ارسال بالايميل :
7336
يمن اتحادي - متابعة خاصة
لاشك أن الوسط السياسي المتابع لتدهور الأوضاع في المناطق المحررة وما تبعه من فساد فاحت روائحه أرجاء البلاد، يتفق بأن الأسباب التي أدت إلى ذلك كثيرة إلا أن السبب الرئيسي والذي أجمع عليه الجميع هو تعيين معين عبدالملك قبل أكثر من عام رئيسا للحكومة الشرعية.
الرجل الذي وبلا مقدمات كافية، وجد نفسه في منصبه في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، كأصغر رئيس وزراء يمني (43 عاماً)، اقتصرت خبرته الحكومية على تقلده منصب وزير الأشغال كأعلى منصب وصل إليه بحكم صلته بالرجل القريب من الرئيس عبد ربه منصور هادي، أحمد عوض بن مبارك الذي كان مديراً لمكتبه.
ومع مرور الأيام والوقائع، برهن معين عبدالملك وفقا لمراقبين، بأنه فعلا ليس بالشخص المقتدر لقيادة مرحلة صعبة ومفصلية تتطلب مزيدا من الحزم والخبرة للتعامل مع كثير من الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها.
رئيس وزراء لا شأن له بالسياسة
ومنذ اليوم الأول وفي أولى تصريحاته فاجئ "معين عبدالملك" الوسط السياسي بأكمله الداخلي والخارجي بحديث غريب لم يعرفه اليمنيون منذ سنين طويلة إلا في عهد الرجل.
حيث أعلن على نحو فوري أنه لن يتدخل في الشأن السياسي، وسيكون منشغلاً بأحوال الناس والقضايا الاقتصادية، في حالة نادرة بتاريخ رؤساء الحكومات اليمنية، ولم يسبق أن عيّن رئيس للوزراء وأعلن أنه لا شأن له بالأمور السياسية.
ووفقا للمراقبين، فإن ما زاد الاستهجان في حينه أن عبد الملك رئيس وزراء يواجه بلده حرباً منذ أكثر من 5 سنوات ومحاولات تفتيت، لا فقط مجاعة وأمراضاً كانت قد اندثرت.
مفردة "لا" شأن لي بالأمور السياسية لم تكن جديدة عليه، أثناء تدريسه في كلّية الهندسة في جامعة ذمار جنوب صنعاء، كانت قضايا الفساد كثيرة في الكلية نفسها، لكنه كان لا يتدخل في الحراك الاحتجاجي ولا يُشارك في اعتصام أو إضراب وكأن الأمر لا يعنيه.
لا خبرة كافية
وكتب كثير من الصحافيين ورواد مواقع التواصل في الأيام القليلة الماضية بأن "معين عبدالملك" ليس بالخبرة الكافية حتى يسند إليه مهام رئيس الحكومة والتي تتضارب الأنباء حول استمراره في منصبه أم لا بعد توقيع "اتفاق الرياض" مطلع نوفمبر الجاري.
حيث برز اسمه في مرحلة الحوار الوطني الذي امتد من مارس/ آذار 2013 حتى يناير/ كانون الثاني 2014، بعد أن تم تقديمه على أنه من شباب ثورة فبراير/ شباط 2011.
كما أنيطت به رئاسة فريق استقلالية الهيئات والقضايا الخاصة في الحوار، وكان من بين أعضاء لجنة التوفيق في المؤتمر، وكانت مهمته تسوية الخلافات بين اللجان، وتوالت المسؤوليات التي شغلها بما في ذلك مهام مقرر لجنة صياغة الدستور في 2014.
تماهيه مع الثوابت
تعتبر الجمهورية والوحدة ثوابت وطنية أجمع عليها الشعب اليمني منذ نعومة أظافره، قبل أن يتفاجئ بكسر "معين عبدالملك" لقاعدة "لا دخل لي بالسياسة" ويفتح باب المجال لمليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي بالسيطرة على العاصمة المؤقتة عدن سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
فمنذ توليه منصب رئيس الوزراء بقي عبد الملك بعيداً عن أي سجال سياسي، لم يسمع له رأي نقدي ولم يكن أحد يعول على سماع موقف سياسي له، الأمر الذي خوله للقفز بأوراقه إلى طاولة المجلس الانتقالي الجنوبي لإعلانه الشخصية المثالية لتوليه منصب رئاسة الحكومة الجديدة وفقا لاتفاق الرياض.
حالة النأي بالنفس عن كل ما يجري على الأرض، لا يمكن تفسيرها إلا بكونها تنبع من إدراك لدى عبد الملك أن العلاقة مع "الانتقالي" هي المحدد لمدة بقائه في المنصب، ولا دخل لها بالكفاءة وحسن الإدارة.
خذل الجميع
يقول الصحافي عبد القادر سعد، إن المآخذ على عبد الملك كثيرة، ويوضح أن قرار تعيينه رئيساً للحكومة الشرعية كان مبعث أمل لمعظم اليمنيين، "لكنه للأسف خذل الجميع.
ويضيف بقوله: "لم نشهد أي إصلاحات أو أي حلول قام بها لإنقاذ الشعب اليمني البائس، وفوجئنا أكثر بأول تصريح له، الذي قال فيه إنه لن يتدخل في السياسة وسيركز فقط على الجانب الاقتصادي، وليته ركز على الجانب الاقتصادي حقاً، وحل أهم مشكلة اقتصادية، هي رواتب الموظفين اليمنيين".
كما يشير إلى أن القطاع المصرفي يعاني من توجيهات سلطتين نقديتين، ولا يزال البنك المركزي منقسماً، وهذا الانقسام انعكس على العملة المحلية التي تتهاوى بشكل مستمر.
ويتابع: "تغرق الحكومة الشرعية في الفساد، واعتمدت رواتب فلكية بالعملة الأميركية، للوزراء والوكلاء، بينما يعيش نحو مليون موظف حكومي جحيم المعاناة بسبب توقف رواتبهم منذ أكتوبر/ تشرين الأول" عام 2016".
لا يفهم لا بالسياسة ولا بالاقتصاد
وبرأي عبد القادر، فإنه مع مرور الوقت "تأكد الناس أنه لا يفهم لا بالسياسة ولا بالاقتصاد، فيما انتشر الفساد أكثر وتزايدت مشاكل الشعب في كل النواحي، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وصحياً، وقد أثبتت مواقفه الضعيفة ولا مبالاته المعهودة أنه ليس رجل المرحلة، ولا يستطيع تحمل مسؤولية منصبه".
بدوره، يقول الباحث اليمني المقيم في برلين حسين مقبل، أنه كان من بين الذين تفاءلوا عند تعيين عبد الملك رئيساً للحكومة، باعتبار أنه "جاء من صفوف ثوار فبراير، وكونه ليس من الوجوه التي اعتدناها والمُعاد تدويرها. ولكونه لا يزال شاباً، فقد علقت الكثير من الآمال على ذلك، وظننت أنه سيفعل ما لم يفعله غيره وسيغير من نظرة المجتمع السيئة حيال من يشغل منصب رئيس الوزراء. لكن للأسف هو رجل غير مرئي، لا يعمل في السياسة ويريد العمل على أساس كونه رئيس جمعية خيرية اجتماعية.
ويطالب اليمنيون بتغيير فوري لمعين عبدالملك وإقالته من منصبه وإحالته للتحقيق في كثير من قضايا الفساد منها ما نشرته تقارير عن محافظ البنك المركزي السابق حافظ معياد، وأكثر من نشر في الصحف والمواقع الإلكترونية بالوثائق.
اضف تعليقك على الخبر