: القطاع التجاري، وقطاع السياحة والسفريات في اليمن.
يقول رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر إن "القطاع السياحي، والخدمات المرتبطة به، كشركات السياحة، ومكاتب الحج والعمرة وتأشيرات العمل، وفنادق وشركات النقل، وغيرها..، جميعها تأثرت بصورة مباشرة، حتى الأن، وقد تتأثر أكثر جراء عملية الإغلاق التي حدثت ما بين المدن".
فمع تفشي جائحة "كورونا" في العالم، ووصولها الدول المجاورة لليمن، قررت العديد من السلطات المحلية في المحافظات إغلاق منافذها، مانعة التنقلات الداخلية بين المحافظات، كإجراء إحترازي خشية تسلل الفيروس القاتل إليها. ومؤخرا، مع تسجيل أول حالة إصابة بالمرض في حضرموت، زادت وتيرة عمليات الإغلاق بين المحافظات اليمنية بشكل أكبر من السابق..
الأمر الذي يراه الخبير الاقتصادي "نصر"، في سياق حديثه لـ"يمن شباب نت"، أنه "سيؤثر بصورة مباشرة على الحركة التجارية، وبشكل خاص على المشاريع التجارية المتوسطة والصغيرة، بل قد يؤدي ذلك إلى إفلاس الكثير من هذه الأعمال التجارية الخاصة".
كما يعتقد أيضا، أن هناك تداعيات أخرى ستكون مرتبطة بمسألة الركود الاقتصادي كـ"إغلاق الشركات والمحلات، وغيرها من التداعيات التي ستنعكس بصورة مباشرة على فقدان الناس لوظائفهم ومصدر دخلهم".
النقل والنفط
أما الخبير الاقتصادي اليمني عبدالواحد العوبلي، فيرى- من جهته- أن تأثير فيروس "كورونا" على الجانب الاقتصادي في اليمن "ظلّ في حدوده الدنيا، نتيجة الوضع الاقتصادي السيء، وتعطل قطاع الأعمال بنسبة ما يزيد عن 70 بالمائة بسبب الحرب في البلاد".
وتحدث العوبلي لـ"يمن شباب نت" عن أهم القطاعات المتأثرة بسبب الإجراءات الاحترازية والوقائية، مؤكد أن "قطاع النقل كان أول من تأثر بسبب إجراءات الحظر على التنقل، وخصوصا شركات الطيران اليمنية، التي توقفت أغلب رحلاتها إلى اليمن، واكتفت بتشغيل رحلات إجلاء العالقين من المواطنين اليمنيين في الخارج"، في إشارة إلى الفترة التي حددت لذلك في الأيام الأولى من الإجراءات.
ويندرج في السياق ايضا، قطاع النفط في اليمن، الذي يعتقد العوبلي أن "مبيعاته ستتأثر بشكل كبير، بسبب أنخفاض سعر البرميل النفط ووصوله إلى حوالي 30 دولاراً".
وتراجعت أسعار النفط الخام عالميا بنسبة تفوق 58 بالمئة. وبحسب العوبلي، فأن "استمرار انخفاض أسعار النفط، سيؤدي إلى خسارة الحكومة اليمنية ما بين ثمانين إلى مائة مليون دولار شهريًا" من مبيعات هذا القطاع.
تراجع تحويلات المغتربين
أدى انتشار فيروس "كورونا" عالميا، إلى حدوث ركود اقتصادي في كثير من دول العالم، كنتيجة طبيعية لإضطرارها فرض حجرا منزليا على شعوبها، ما تسبب بإيقاف معظم الأعمال والأنشطة التجارية، الأمر الذي بدوره القى بظلاله على تراجع تحويلات المغتربين اليمنيين، التي تشكل رافدًا مهمًا للاقتصاد الوطني من العملة الصعبة.
وإلى جانب أن الدولة باتت تعتمد على هذه التحويلات في رفد ميزانية المدفوعات بتدفقات موارد النقد الأجنبي، تعتمد مئات الأسر اليمنيّة على مثل هذه الحوالات المالية التي يُرسلها المغتربون من دول مختلفة إلى أقربائهم، لا سيما وأنّ العديد من المواطنين خسروا أعمالهم، أو توقّفت رواتبهم مع الحرب الدائرة في البلاد.
وبحسب نشرة ”المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، 2018“، العدد (32)، فبراير/ شباط 2018، الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي في صنعاء، أكدت الوزارة أن تحويلات المغتربين اليمنيين "تتميز باستقرارها النسبي وعدم تضررها من دورات الصراع والحرب في اليمن، بل أنها مثلت المصدر الأول لتدفق العملة الصعبة من الخارج إلى اليمن خلال فترة الحرب".
وأشارت إلى أن حجم تحويلات المغتربين من العملات الصعبة إلى اليمن بلغ 3.4 مليار دولار أميركي، للعام 2017- وفقا لتقديرات البنك الدولي (2017).
(أنظر الشكل المرفق أدناه)
ويساوي هذا المبلغ ما نسبته 23.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وفقا لتقديرات كل من وزارة التخطيط والتعاون الدولي، والبنك الدولي (2017).
لكن نائب وزير المغتربين في الحكومة الشرعية، محمد العديل، قال في تصريحات للصحافة، في فبراير/ شباط 2020، إن تحويلات المغتربين السنوية بالعملة الصعبة تقدر بـ"ثمانية مليارات دولار".
وفي حين أكد على أن تلك التحويلات "تمثل المصدر الرئيسي للعملة الصعبة، وعامل مهم في استقرار العملة الوطنية"، لفت في الوقت ذاته إلى أن المغتربين اليمنيين، الذين تصل استثماراتهم الخارجية إلى 120 مليار دولار، "يقومون بإعالة نصف سكان اليمن".
وأفادت مصادر مصرفية يمنية "يمن شباب نت" بحدوث تراجع كبير في تحويلات المغتربين، لا سيما من السعودية وأمريكا، منذ مطلع مارس/ آذار الماضي، نتيجة الاجراءات التي فرضتها دول الاغتراب على العاملين، فيما يتعلق بالحجر المنزلي، وحظر التجوال..
ووفقا لرئيس مركز الدراسات والإعلام الإقتصادي، مصطفى نصر، فأن "تحويلات المغتربين انخفضت بشكل كبير، بنسبة قد تصل إلى ما بين 60-70%"، بسبب أزمة "كورونا"، لافتًا إلى أن استمرار ذلك "يعتمد على مدى انتهاء المدة الزمنية التي ستستغرقها هذه الظروف الطارئة".
من جهته أيضا، أكد الخبير الاقتصادي، عبدالواحد العوبلي أن "أكثر فئة تأثرت بأزمة كورونا، هم المغتربين اليمنيين الموزعين على دول العالم، والذين يعتمد عليهم الاقتصاد الوطني في ضخ سيولة من العملة الصعبة تصل- بحسب تصريحات مسؤولين حكوميين- إلى ما يقارب أربعة مليار دولار سنوياً".
ويصل عدد المغتربين اليمنيين- وفقا لتصريحات العديل المشار إليها أعلاه- إلى "سبعة ملايين يمني، يتوزعون على خمسين دولة، على رأسها المملكة العربية السعودية بما يزيد عن مليوني مغترب يمني".
ويضرب الخبير الأقتصادي، العوبلي، بعض الأمثلة في حجم انخفاض تحويلات المغتربين. وبدأ بالسعودية، التي يقول إنها "انخفضت بنسبة تزيد عن 60%، في حين يتوقع إنخفاضها بشكل أكبر خلال شهر أبريل الجاري، خصوصا وأن السلطات السعودية فرضت حظر كاملا على كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي يعمل فيها المغتربون اليمنيون، ويعتمدون عليها للحصول على دخلهم".
وتابع: "أما الارقام من ماليزيا، فتشير إلى أن هناك انخفاضا يزيد عن 90% من تحويلات المغتربين اليمنيين، الذين تأثرت أعمالهم بشكل كبير، وهو ما يظهر جلياً في نسبة انخفاض التحويلات إلى اليمن خلال الفترة ما بين بداية مارس وحتى منتصف أبريل الجاري".
وفي آخر تقرير اقتصادي شهري له، صدر في فبراير/ شباط 2020، يرجح البنك الدولي: "أن يعاني اليمن من انخفاض حصيلة التحويلات، إذا قيد التباطؤ الاقتصادي السعودي فرص العمل أمام العمال اليمنيين هناك، مما يؤثر على الأسر التي تعتمد على التحويلات الخارجية".
ويضيف أنه "وفي حالة انخفاض التحويلات بأكثر من المكاسب في الميزان التجاري، فقد يضعف المركز الخارجي لليمن، مما يزيد من الضغوط على سعر الصرف مع التأثير على أسعار السلع المستوردة".
اجراءات وبدائل
وفي ظل استمرار القتال بين قوات الجيش اليمنية ومسلحي جماعة الحوثي الانقلابية، وحالة الانقسام في الهياكل والمؤسسات الرسمية في البلاد، دعت منظمات دولية وأممية إلى ضرورة وضع حزمة من الإجراءات الاقتصادية المشتركة بين جميع الأطراف المتصارعة، للحد من تداعيات فيروس كورونا.
ومن أبرز الإجراءات المطلوبة للتخفيف من تداعيات كورونا، في ما يتعلق بالشأن الاقتصادي باليمن، وفقا للخبير الأقتصادي اليمني مصطفى نصر: "تسهيل وصول المواد الغذائية والسلع الأساسية بأقل كلفة ممكنة"، مضيفا "وذلك يتطلب تقليص رسوم تسهيل نقل البضائع، والغاء الإتاوات التي تُفرض على السلع وتيسير وصولها للناس بما يتناسب مع الوضع الانساني السيئ".
كما دعا نصر إلى "دفع مرتبات الموظفين، والغاء الحوثيين لقرارهم السابق بعدم التعامل بالإصدار النقدي الجديد". في حين شدد أيضا على "ضرورة إتاحة المجال للإستفادة من الانترنت، وتسريع العمل أونلاين".
وفيما يتعلق بدور المنظمات الدولية في هذه المحنة، أقترح عليها نصر "العمل على دعم المؤسسات أو الشركات التي ستتعرض لضرر مباشر ومساعدتها على النهوض من جديد.
بدوره يرى الخبير الاقتصادي عبدالواحد العوبلي أن من بين البدائل الاقتصادية التي يمكن أن تقلل من تداعيات فيروس كورونا: "ردم الثقوب السوداء التي تلتهم المال العام، (...)، وإيقاف الرواتب الوهمية التي تدفع بالدولار الأمريكي لمسؤولين حكوميين ودبلوماسيين يعيشون في الخارج". كما شدد أيضا، على أهمية "التعامل بحسم مع إيرادات الدولة، والتأكد من توريدها بشكل كامل إلى البنك المركزي اليمني".
أما ما يتوجب على المنظمات الدولية، بما فيها منظمات الامم المتحدة، دعاها إلى "نقل أرصدتها في البنوك الخارجية من أموال المنح المقدمة لليمن، وإيداعها في البنك المركزي اليمني، والمصارفة لتحسين وضع الريال اليمني أمام بقية العملات".
وفي المقابل، أيضا، شدد العوبلي على ضرورة "إجبار الحوثيين على التعامل بالعملة الجديدة، وتسليم الرواتب للموظفين في مناطق سيطرتهم بهذه العملة الجديدة"..
وأعتبر أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات "سيؤدي إلى التخلص من الأزمة، والعواقب السلبية التي خلقتها إجراءات الحوثيين لمنع تداول العملة الجديدة على مدى الثلث الأول من العام الجاري..".
*المصدر/ يمن شباب
اضف تعليقك على الخبر