يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

قراءة في خطاب الرئيس

عمر الحار

 

الكاتب : عمر الحار

قدم فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي قراءة فلسفية عميقة لثورة الاكتوبرية المجيدة ، تمكن خلالها من اظهار جواهر مشروعها ، وقيمة اهدافها الوطنية و الانسانية ، معيدا تعريفها في القاموس السياسي ، باعثا الحياة في قيمها غير القابلة للنسيان ، لتبقى عنوان لعنفوان ارادة الاحرار من الثوار الذين اوقدوا مشاعلها بدماء تضحياتهم ، باعتبارها مشروع وطني جامع لتحرير الانسان ، لا مشروع سياسي قائم على تحالفات المراحل ، منقاد لقوى النفوذ فيها ، على مختلف مسمياتهم و تشكيلاتهم النضالية البراقة .
وتناول فخامة الرئيس بعقلية العالم الخبير بالثورة و المجتمع قراءة امينه للثورة الاكتوبرية ، من منظور بحثيٍ و استراتيجيٍ بحتٍ ، دون الغوص في المتغيرات الطارئة عليها من مرحلة الى اخر ، حتى لايصيب المشهد الوطني بحالة من الارباك الجديد ، معيدا للاذهان دورها في تشييد اركان الدولة ومؤسساتها الفوقية ، التي عجزت للاسف الشديد ، عن صناعة وعيها الثوري الذي يمثل السياج الوطني الاول لحمايتها وخط الدفاع الاول عنها . مما سهل عملية اختراق القوى الانتهازية لها . مسببة اضعاف قدراتها الثورية مع السنين ، دافعة بنيانها للانهيار .
وفي السياق لم يكن خطاب فخامة الرئيس ، مجرد تذكير بماضٍ عظيم ، بل كان استدعاءً استراتيجياً لتصحيح البوصلة الوطنية ، وتجديد العهد مع المبادئ الأولى التي انطلقت منها شرارة الثورة . لقد أعاد التأكيد بأن الثورة ليست حدثاً آنياً يحتفى به موسمياً ، بل هي حالة وعي مستمرة ، وأداة تحرر دائم ، تستمد مشروعيتها من ارتباطها العضوي بالناس ، ومن صدق تمثيلها لآمالهم وطموحاتهم .
ووضع الرئيس في تطرقه لمآلات الثورة ، إصبعه على الجرح ، في ثلاثية الثورة و الشعب و الوطن  حين أشار إلى هشاشة البُنى الثقافية التي لم تُواكب البُنى المؤسسية ، مما أفرغ الثورة من محتواها التنويري ، وتركها عرضة للاجتياح من قبل القوى المتسلقة التي لا ترى في الوطن إلا سلعة تُدار ، لا قضية تحتضن . فكانت النتيجة أن ضاعت الثورة بين شعاراتٍ لم تُترجم ، ومؤسساتٍ لم تحصّن ، وإراداتٍ تآكلت بفعل غياب مشروع وطني متجدد .
و جاء خطاب الرئيس الدكتور رشاد العليمي ليؤكد أن جذوة الثورة لم تنطفئ ، وأن قيمها الكبرى لا تزال كامنة في وجدان هذا الشعب العظيم ، تنتظر من يوقظها بالفعل لا بالقول . ولهذا ، كان النداء واضحاً أن تعود النخب إلى مواقعها الطبيعية كرافعة وعي ، لا كأدوات صراع . وأن يعاد الاعتبار للمشروع الوطني بوصفه نقطة الالتقاء الوحيدة الممكنة ، في زمنٍ تكاثرت فيه الولاءات ، و تبعثرت فيه الاتجاهات .

اضف تعليقك على المقال