ارسال بالايميل :
928
تنوية: هذه القصة لم تحدث في تعز إطلاقاً
مــوت لــم يحضــر بــعــد !! قــصــة قصيــرة
عبدالخالق سيف
كُنا أربعة جيران تقترب منازلنا من بعضها بمودة جامدة إلا أننا على خصام شبه يومي مع بعضنا ودون أن نمتلك سببا ًمنطقيا ًلذلك !!
فلكل وآحد منا قناعاته المغلفة بالعنادْ وكل واحد منا يرى رأيه هو الخلاصةُ المحصلة للحكمة ويجب على الجميع القبول والإيمان به ولذلك أصبحت خلافاتنا هي الفاكهة الفاسدة التي نتناولها بصورة دائمة ...
أما حكمة القبول بالإختلاف فكانت تذهب أدراج الرياح
ورغم إنتمائاتنا المختلفة إلا أنه كان لدينا مسجد واحد نصلي فيه بخشوع مصطنع ..ونرفع أيدينا للسماء طلبا للجنة ونحن نكره بعضنا بشدة أو هكذا وصلنا لهذه الكراهية المناقضة لرسالة المسجد بفضل بعض القائمين عليه من فراعنة المنابر!!
كما كان لدينا مسرح ذابل الستار ،وكنا نهرب إليه لنتذكر مشاعرنا النازحة والتي كانت تُقدم أروع عروضها على هذه المنصة التي أصبحت شبه ميتّة ، ولاغرابة في ذلك إذ قد أصبحنا جمهور الذكريات فقط...
ومن المسجد إلى المسرح تأخذنا خطواتنا الحاقدة إلى مساحة أرض مبشرة بخير كانت تتوسط منازلنا وكان يجب علينا زراعتها والإهتمام بها والإستفادة منها جميعا ً، إلا أننا أختلفنا على مكاسبنا منها قبل أن نبدأ بالوفاء لها ، ولذلك إحتفظت هذه الأرض بعذريتها حتى اللحظة رغم رغبتها الشديدة بنا وبأحضاننا وبعملنا عليها...وهكذا عشنا قريبين من بعضنا وبعيدين عن فهم ومحبة بعضنا
كنا أربعة فقط ونمثل أمل الحياة التي جعلنها تحتضر !!
ولن أخبركم عن أسماء جيراني ابدا
فالأسماء من دون الأفعال تشبه رسم شمعة على جدار متهالك !!
وبكل عقلانية لن تجلب لك الرسمة ضوء الشمعة الحقيقي
ولا دفئها.....
ولاشك أنني كنت ُوجيراني الأصدقاء الأعداءَ على قطيعة ملعونة ومعلنة والتحايا بيننا مجرد روتين ومناورة فكرية ولم نستوعب
( أن ّالإيدولوجيا حذاء الرأس ) لم نستوعب ذلك أبداً
وكان لدينا أعداء نُسميهم ( زوار الموت ) هكذا أسميناهم لكي نعيش!!
إنني الأن أراهم يتسللون إلى الساحة المشتركة لمنازلنا
إنهم فعلا زوار الموت .....
وكانوا إثنين فقط !!!
وأتذكر أنني رأيتهم يقتربون من منزل ( جاري اليساري ) ويقتحمونه ويقتادونه بوحشية إلى حيث لا يعود وكانت صرخاته الأخيرة وهو يستغيث بنا هي ما إستوطنت لامبالاتنا وتاهت في أرجاء منزله الذابل بعد غيابه...
ومع ذلك قلت في نفسي: الحمدلله أنني لستُ يساريا ً!!!!
وواصلت أنا والجاريين الباقيين حياتنا كما تعودنا
وعاد زوار الموت ذات ليلة كئيبة واقتحموا منزل جاري ( اليمِينيّ )
واقتادوه بوحشية إلى حيث لا يعود وكانت صرخاته تمزق سكون الليل إلا انني وجاري الوحيد لم نهتم ورأيته يغلق نافذته في صمت
وهذا مافعلته أنا أيضا ً
وطبعا حمدت ُالله أنني لست يميِنيا ًأبدا !!!!
وأكملنا حياتنا أنا وجاري ( الوسطيّ المعتدل ) أو آخر جيراني الأحياء! والذين عاد إليه زوار الموت ليقتادوه من منزله في وحشية ويقتلونه وسط المزرعة وأمام عيني ّ… أمام عينيّ بتحدٍ شامت
عندها لم أكتفي بالصمت
ولم يكتفوا هم بذلك
رأيتهم يقتربون من منزلي وإبتسامة الموت تسبق خطواتهم إلى روحي
وبحثتُ عما أدافع به عن نفسي ولم أجد إلا صورة متهالكة على جدران سودتها الحرب وتستحق الحياة واللون ..وكانت صورة جماعية لنا الأربعة ولأول مرة اسمع في غربة الذهن استغاثاتهم الوحشية تناديني
واشعر باناملهم الباردة وهي تلوح لي تلويحة الهلاك والعتب
عندها وصل إليَّ زوار الموت فتوقفت عن الصراخ
اذ لم يتبقأ أحد ليقف معي ! أو حتى ليسمع صرختي الأخيرة
ويشعر بذنب الخذلان بعد ذلك.
لا أحد
عبدالخالق سيف
مدير عام مكتب الثقافة تعز
اضف تعليقك على الخبر