ارسال بالايميل :
8896
يمن اتحادي - الشرق الاوسط
نشرت صحيفة الشرق اللندنية نسخة من رسالة تحتوي تلخيصاً قدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لمجلس الأمن، حول تطبيق اتفاقية الحديدة.
وفيما يلي يعيد " يمن اتحادي" نص الرسالة التي بعث بها الأمين العام بتاريخ 10 يونيو (حزيران) 2019:
طلب مجلس الأمن، بموجب قراره رقم (2452) لعام 2019، تقديم مراجعة لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، وذلك خلال 5 شهور من تاريخ اعتماد القرار. ولقد تأسست البعثة السياسية الخاصة بما يتفق مع الفقرة الأولى من القرار نفسه، وهي موجهة لدعم تنفيذ اتفاق مدينة الحديدة وموانئ الحديدة، والصليف، ورأس عيسى، على النحو المنصوص عليه في اتفاق استوكهولم - والمعمم تحت الوسم (S-2018-1134)، لفترة زمنية مبدئية تبلغ 6 شهور كاملة اعتباراً من 16 يناير (كانون الثاني) لعام 2019.
ولقد قرر مجلس الأمن كذلك أنه لتوفير الدعم للأطراف المعنية من حيث تنفيذ التزاماتهم بما يتفق مع اتفاق الحديدة، فإنه تنبغي مباشرة التفويض على النحو التالي:
(أ)... قيادة ودعم أعمال لجنة تنسيق إعادة الانتشار، بمساعدة من الأمانة العامة وموظفي الأمم المتحدة، في الإشراف على وقف إطلاق النار على نطاق المحافظة بأكملها، وإعادة انتشار القوات، وعمليات إزالة الألغام.
(ب)... رصد امتثال الأطراف المعنية لوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، وإعادة انتشار القوات بصورة متبادلة في مدينة الحديدة، وموانئ الحديدة، والصليف، ورأس عيسى.
(ج)... العمل مع الأطراف المعنية بهدف ضمان الأمن في مدينة الحديدة، وموانئ الحديدة، والصليف، ورأس عيسى من قبل قوات الأمن المحلية وبما يتفق مع القانون اليمني.
(د)... تيسير وتنسيق دعم الأمم المتحدة لمساعدة الأطراف المعنية على التنفيذ الكامل لاتفاق الحديدة.
بعد مرور 6 شهور على وساطة الأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق استوكهولم بين الحكومة اليمنية والحركة الحوثية، وبعد مرور 5 شهور منذ تاريخ صدور القرار رقم 2452 لعام 2019، لا تزال الأوضاع في الحديدة محور اهتمام التطورات الجارية في اليمن.
إنشاء آلية لجنة تنسيق إعادة الانتشار
كما ورد في رسالتي المؤرخة 28 ديسمبر (كانون الأول) لعام 2018، بشأن حالة تنفيذ القرار رقم 2452 لعام 2019، تحت الوسم (S-2018-1173)، عملت الأمم المتحدة مع الأطراف المعنية بغرض إنشاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار على النحو المتوخى في القرار. وتضم هذه الآلية ممثلين مختارين، وموظفين منتسبين من كل طرف من الأطراف المعنية تحت قيادة رئيس البعثة على اعتبار دوره رئيساً للجنة المذكورة. وبناء على هذا العمل المبدئي والمنفذ بواسطة الفرق المتقدمة (1) والمكلفة من قبل مجلس الأمن الدولي، ركزت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة على بذل الجهود الكبيرة لبناء العلاقات وإرساء أسس الثقة بين الأطراف المعنية لضمان فاعلية لجنة تنسيق إعادة الانتشار باعتبارها آلية للتشاور ووقف التصعيد. وتحقيقاً لهذه الغاية، ومنذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) لعام 2018، نجحت الأمم المتحدة في عقد 4 اجتماعات مشتركة للجنة تنسيق إعادة الانتشار بهدف مناقشة والاتفاق على أساليب مراقبة وقف إطلاق النار، وإعادة انتشار القوات بصورة متبادلة، وتشكيل قوات الأمن المحلية، في حين واصلت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة مراقبة امتثال الأطراف المعنية لاتفاق الحديدة، وتوفير الدعم السياسي، والوساطات، والدعم العملاني إلى لجنة تنسيق إعادة الانتشار، وإلى رئيس اللجنة.
ثبت لدينا أن التوصل إلى اتفاق شامل بشأن كل جوانب الأنشطة ذات الصلة يشكل تحديات راهنة لا سيما في ظل تراجع الأطر الزمنية المتوخاة سلفاً بشأن اتفاق الحديدة. غير أن الأطراف اليمنية المعنية قد أقرت بأن الأطر الزمنية من الرؤى الطموحة ووافقت على مراجعتها وتنقيحها بالتنسيق مع الأمم المتحدة. وأكدت الأطراف المعنية التزامها بتنفيذ اتفاق الحديدة.
منذ إنشاء بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، كان هناك اجتماعان مشتركان للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الفترة من 3 إلى 6 فبراير (شباط) لعام 2019(2)، وفي الفترة من 16 إلى 17 فبراير لعام 2019(3)، بالإضافة إلى مشاركة ثنائية موسعة ومكثفة من قبل رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار مع الأطراف المعنية بغية الاتفاق على أساليب إعادة انتشار وتشكيل قوات الأمن المحلية المكلفة بتأمين المدينة، والموانئ الثلاثة المذكورة، وذلك بمجرد استكمال عمليات إعادة الانتشار. والنتيجة التراكمية لهذه الأنشطة، كانت أن وافقت الأطراف المعنية على إطار المرحلة الأولى من إعادة انتشار القوات من الموانئ الثلاثة المطلة على البحر الأحمر، والمرافق الإنسانية الحيوية. وشهدت هذه العملية مشاركة بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة لمفهوم العمليات التفصيلية بالنسبة للمرحلة الأولى مع الأطراف المعنية اعتباراً من 21 مارس (آذار) لعام 2019، الذي تم الاتفاق بشأنه في خاتمة المطاف بتاريخ 14 أبريل (نيسان) لعام 2019.
وبالنظر إلى وضع الطرفين الذي يقضي بعدم وجود فجوة بين تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية، عملت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) على صياغة مقترح للمرحلة الثانية من شأنه أن يؤدي إلى نزع السلاح من مدينة الحديدة. وقد شاركت البعثة الأممية المسودة الأولى من مفهوم العمليات التفصيلي الخاص بالمرحلة الثانية مع الطرفين في 21 أبريل 2019. ولا تزال المشاورات مستمرة من أجل الانتهاء من تلك الخطة. ويعد قوام قوات الأمن المحلية للمرحلة الثانية من الأمور المهمة بالنسبة إلى تنفيذ المرحلة الثانية، نظراً لأن الوضع يتعلق بمسائل سياسية أوسع نطاقاً، يتولى مبعوثي الخاص تيسير المفاوضات بين الطرفين بغية التوصل إلى اتفاق بشأن هذا الأمر المهم، وهو الذي سيتم تنفيذه من خلال لجنة تنسيق إعادة الانتشار بدعم من البعثة المذكورة.
وفي إطار عقد اجتماعات مشتركة للجنة واجتماعات ثنائية مع الحكومة اليمنية طلب ممثلو لجنة تنسيق إعادة الانتشار من البعثة الأممية إدارة عمليات عبور معقدة على خطوط المواجهة تم تيسيرها من جانب الطرفين. وللأسف حدثت عدة وقائع في مرات مختلفة أو تم زعم حدوثها أثناء عملية العبور، وهو ما أدى في النهاية إلى وقف الحوثيين لتلك التحركات. ومع تعليق عمليات العبور، استمر رئيس اللجنة المذكورة في التواصل مع الطرفين؛ كل على حدة، وتطلب عقد اجتماعات مع ممثلي اللجنة في الحكومة اليمنية سفره إلى خارج الحديدة، وتحديداً إلى عدن أو الرياض، لكنه حرص على العودة لحضور الاجتماعات المشتركة.
عمليات نشر بعثة دعم اتفاق الحديدة ونشاطها
بعد تبني قرار مجلس الأمن رقم 2452 (2019) بدأت المنظمة العمل بدأب من أجل تأسيس بعثة دعم اتفاق الحديدة وتحقيق استدامتها. استجابة لذلك، عملت إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام عن كثب مع كل من إدارة الدعم العملياتي، وإدارة عمليات السلام، وإدارة شؤون السلامة والأمن، وإدارة الشؤون القانونية، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن. واستهدفت تلك الجهود تمكين البعثة من بناء قدراتها فيما يتعلق بتوفير الدعم، والعناصر الأمنية بطريقة آمنة سليمة في الحديدة، مع العمل على نحو تكاملي مع عناصر أخرى من الأمم المتحدة موجودة في البلاد.
رغم كل ما سبق لم تكن عملية بدء نشاط البعثة بالسهلة، فقد تسببت الطبيعة المعقدة التقشفية المتغيرة للبيئة في الحديدة في وجود تحديات تتعلق بمسائل إدارية ولوجيستية وتشغيلية وأمنية تتطلب من البعثة الحفاظ على نهج نشيط ومرن ومبتكر في كثير من الأحيان في قيامها بنشاطها.
من أجل هذه الغاية اعتمدت البعثة على دعم مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إلى جانب الشركاء الآخرين في الأمم المتحدة، بما في ذلك دعم بعثات أممية أخرى للسلام بغية الاستغلال الأمثل للمرافق، والأفراد، والأصول، لبدء تنفيذ المهام المطلوبة والحفاظ على استدامتها.
وقد نجحت البعثة فقط في الحفاظ على قدرتها التشغيلية الأولية فيما يتعلق بمهمتها. ويتزامن ذلك مع تباطؤ الخطى الأولى للطرفين في تنفيذ اتفاق الحديدة. ولا يزال نجاح البعثة يعتمد على التعاون الكامل بين الطرفين لضمان الانتشار السريع، واستدامة العمليات، خصوصاً خلال عملية إشراك ما يكفي من الأفراد وموارد الدعم الإضافية. ولتحقيق ذلك، واجهت المنظمة كثيراً من التحديات الجسيمة مع السلطات المتحكمة في الوضع على الأرض في صنعاء فيما يتعلق بكثير من الأمور الإدارية والبيروقراطية اللازمة لإتاحة تنفيذ عمليات النشر المذكورة. وقد تمت معالجة أكثر الأمور بشكل فردي متواتر، لكن أدى التضييق على عمل البعثة إلى إهدار كثير من الوقت الثمين. وتسير المنظمة في كل الطرق لتخطي الصعوبات بشكل منهجي، خصوصاً تلك المتعلقة بالحصول على موافقات إدارية مثل التأشيرات، وتصريحات الإقامة، والتخليص الجمركي لأصول استراتيجية، وما إلى ذلك لضمان وصول الأفراد في الوقت المطلوب ومدّ البعثة بالدعم اللازم، والعناصر الأمنية المطلوبة.
ومن المهم لتحقيق البعثة نجاحاً مستمراً تزويد فريق العمل فوراً بكل الوسائل الكافية، وتوفير الدعم، وتنفيذ الوظائف الأساسية الموكلة للبعثة فيما يتعلق بقيادة ودعم عملية لجنة تنسيق إعادة الانتشار، والتخطيط للمهام، ومتابعتها وتقديم تقارير عنها، إلى جانب التنسيق والمهام المتعلقة بتحقيق التكامل. واعترافاً بأهمية النشر الفوري لتنفيذ تلك الوظائف الرئيسية اعتمدت المنظمة على أفراد الجيش والشرطة والخدمة المدنية من مقرّ الأمم المتحدة والبعثات الأممية الأخرى للسلام، حيث نشرت، بموافقة الدول الأعضاء المشاركة، الأفراد والأصول بشكل مؤقت. وقد تمكنت بعثة دعم اتفاق الحديدة بفضل هؤلاء الأفراد، الذين لا يزال بعضهم في موقعه حالياً، من بدء الحد الأدنى من العمل، والحفاظ على القيام به مع استدعاء أفراد جدد من الجيش والشرطة يتوافدون على البعثة حالياً.
ونتيجة لطبيعة المهام المطلوبة، وبيئة العمل القاسية، وضرورة وجود دعم معيشي مستدام مستقر، تم توفير مجموعة من الأصول، والموارد الضرورية من أجل تيسير إجراء العمليات بأمان، خصوصاً خلال تلك المراحل المبكرة. ويتضمن ذلك توفير إمكانات طبية كافية في الموقع، إلى جانب إمكانات ووسائل لإجلاء الضحايا (تمت زيادة موارد فريق التنسيق التابع للأمم المتحدة بالفعل في الحديدة وهي متوفرة في أنحاء اليمن أيضاً)، ومساحة إدارية مناسبة، وأماكن للإقامة، ووسائل نقل جوي وبري، ومعدات حماية كافية للأفراد، ووسائل اتصال فعّالة إلى جانب عدد كافٍ من الأفراد.
وتعمل البعثة حالياً من حاوية بحرية مؤمنة في ميناء الحديدة، في حين تم إعداد مرافق برية بحيث تكون مطابقة لمعايير الأمن. ويتم تنفيذ كل أنشطة الدعم، ودوريات الأمن من داخل مدرعات مزودة بحقائب الصدمات الطارئة ويقوم بها أفراد مدربون.
الوضع الحالي
منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2018، لا يزال وقف إطلاق النار مستمراً في محافظة الحديدة، حيث لم يتم رصد قيام أي طرف من الطرفين بمحاولة تنفيذ عمليات عدائية كبرى بهدف السيطرة على أراضٍ جديدة. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض الوقائع النمطية في المناطق الساخنة الرئيسية مثل مديرية الحالي، ومديريتي الدريهمي والحيس، خاصة باستخدام النيران غير المباشرة والقنص، وهو ما يسفر عن عمليات انتقامية متبادلة بين الطرفين. كذلك هناك تبادل لإطلاق النار بشكل مباشر وغير مباشر عند خطوط المواجهة الرئيسية في مدينة الحديدة. وقد تأكد ذلك من خلال تراجع العنف بشكل مجمل، وانخفاض عدد الضحايا من المدنيين، وتزايد عدد العائدين إلى المنطقة، وعودة النشاط الاقتصادي في الحديدة بشكل ملحوظ منذ تكوين البعثة.
وبعد عدة أشهر من الجمود، بدأت البعثة في إعادة الانتشار من الثلاثة موانئ الموجودة في البحر الأحمر وهي الحديدة، والصليف، ورأس عيسى في بداية مايو (أيار)، استناداً إلى عرض سابق من الحوثيين بنية تدشين عملية إعادة الانتشار. وقد تم ذلك بهدف ترسيخ الدور القيادي للأمم المتحدة في دعم التعاون بين موانئ البحر الأحمر لإدارة الموانئ وتعزيز الدور الرقابي الذي تمارسه آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش طبقاً لاتفاقية الحديدة. وسوف يسهم التطبيق الكامل للاتفاقية في ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن، حيث لا يزال الملايين في حاجة ماسّة إلى إنقاذ حياتهم.
وفيما يتعلق بأنشطة العمليات على الأرض خلال الفترة من 11 إلى 14 مايو (أيار) 2019، تمت إعادة انتشار قوات الحوثي العسكرية من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى. وتولت البعثة متابعة تلك التحركات طبقاً لاتفاقية الحديدة، ولا تزال البعثة تتابع وتراقب الموانئ بانتظام بدعم من عناصر من المركز اليمني للإجراءات المتعلقة بالألغام. وتعد عملية إعادة الانتشار تلك من الموانئ ذات أهمية كبيرة، حيث تعد الخطوة الأولى على الأرض، وتأتي في إطار عمليات إعادة انتشار متبادلة من جانب الطرفين على نطاق أوسع، بحسب ما تم الاتفاق عليه في مفهوم العمليات الخاص بالمرحلة الأولى.
وقد عملت البعثة في إطار المهام الموكلة إليها كوسيط بين الأطراف الفاعلة في مجال المساعدات الإنسانية والقيادة العسكرية للطرفين في الحديدة لدعم التخطيط، والتنسيق، وتنفيذ المهام الإنسانية. وكان هناك تعاون كبير بين مكتب المبعوث الخاص إلى اليمن والبعثة المذكورة، وقد كان ذلك ضرورياً لضمان التكامل والاتساق بين الخطوة التشغيلية والخطوة السياسية داخل تلك البيئة المعقدة. وسوف يستمر ذلك التعاون لدعم دفع الطرفين نحو الأمام. ولتحقيق هذه الغاية عمل مبعوثي الخاص ورئيس لجنة إعادة الانتشار مع الطرفين للانتهاء من المفاوضات من أجل إتاحة التنفيذ الكامل للمرحلتين الأولى والثانية من الاتفاق وحل مشكلة قوات الأمن المحلية التي تعد عاملاً مهماً من عوامل تحقيق التقدم في تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية التي سيكون من الصعب تحقيق مزيد من التقدم دونها.
خلال الأسابيع الأخيرة، تفاقمت التوترات بين الأطراف المعنية ومشاعر انعدام الثقة. وتبادلت الأطراف الاتهامات بأن الأطراف الأخرى تسعى للتخلي عن اتفاق الحديدة وتقويض الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لتحقيق السلام، ما أدى إلى تصاعد مزاعم بالانحياز حتى ضد المبعوث الخاص بي.
ودعوني أؤكد من جديد أن الأمم المتحدة تعمل بحيادية تبعاً لما يتفق مع ميثاقها وسوف تستمر في بذل أقصى جهد ممكن لدعم الأطراف المعنية على الالتزام بتعهداتها في ظل الاتفاق. ويتطلب النجاح على هذا الصعيد نوايا حسنة ومرونة من جميع الأطراف للتوصل إلى تسوية منطقية.
الآفاق
تهدد التوترات الأخيرة وخطابات التهديد المتصاعدة في منطقة الخليج خلال الفترة الأخيرة بتوريط اليمن وتعميق وإطالة أمد الحرب الأهلية المشتعلة هناك التي أعلنت مراراً أنه لا يمكن حلها إلا عبر الحوار السياسي.
الواضح أن التكاليف البشرية للحرب المستمرة ـ التي تدخل الآن عامها الخامس ـ فادحة للغاية بدرجة لا تسمح لنا بإهدار المكاسب الهشة التي حققها اتفاق الحديدة. والمهم هنا بقاء الشريان الحيوي الذي يمثله ميناء الحديدة مفتوحاً وعاملاً في خدمة الواردات الإنسانية والتجارية. كما أن الحفاظ على إجماع دولي ووحدة صف داخل مجلس الأمن حول ضرورة الحيلولة دون اشتعال معركة في مدينة الحديدة والموانئ الثلاثة المطلة على البحر الأحمر، يحمل أهمية كبرى.
ولا يزال الوضع هشاً، ويعتبر تنفيذ اتفاق الحديدة، رغم بطء وتيرته، بمثابة اختبار لمدى استعداد الأطراف المعنية لتحقيق مزيد من التعاون البراغماتي للتوصل إلى تسوية عبر التفاوض السياسي لإنهاء الصراع. واسمحوا لي التأكيد على أن المسؤولية عن التنفيذ الكامل وفي التوقيت المناسب لاتفاق الحديدة تقع بالتساوي على عاتق جميع الأطراف. وتبقى الإرادة السياسية لهذه الأطراف الدافع الرئيسي الذي سيحدد ما إذا كانت الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من التنفيذ لبنود الاتفاق أم عودة إلى الصراع المفتوح في الحديدة وكارثة إنسانية. ويوفر الاتفاق ذاته النطاق اللازم لتناول جميع النقاط الكبرى ذات الاهتمام بالنسبة لكلا الجانبين، لكنه يتطلب تسوية واقعية وبراغماتية داخل هذا الإطار العام كي يتحقق مضمون الاتفاق على أرض الواقع بشكل كامل.
من جانبي، أعول على حسن نوايا ومرونة الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق بخصوص القضايا العالقة في المستقبل المباشر، والتزامهم بالاستمرار في الحوار مع أفراد البعثة ومع بعضهم لتحقيق هذا الهدف. في هذا الصدد، سيتولى رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار وبعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق الحديدة تنفيذ واجباتهما لدعم التنفيذ الكامل للمرحلتين الأولى والثانية.
وحتى مع توافر الحد الأقصى من حسن النوايا، كشف التاريخ الحديث أن سقف توقعاتنا ينبغي تعديله. وإذا توصلت الأطراف إلى اتفاق حول قوات الأمن المحلية وأنجزت اتفاقها حول مفهوم العمليات في المرحلة الثانية وبدأ التنفيذ الكامل للمرحلتين الأولى والثانية. يمكن أن نتوقع بناءً على ذلك الحاجة إلى التزام طويل الأمد تجاه التخلص من المظاهر العسكرية، بل وربما التزام أطول أمداً للتخلص من الألغام وبقايا المتفجرات المرتبطة بالحرب.
وسوف تستمر مثل هذه المهام المعقدة، التي تستلزم في الحالة الثانية التمسك بمعايير معترف بها دولياً، بالضرورة لما وراء الفترة الطويلة اللازمة لإعادة نشر قوات عسكرية. ومن شأن التنفيذ الناجح ومراقبة كل من هذه الخطوات الإسهام في تعزيز ثقة الأطراف ومجلس الأمن في استدامة اتفاق الحديدة وعملية سياسية أوسع نطاقاً، الأمر الذي يشكل الهدف الأكبر.
وتنبغي الإشارة هنا إلى أن المفاوضات للوصول إلى هذه النقطة كانت مرهقة للغاية. وزادت صعوبة الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة بالنظر إلى تحديات تنظيم اجتماعات مباشرة وجهاً لوجه للجنة تنسيق إعادة الانتشار، مع الاضطلاع في الوقت ذاته مع هذه النشاطات في إطار الصراع المستمر خارج الحديدة. وسوف تستمر الأمم المتحدة في الاضطلاع بواجباتها.
بيد أن النجاح يعتمد نهاية الأمر على مدى استعداد الأطراف المعنية للمضي قدماً في تنفيذ تعهداتها السياسية الواردة في اتفاق الحديدة.
تحفظات
بناءً على تقدير الأمم المتحدة، فإن التفويض المخول إلى بعثة تنفيذ اتفاق الحديدة من جانب مجلس الأمن في قراره رقم 2452 (2019) لا يزال قابلاً للتحقيق وملائماً للموقف القائم على الأرض. وقد حددت تشكيل الجوانب العملية لبعثة تنفيذ اتفاق الحديدة في ملحق مع خطابي الصادر بتاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) 2018 إلى رئيس مجلس الأمن الذي جرت الموافقة عليه من جانب هذا المجلس، وتشير تقديراتنا إلى أنها لا تزال ملائمة، لكن تتطلب قدراً كبيراً من المرونة في التطبيق.
بصورة جوهرية، وبناءً على الوقت الذي استغرقه الوصول إلى النقطة التي نقف عندها اليوم، فإن البعثة بدأت لتوها التنفيذ الفعلي للتفويض الخاص بها، بعد أن كرست وقتاً طويلاً في إقرار الظروف اللازمة والاتفاقات والآليات للتنفيذ بالتشاور مع الأطراف المعنية. ومع تمديد أجل تنفيذ اتفاق الحديدة، فإنه يتعين على بعثة تنفيذ الاتفاق تعديل نشاطاتها وأهدافها المقررة تبعاً لذلك. ومن أجل الشعب اليمني، سنبقي جميعاً جل تركيزنا منصباً على تحقيق أسرع تقدم ممكن، لكن تجربتنا العالمية فيما يخص دعم وتنفيذ اتفاقات السلام خلال مرحلة البداية تدفعنا نحو ضرورة التحلي بالصبر للاستمرار في الطريق الصحيحة. وبالنظر إلى التقدم الذي تحقق حتى اليوم وعدم العودة إلى الصراع العلني، فإن لدينا أسباباً كافية تدعو للأمل في أن الأطراف المعنية سوف تلتزم بتعهداتها، وأن السلام سيتحقق. وفي هذا الإطار، يظل سقف التوقعات المنتظرة من البعثة مرتفعاً. ورغم وتيرة التقدم البطيئة والعقبات المتنوعة، نجحت بعثة تنفيذ اتفاق الحديدة في ترسيخ وجودها بفاعلية وتعمل على تنفيذ المهمة الموكلة إليها.
وبفضل التزام البلدان المساهمة في القوات والشرطة، تتحرك البعثة باتجاه نشر مراقبين إضافيين. وقد جرى استغلال الشهور الأولى منذ إقرار قرار مجلس الأمن رقم 2452 (2019) في بناء علاقات مع الأطراف المعنية، وتعزيز الإجراءات والعمليات الحيوية، وضمان توافر الأصول الاستراتيجية وتمكين البعثة من الاستجابة على النحو الأمثل لعمليات إعادة الانتشار لدى تنفيذها.
وتركز البعثة على توفير الدعم لعمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار للإشراف على وقف إطلاق النار وإعادة نشر القوات وعمليات التخلص من الألغام، بجانب تيسير وتسهيل جهود الدعم التي تقدمها الأمم المتحدة لمعاونة الأطراف المعنية على التنفيذ الكامل لاتفاق الحديدة. علاوة على ذلك، فإنها تعمل كأداة موثوق بها وفاعلة لمنع الصراعات عند نقطة دخول حيوية للمساعدات الإنسانية باليمن وحكم محايد للظروف القائمة على الأرض. وعبر هذه الظروف، تلعب بعثة تنفيذ اتفاق
الحديدة دوراً محورياً في بناء الأسس اللازمة لسلام مستدام يمكن على أساسها بناء تسوية سلمية داخل اليمن عبر التفاوض.
والمؤكد أن الظروف القائمة على الأرض التي تخلق متطلبات دور الأمم المتحدة في الحديدة، قد تتبدل بمرور الوقت. وربما يخلق هذا فرصاً لتعديل وتغيير كيفية استجابة الأمم المتحدة. وبالنظر إلى عزم مجلس الأمن تمديد أجل مهمة بعثة تنفيذ اتفاق الحديدة لستة شهور أخرى، أقترح إجراء مراجعة أخرى لبعثة تنفيذ اتفاق الحديدة قبل 3 شهور من موعد انتهاء سريان تفويضها من جانب مجلس الأمن لضمان استمرار تمتع البعثة بالتشكيل المناسب واستجابتها للتطورات التي تستجد على الأرض. وحتى يحين ذلك الوقت، ستمضي الأمم المتحدة في العمل من خلال بعثة تنفيذ اتفاق الحديدة والمبعوث الخاص لي للتوصل إلى تسوية سلمية للصراع الأكبر في اليمن عبر التفاوض.
اضف تعليقك على الخبر