أخبار محليةكتابات

نبيل الفقيه يكتب : إستعادة القرار السيادي

بقلم : نبيل حسن الفقيه

اثبت التاريخ والتجارب التي مرت على مختلف الدول التي خضعت للاحتلال او شبه الاحتلال بأنه لا مجال لأي امة في اجراء إصلاح سياسي أو اقتصادي او اجتماعي او إداري أو مالي، ولا مجال للاستقرار والامن والأمان والنمو المستدام في ظل الهيمنة على القرار السيادي من قبل اى طرف خارجي.

لقد مكن الحوثيين المملكة العربية السعودية من التحرك لاستعادة دورها في المنطقة والعالم العربي في ظل توسع النفوذ الإيراني في المنطقة خاصة بعد ان أيقن الجميع ان عواصم الدول العربية “سوريا ولبنان والعراق” أصبحت في حكم السيطرة الكلية لولاية الفقيه في إيران، وبات في حكم المؤكد ان الحوثيين يخوضون حربا بالوكالة عن إيران في اليمن، ولم يكن في حكم المفاجأة التدخل السعودي الاماراتي العسكري في اليمن تحت ذريعة دعم الشرعية.

افتقدت الحكومة الشرعية قدرتها على خلق علاقة متوازنة فيما بينها وبين التحالف السعودي الاماراتي، حيث عمد التحالف على تجاهل الشريك الأساسي و القانوني و الشرعي عند اتخاذ القرارات المصيرية، وعمدت الامارات بشكل خاص على اثارة الخلاف و خلق التوتر فيما بينها وبين الحكومة الشرعية، وتماهت السعودية مع الامارات في ذلك، بل انها ساهمت في وضع العراقيل في طريق عودة الحكومة الشرعية، وتمكنت الامارات من تطويع المسارات السياسية للملف اليمني، اذ عملت الامارات على خلق مكونات هامشية تتفق وتتوافق وتوجهاتها الهادفة لأضعاف المؤسسات الشرعية للدولة اليمنية وتفكيك تماسكها السياسي الهش.

بالإضافة الى ذلك فقد سعى تحالف دعم الشرعية الى تقويض سلطة الرئيس هادي في المناطق المحررة، واسهمت السعودية بصورة مباشرة وغير مباشرة ببقاء القرار اليمني رهناً بأجندتها، متعمدة اظهار الشرعية في حالة من الوهن والضعف مما أدى مع مرور الوقت الى فقدان الحكومة اليمنية الشرعية القدرة على احكام قراراتها الوطنية، كل ذلك سبب في احداث شرخ عميق فيما بين الحكومة الشرعية والشعب.

لقد تساوى الحوثي المدعوم من إيران مع تحالف دعم الشرعية (السعودية/الامارات) في ممارساتهم لإخضاع الناس لنزواتهم السلطوية، حيث اعتمد الطرفان على اتباع نفس السياسات المبنية على افقار الناس وتجويعهم واخضاعهم لسياسية الهيمنة، وإلهائهم في البحث عن لقمة العيش وتوفير الدواء كأولوية قصوى، والسعي لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الأساسية، وهذا ما حدث لأكثر من ثلاثين مليون انسان.

فكان ان تفرغ الحوثي لنهب المال العام وبسط سيطرته على كل مقومات الدولة السياسية والاقتصادية بتخطيط واشراف إيراني، في حين قام تحالف دعم الشرعية بتفريغ الفعل السياسي للحكومة الشرعية من مضمونه ومحتواه وتبديد مصادر قوته لتكون المحصلة النهائية اختطاف القرار السيادي لليمنيين، بعد ان ارتهن الطرفان للخارج، ففي حين ارتهن القرار السياسي للحكومة الشرعية للتحالف السعودي الاماراتي، ارتهن القرار السياسي للحوثيين لإيران.

تظافرت جهود المبعوث الاممي مع توجهات الإيرانيين والاماراتيين حيث عمد المبعوث على طرح الحلول الجزئية، والتي لا يمكن ان تحقق السلام العادل في اليمن، وانما تمهد لصراع طويل فيما بين اليمنيين شماله وجنوبه وتمهد كذلك للقوى الإقليمية والدولية من الاستمرار في التحكم بالقرار اليمني وتسييره في الاتجاه الذي يحقق للفاعلين الإقليميين أهدافهم، دون النظر للمسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه اليمن.

لذا اجد ان على جميع الفرقاء السياسيين الاسهام في استعادة قرارهم السيادي من قبضة القوى الإقليمية والدولية، وان ينطلقوا في ذلك من زاوية التوافق على اجراء مصالحة وطنية فيما بين مختلف القوى الوطنية المؤمنة بالشراكة والمشاركة والقبول بالأخر، مع فتح المجال لمختلف القوى الوطنية للانضمام لركب السلام المبني على العدالة والمساوة، ودعوة الطرف الحوثي للانضمام متى ما تخلى عن معتقداته في حقه في الحكم كحق الهي، ومتى ما اقتنع وامن بان السبيل للوصول لسدة الحكم هو صندوق الانتخابات، ومتى ما تخلى عن تبعيته العمياء لإيران، و امن ان الوظيفة العامة حق لكل مواطن يمني دونما تمييز عرقي او مذهبي او طائفي، ومهد لبناء علاقات متينه مع مختلف الفرقاء السياسيين والقوى الوطنية في الداخل والخارج من خلال تسليمه للسلاح الثقيل والمتوسط للدولة.

ان استعادة السيادة الوطنية هو المدخل لكل الحلول السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمكن ان تعيد الاستقرار لليمن، مع وضع الاليات التي تتفق وتطلعات اليمنيين في انتاج فترة انتقالية تضمن تفعيل مختلف السلطات الرئاسية والبرلمانية والمحلية، وفق أسس ديمقراطية تعكس تطلعات الشعب اليمني وارادته، وهذا هو المدخل الذي يضمن العادلة والمساوة بين مختلف أبناء المجتمع اليمني، ودونما تسلط من احد، ودون ان يكون لأي مكون سياسي القدرة على التأثير السلبي على العملية الديمقراطية، ودون ان يكون لأي طرف القدرة على استخدام سطوته المسلحة التي اكتسبها نتيجة انهيار مؤسسات الدولة في تعطيل المؤسسات الدستورية والتحكم بالقرارات السيادية المتصلة بالسياسة الداخلية والخارجية وبالقرارات الاصلاحية، وبالمقدرات الاقتصادية.

لقد بات واضحاً للجميع ان لا مخرج لليمن من هذه الازمة الا من خلال الوصول لحل سياسي مستدام يعيد اليمن الى موقعه الطبيعي في قلب العالم العربي بعد ان جر الحوثيين اليمن للمربع الفارسي، ورفع اليمن من تحت الوصاية الدولية، ومعالجة الوضع الاقتصادي، وإطلاق “مشروع مارشال” لإعادة إعمار اليمن.

 ،، والله من وراء القصد ،،


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى