حربُ أعد لها طويلا، في بلد يبدو حتى اللحظة أن السلام بعيد عنه. حرب بات السكوت عنها استمرارا بإغراق البلد في فوضى التقسيم والتمزق. ووضع الحكومة الشرعية في الرياض يبدو تعبيرا واضحا عن حالة استلاب القرار السياسي والسيادي للبلد.
شبح التقسيم
وأمام موجة التساؤلات حول ما إذا كانت شرعية هادي لا تزال قائمة وعن موقعها من القضايا القائمة، يتهرب التحالف من التزامات السلام، ومن الديمقراطية المحتملة في البلد الجار تاركا اليمنيين محاطين بالكوارث التي تتعاظم يوما بعد آخر.
ولا بديل عن السلام غير استمرار الحرب وإدامة الفوضى وشبح التقسيم الذي يحيط بمستقبل اليمن ومعه يفقد اليمنيون بلادهم وتضيع دماؤهم وتتضاعف خسائرهم دون جدوى.
وسط هذا الركام "ايضًا" لا مؤشرات عن سلام حقيقي أو تسوية سياسية، ومن المحتمل أن تنتج دويلات محكومة بهيمنة دول إقليمية.
إن معركة استعادة الدولة تحولت الى مجرد صراع بين مليشيات متعددة الولاءات في بلد يتشظى بمباركة سعودية إماراتية، مع غياب أي أفق لوقف الحرب الدائرة منذ سنوات خمس، خصوصا بعد أن تغيرت أولويات التحالف المعلنة.
كما لا يعد المستقبل بتغيير حقيقي كما يقول مراقبون فيما لو بقيت القوى والتوجهات السياسية على حالتها من الجمود، وسط بلاد عملت التدخلات الإقليمية والدولية على مصادرة قضيته وحق شعبه في رسم نهاية لهذه الطريق.
تتعدد سيناريوهات الحرب وما بعدها، أما فرضية انتصار اليمنيين على مشاريع الفوضى والتقسيم والوصول الى بر الأمان، فهي غائبة حتى الآن ولا أحد يجيب.
تعقيدات الحرب
الكاتب والباحث في العلاقات الدولية علي العبسي يرى أنه، من الصعب التنبؤ بنهاية للحرب في اليمن كون مسألة الحرب تعقدت أكثر مما كانت عليه قبل خمس سنوات.
وأضاف العبسي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة بلقيس مساء أمس، أن التعقيدات والصراعات الإضافية والانقلاب الذي قام به المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وضعف الحكومة الشرعية وبقائها في الرياض زادت من تدهور الوضع في اليمن.
وأرجع العبسي أسباب ضعف الحكومة الشرعية، إلى طريقة تدخل التحالف العربي في الحرب في اليمن لأن التحالف بحث عن حلفاء محليين بعيدا عن الحكومة، وذهاب الإمارات إلى تكوين مليشيات تتبع لها مباشرة، إضافة إلى بقاء الرئيس هادي في الرياض.
سيناريوهات متوقعة
وعن سيناريوهات يمن ما بعد الحرب، أوضح العبسي أن هناك ثلاثة سيناريوهات لليمن – قد يتم فرضها على اليمنيين كأمر واقع – تتمثل في دولة الحوثيين في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرته، وهناك شبة دولة أو سلطة في إطار التكون في عدن ومحافظات لحج والضالع وأبين، وهناك دولة للحكومة الشرعية في مأرب إلى جانب شبوة وبشكل أقل في محافظة حضرموت، فيما تعز قد تكون دولة في ظل الصراع المحتدم بين الشرائح الاجتماعية، حد وصفه.
الناشط السياسي والحقوقي عبدالقادر الجنيد أكد أنه، لن يكون هناك نهاية للحرب في اليمن في المستقبل المنظور.
وعلى عكس الباحث العبسي، توقع الجنيد لليمن ثلاثة سيناريوهات، الأول أن ينتصر الحوثي، وفي حال حدث هذا سيفرض الحوثي جمهوريته على غرار جمهورية قم وطهران في إيران، بينما السيناريو الثاني هو انتصار الشرعية والتحالف وتغيير أدائهم، فيما السيناريو الثالث هو إنهاء الحرب بطريقة مارتن غريفيث والأمم المتحدة.
وحول ما إذا كان هناك إمكانية في تغيير أداء الشرعية، أوضح الجنيد أن تغيير أداء الشرعية ممكن وسهل، لكن لن يكون ذلك في ظل الطريقة والقيادة الحالية.
وتابع "لا بد من توحيد الصف أولا لكسب ثقة المؤيدين للشرعية". لكنه – أي الجنيد- يرى أن القفز على شرعية الرئيس هادي كالسباحة في بحر من الخيال؛ كون من أضفى شرعيته هو مجلس الأمن، وبالتالي من الصعب القفز على شرعية هادي.
وزاد "الحل يكمن في توحيد الصف، وعدم إعطاء هدايا مجانية للحوثي بتفرق اليمنيين وتشرذمهم، وحددها رئاسة هادي والسعودية التي يمكنها من توحيد صف اليمنيين".
العبسي وافق حديث الجنيد من حيث صعوبة القفز على شرعية الرئيس هادي أو تجاوزها، كون شرعيته مستمدة من مجلس الأمن.
وتابع" لا نحتاج كيمنيين التخلي عن الشرعية؛ لأنه لا يوجد هناك بديل متاح ومناسب في الوقت الحالي".
وحول الدور السعودي الإماراتي في اليمن، أوضح العبسي أن الدور الإماراتي في اليمن هو دور مؤقت كون أبو ظبي لا حدود لها مع اليمن، ووجودها محكوم بتحالفها مع السعودية ويمكن التخلص منه، بعكس السعودية التي لها حدود وتواصل اجتماعي واعتماد اقتصادي ولها نفوذ في اليمن منذ عقود طويلة، معتبرا تحالف السعودية مع الإمارات في اليمن مجرد تحالف مرحلي؛ لأن السعودية لن تسمح بزيادة نفوذ الإمارات في اليمن على حسابها.
وعن دور الأحزاب والقوى السياسية وما إذا كانت هي التي اضعفت الرئيس هادي أو هو الذي أضعفها، قال العبسي إن الحرب اضعفت الجميع وطغى صوت السلاح على الجميع.
المصدر / بلقيس نت
اضف تعليقك على الخبر