ارسال بالايميل :
6856
تقرير : فـهيم ســلـطــان القدسي
تعاني شذى ذات الأربعين خريفاً وإحدى المصابات بمتلازمة داون من أمراض النساء وتكيس المبايض وتحتاج الى متابعة مستمرة وفحوصات دورية ، فهي تشكو من عدم انتظام في الدورة الشهرية التي تقطعها ستة أشهر وتشعر بألم كبير حسب وصف والدة شذى لحالتها الصحية ، لديها تكلس في العظام وسببه النقرس وخمول في الغدة الدرقية ودهون وبداية سكر ومشكلة في الاسنان وضيق الفك لدرجة انها لم تفقد اسنانها اللبنية الا بالخلع لمجرد شعورها بألم ، إضافة الى وزنها الزائد منذ سبع سنوات مع توقف الراتب لم أتمكن من الاستمرار بالنظام الرياضة والسباحة ، وتأكل مما ناكل من النشويات والجلسة الكثيرة في البيت دون أي نشاط .
مــــــــهـــارات شـــــــــذى
رغم إصابة شذى بمتلازمة دوان وهو عبارة عن اضطراب وراثي يسببه الانقسام غير الطبيعي في الخلايا مما يؤدي إلى زيادة النسخ الكلي أو الجزئي في الكروموسوم 21 ما يتسبب في إعاقة ذهنية وتأخر في النمو مع ذلك تقول والدة شذى انها تساعدها في اعمال البيت والمطبخ و تغسل ملابسها أحيانا لوحدها ، دربتها منذ أن كان عمرها تسع سنوات على النظافة وكيف تستخدم الحمام ، وتضيف والدتها علشان شذى واعاقتها انا اخذت دورة تدريبية في مصر في مجال التدخل المبكر وكيفة الاعتناء بمصابي متلازمة داون استفدت منها كثيرا في تربيتها .
معرفة إصابة شذى بمتلازمة داون.. سبب لانفصال الأبوين
مثل أي أسرة تنتظر بشغف زيارة اول مولود لها وتبداء مرحلة العد التنازلي تتحدث والدة شذى عن هذه اللحظة فقالت اول دكتور ذهبنا اليه كان عمر شذى أسبوع ولن أنسى تلك اللحظة التي شعرت فيها بصدمة لن اكن اتوقعها وفي نفس الوقت نبهتني لأشياء كثيرة وجعلتني اهتم بها ، عندما اخبرني الدكتور وقال " انتي عارفه ابنتك تعبانة لن تعيش لن تمشي لن تتعلم لن تتكلم لن تتزوج " عند ما وصل عمرها ستة اشهر نصحوني اسافر بها الى "تشيكوسلوفاكيا " لغرض العلاج وسافرت وجلست ثلاثة اشهر لحظت تحسن في حالتها عما قبل وواجهت كثير من المصاعب اصعبها بعد معرفة والد شذى بإعاقتها ورفضه لها وكان ذلك سبب في الانفصال بيننا ، إضافة الى كم العبارات التي كنت اسمعها من الأطباء والمسؤولين تلك العبارة المتكررة " مصابي متلازمة داون مايعيشوا وانها لا تستحق ان اخسر على شانها " ومن حينها اخذت عهد على نفسي بان ابذل كل ما بوسعي حتى اكون بجانب شذى .
رحلة تــحدي
مازالت والدة شذى تروي حكايتها من اجل أغلي شيء في حياتها فكانت مع تحدي امام واقع لا يؤمن بالحب ، ولنا ان نتخيل مدى التحدي التي خاضته شذى مع أمها في ظل تخلي أقرب الناس اليهن تقول والدة شذى كانت كل مرحلة من مراحل عمرها تتطلب مني معاملة خاصة للأسف اتذكر أحد الأطباء في مستشفى (..) رفض معالجتها بحجة انها (معاقة ذهنية) للعين المخروطية واخذتها الى مصر ومكثت سنة كاملة وللأسف الآن شذى بتشوف بعين واحده ، وعندما تأخرت في المشي سافرت بها الى الهند واعطوا لها فيتامين ونصحوني ان يتم استئصال الرحم تجنبا الى أي مشاكل رفضت ذلك وانا ان شاء الله سوف احميها طالما كتب الله لي الحياة.
اختتمت والدة شذى قولها "الاهل بدون مساعدة المجتمع والجهات ذات العلاقة لن يقدموا أي شيء خاصة إذا كان مستواهم التعليمي بسيط ومن طبقة فقيرة ".
قصة من مئات القصص التي تعاني منها النساء ذوات الإعاقة ليس بسبب درجة الإعاقة ومستواها ولكن بسبب الاعراض الصحية التي تصاحب نوع الإعاقة فيكون الإهمال وقلة الوعي سبب وخيم لتفاقم الوضع الصحي ويبدأ هذا الإهمال من الاهل في المقام الأول، ومن المهم هنا ان نشير الى موضوع غاية في الأهمية وهو الوضع الصحي لذوات الإعاقة الذهنية والتي يتحمل الاهل وخاصة الأمهات كثير من المعاناة الى درجة ان بعض أمهات ذوات الإعاقة الذهنية تتمنى لهن الموت.
"رجاء المصعبي " الخبيرة الدولية في مجال ذوي الإعاقة ورئيس المؤسسة العربية لحقوق الانسان تقول الوضع الصحي للنساء ذوات الإعاقة سيئ لعدة أسباب يشمل عدم اهتمام الاهل بصحة الفتاة من ذوات الإعاقة، مؤسسات الأشخاص ذوي الاعاقة وعزوفها عن الاهتمام بالوضع الصحي ، إضافة الى المراكز الصحية والمستشفيات والتي تفتقر الى تطبيق ابسط المعايير الصحية وتضيف المصعبي تم اختياري كأحد الخبراء ممثلاً عن الشرق الأوسط وشمال افريقيا وشاركت في وضع دليل عن الوضع الصحي للنساء ذوات الاعاقة قدمت نسخه لمنظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان على أساس ان يبداء العمل فيه وبذلت معهم جهد كبير للعمل من اجل وضع افصل لصحة النساء ذوات الإعاقة قبل حوالي ثلاث سنوات وتوقف بسبب الدعم .
لماذا صحة النساء ذوات الإعاقة
تعاني النساء ذوات الإعاقة مجموعة من المشكلات والأمراض الناتجة عن انعدام الأدوات الصحية كالمناشف، والفوط، فعلى سبيل المثال نجد النساء اللواتي يستخدمن الكراسي المتحركة، يتعرضن للعديد من المشكلات الصحية، حيث أن جلوسهن لفترة طويلة على تلك الكراسي يؤدي إلى عدم الحركة، وبالتالي يتعرضن للالتهابات والطفوح الجلدية في منطقة الوركين والفخذين، فضلاً عن أمراض المفاصل، والتقلصات العضلية، والتعرض لآلام الظهر الشديدة، وظهور القروح الجلدية والتي إذا لم يتم علاجها بشكل سريع فإنها تتحول إلى جرح مفتوح يسبب الالتهاب في الجسم وقد يؤدي في العديد من الحالات إلى الوفاة ، وهناك النساء ذوات الإعاقة الذهنية والتي يعشن حياة صعبة جدا لا يدركها غير الاهل إضافة الى خوفهم من تعرضهن الى انتهاكات جنسيه .
ترى وديعة السخياني مدير التموين الطبي لصندوق المعاقين ان الوضع الصحي سيء جداً نظرا للظروف التي نعيشها ومن الطبيعي ان تعاني النساء ذوات الإعاقة من هذا الوضع ويواجهن صعوبات كثيرة منها عدم وجود المراكز المؤهلة لاستقبالهن وعدم توفير قاعدة بيانات صحيحة ودقيقة عنهن وخصوصا في الأرياف غياب التوعية في مراحل الحمل وتربية الأطفال وخصوصية التعامل مع النساء ذوات الإعاقة في الوضع الصحي.
ايمان شرف الدين من ذوات الإعاقة السمعية تشكو من الصعوبات التي تواجه ذوات الإعاقة السمعية في الجانب الصحي واهمها عدم وجود مترجمين بلغة الإشارة
اهمال الوضع الصحي لذوي الإعاقة!
تعكس التشريعات النهج القائم على المساعدة الاجتماعية أو الخيرية للأشخاص ذوي الإعاقة، وتفتقر إلى تماسك النهج الذي يقوم على أساس التكامل بين القطاعات المتعددة والحق المكفول ، ونجد أن الخطة الاستراتيجية الخمسية الثانية والثالثة اللتان وضعتهما وزارة الصحة شملت مجالات ، الصحية الأولية، والصحة الإنجابية، وصحة الطفل، وسوء التغذية، والصحة المدرسية، ولم تستهدف أياً من هاتين الخطتين فئة الأشخاص ذوي الإعاقة على وجه التحديد ، كما إن جميع المرافق الطبية الحكومية والخاصة في جميع المحافظات اليمنية غير متاحة للعديد من الأشخاص ذوي الإعاقة، وتخلو من الخدمات المتاحة كالتسهيلات، والإعفاءات، والممرات الخاصة، والمراحيض، والأسرَّة الملائمة، وتوافر المترجمين بلغة الإشارة.
التشريعات والسياسات
اغفل قانون الصحة العامة رقم ٤ لعام ٢٠٠٩ الرعاية الصحية للأشخاص ذوي الاعاقة واكتفى بذكر كلمة الشرائح " الخاصة" من السكان ويقصد بها ذوي الإعاقة، فيما يؤكد القـانون رقـم (61) لسـنة ١٩٩٩م (لرعايـة وتأهيـل المعـاقين) الـذي يعطـي الأشـخاص ذوي الإعاقـة الحـق فـي الحصـول علـى الرعايـة الطبيـة المجانيـة والضـمان الصـحي، وتـوفير الاجهـزة الطبيـة والتعويضـية ويهدف قانون صندوق (المعاقين ) رقم (2) لسنة ٢٠٠٢ ، الى توفير الرعاية الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة والتوعيـة الصـحية وتـوفير الخـدمات الصـحية، كالأطبـاء والأدويـة والتدخلات الجراحية، ونوهت الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، صادقت عليها اليمن عام 2008، ان النـساء ذوات الإعاقـة غالبـا مــا يــواجهن خطــرا فــي التعــرض للعنـف أو الإصـابة أو الاعتـداء، والإهمـال والمعاملـة غير اللائقة، وتشير المادة رقم (25) من الاتفاقية الى وجوب تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بــأعلى مــستويات الــصحة دون تمييــز علــى أســاس الإعاقـة. مع مراعـاة الفــروق بــين الجنــسين، وتوفير رعاية وبـرامج صـحية مجانيـة بما في ذلك خـدمات الـصحة الجنـسية والإنجابية وبرامج الصحة العامة للسكان إضافة الى إذكاء الوعي لدى العاملين في وزارة الصحة، وزيادة معارفهم وينبغي مشاورة ذوات الاعاقة وأخذ رأيهن عند إعداد الاستراتيجيات والخطط الرامية إلى إزالة العقبات وتعزيز رعاية صحية يسهل الحصول عليها لتشمل الجميع.
#فهيم_سلطان_القدسي
اضف تعليقك على الخبر