يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

اليوم الفارق

الخميس 26/سبتمبر/2024 - الساعة: 1:59 ص
اليوم الفارق

 

الكاتب: محمد نجيب الحطوار 

لم يكن يوماً عادياً، اليوم الذي أضاف ألوان الحياة إلى الصورة. هنا قصة قصيرة تفوق الخيال لجغرافيا لم يعرف أهلها المذياع أو الفضاء أو التمثيل، لم يعرفوا حتى أن الإنسان يذهب إلى مكان اسمه الحمام لقضاء حاجته، يسيرون نصف عراة وبلا أحذية.
تسرد القصة نفسها: مكان موجود على هذه الأرض، أناس، حيواناتهم، زرعهم، وحاكمهم الذي يدعونه الإمام، والذي يملكهم وما يملكون. هذا الإمام، سليل أسرة، أسرة قامت على الغدر والخداع، ليست صغيرة، لقد كبرت هذه السلالة الدخيلة على تلك الأرض حتى وصل الأمر بتقاسمهم لها تراضيًا أو قتالًا: يقسّمون ما ليس لهم. حشودهم في المعارك هم أبناء تلك الأرض. يحشدونهم تحت سياط الجوع، أو الخوف، أو أسر أبنائهم، أو بالخدعة والوعود الزائفة، أو التخويف بالجن وغضبهم، وغالبًا ما حشدوهم تحت مبدأ الاصطفاء الإلهي والعرق الأسمى والنسب الأوفى، أي نسبهم وعرقهم. كانت هذه السلالة خطرًا على البشرية، على قيم الإنسانية، فهي تُنشّئ كائنات في غابة يمكن إطلاقها على أي كان دون وعي من هذه الكائنات. 
في سجونها.. بالتأكيد كانت تمتلك سجونًا، لكل من في قلبه بذرة حرية، لكل ذي دم ثائر.. كانت الأغلال بوزن الرجل أو أكثر، وكان أشد أنواع العذاب، فقط لمن يحاول أن يعيش أو يسأل " أين حقي".
الصور التي وثّقتها بعض الكاميرات - كاميرات الرحالة - بالأبيض والأسود، تُكثفُ البؤس بكل تفاصيله. في الصور كان ثمة لون أبيض، لكن الواقع كان أسود حالك السواد. لكم أن تتخيلوا أن قهوة ذلك الزمان كان مغلي فتات الخبز المحترق. نسميه خبزًا على سبيل المجاز، فأقل الإضافات كالسكر والملح كانا يشكلان تحدٍ اقتصاديٍ للفرد إذا فكر في الحصول على أي منهما، أما الأغلب فلا يعرفون ما هو السكر!
ثم جاء ال ٢٦ من سبتمبر، أضاف الألوان للصورة، وأضاف الملح والسكر للخبز والقهوة، القهوة التي صارت البُن والشاي. 
هذه الصورة والقصة التفصيلية الدقيقة، هل تخبران بوجود حرية، عدالة، أمن، حقوق، وحتى إنسان. ما هو الإنسان الإ مجموع هذه العناصر. لكنهما تُظهران وبوضوح الظلم والطغيان والجوع والمرض، تُظهران البدائية التي سلكها البشر أول وجودهم على الأرض عدا بتفصيل آخر: هؤلاء لديهم إمام. يا لسخرية اللفظ! حياته غير حياتهم بالطبع، يملك مذياعًا وسيارة ويطير إلى دول الجوار ويحتسي النبيذ، ويلبس الحرير، ويخدمه الصبيان والجواري.
هذه السلالة التي لم توفر للإنسان أبسط وسائل العيش ولم تسمح له البحث عنها، أي عاقل يمكنه أن يتخيل قيامها بما هو أكبر؟ أي عاقل لا يمكنه معرفة طغيانها وجبروتها وخطرها على البشرية جمعاء؟
ومنذ عشر سنوات، تحاول السلالة الدخيلة استرجاع أيامها، من ذاكرة الزمان، من كل أحقادها على كل ما هو يمني وإنساني بطبيعة الحال، فصارت قنبلة تهدد البشرية، لقد شحنت نفسها خلال ستة عقود من الزمان بكل الكُره الذي تحمله حتى الشياطين، وعادت إلى الواجهة: تقتل الحياة، الحب، والسلام. فبيئتها تمرض من قيم الإنسانية وتتعافى بالمجازر والقتل والغدر. 
لكن سبتمبر هنا، تشربته ملايين القلوب، لا يمكن انتزاع ألوانه من الحياة، فهو الباقي أبدًا. يوم من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا.

اضف تعليقك على الخبر