أخبار محليةتقارير وحوارات

تفاصيل 7 أيام للعندليب في اليمن

 

كتبت: نيفين الزهيرى

سبعة أيام قضاها عبدالحليم حافظ في اليمن لأول مرة في حياته، بين أولاد بلده في موقعهم اثناء الحرب فوق قمم الجبال وعلى مشارف الوديان في صنعاء والحديدة في عام 1967، وقال وقتها العندليب “رأيت إخوتي اليمنيين يخرجون من عصور التخلف ويعيدون صنع الحياة على أرضهم، ويحاولون اللحاق بانطلاقة البشرية وتقدمها.. وستبقي هذه الايام محفورة في ذاكرتي بكل دقائقها وستظل صورها عالقة في رأسي علي مدى العمر، ومهما قلت فلا يمكن أن أحدد معالم الدور المجيد الذي يقوم به رجالنا هناك ولا يمكن أن اعبر عن الاعتزاز والفخر تجاه كل واحد منهم”.

وحاول العندليب أن يتفهم الدور السياسي لوجود أولاد بلده في اليمن قبل نزوله لمطار صنعاء، ولكن لم يشعر بذلك إلا عندما شاهد على الطبيعة من جهد للبناء والتعمير، وتجول وقتها حليم بين صنعاء والحديدة وتعز ومراكز التجمع ورآهم يشاركون في إقامة المستشفيات والمدارس وفي زراعة الأراضي وفي رصف الطرق بسواعدهم، لدرجة ان حليم سأل أحد الجنود عن معنى وجوده في اليمن ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة فرد عليه وهو يشير إلى مجموعة من الأطفال اليمنيين: “من أجل هؤلاء الصغار ومن أجل مستقبلهم.. إني أتصورهم أطفالي في القرية وأدرك معنى الثورة لإنقاذهم من مصير الفناء”.

وشعر العندليب بمدى فهم الجنود المصريين لمهمتهم، فدمعت عيونه عندما سمع أفكارهم ونسي نفسه ووقف يغني لهم تحت الأمطار ووسط العواصف لدرجة انه لم يشعر بالتعب وكأنه كان يحاول أن يشاركهم ولو بجهد صغير في دورهم الإنساني الكبير، فكان يخرج من معسكر لآخر ويغني في أي مكان دون فرقة موسيقية، كان يريد أن يغني ويبذل أقصى جهد ليسعدهم، وليجعلهم يشعرون بأن القاهرة لا تنساهم رغم البعد وأنها تنتقل بفنها واهتمامها إليهم في مواقعهم.

فلقد ارتدى حليم الملابس العسكرية ووقف يغني للجنود المصريين في اليمن.. غنى “أهلا بالمعارك” و”صورة..صورة” و”سواح” و”على حسب وداد قلبي”.. وفي المقابل استقبله الجنود بالهتاف والزغاريد والرقص، وأحيانا كانت تشاركه الفرقة الماسية بعزف بعض المقطوعات الموسيقية، وقدم أحمد غانم الجانب الفكاهي، وقام عبد الحليم بزيارة الأبطال المرضى في مستشفي القوات المسلحة في تعز وغنى لهم أيضا.

وأكد حليم معلقا عن هذه الجولة “الواقع الذي أكده من خلال مشاهداتي في جولتي أنه لا توجد اية معارك أو عمليات عسكرية في اليمن، وأن جنودنا يشعرون كما لو كانوا في الإسماعيلية أو سيناء أو الصحراء الغربية ويحسون أنهم بين عشيرتهم وذويهم، وقد ألِفوا الحياة بدرجة أن كل مجموعة تزرع الأرض من حول معسكرها وتربي الأغنام وتحقق اكتفاءها الذاتي وتساهم في البناء والتعمير بقدر إمكانياتها، كما لاحظت ملامح الدور الإنساني لرجالنا من خلال المنشآت التي ترتفع في صنعاء والحديدة والمدارس والمستشفيات والمباني الحديثة والمحلات التجارية، والشوارع المرصوفة والأضواء الكهربائية”.

وأضاف “إن بعد كل ما رأيته وسمعته لا يكفي أن يذهب الفنانون الناشئون إلى اليمن، وإنما لابد أن يتحرك النجوم الكبار إلى هناك ويعيشوا الدور الإنساني لرجالنا ويتفاعلوا معهم ويعبروا عنه بفنهم وأحاسيسهم وكذلك لكي يشعر إخواننا وأولادنا بكل الاهتمام والتقدير من جانب الفن لدورهم الحضاري الذي يقومون به في صمت، لقد أكلت معهم طعام الميدان وصعدت إليهم فوق الجبال وعشت حياتهم سبعة أيام بقسوتها وحلاوتها وبكل معانيها، وصدقوني كانت أروع أيام في حياتي”.

يذكر أن العندليب رفض أن يتقاضي أي أجر ولو رمزيا عن حفلاته في اليمن، ورفض أيضا أن يحصل على بدل السفر المقرر له، وطلب من الشئون المعنوية بالقوات المسلحة أن تتيح له فرصة اللقاء مرة أخرى مع القوات المصرية في اليمن، والبقاء لفترة أطول بين رجالها، وذلك مشاركة عنه في الدور الإنساني لهم هناك.

– ارشيف

#سبتمبر59

* من صفحة مركز نشوان الحميري بالفيسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى