الكاتب : عماد الدين الغزالي

لم يعد المولد النبوي في اليمن مناسبة روحانية تُذكّر برسالة الرحمة، بل تحوّل في مناطق سيطرة الحوثيين إلى موسم جباية قسري. فبدلاً من أن يبقى الاحتفاء طوعياً، صار المواطن مجبراً على الدفع تحت التهديد بالوصم أو الملاحقة.

قبل أسابيع من المناسبة تبدأ اللجان بجمع “التبرعات” من التجار والمدارس والموظفين، فيتحوّل العطاء إلى التزام إجباري. الممتنع يُتهم بعدم محبة النبي، والتاجر الرافض يتعرض للتضييق، والمعلم المعترض يُستدعى “للنصح”.

الأموال المتدفقة لا تُصرف على خدمات عامة منهارة، بل على زينةٍ مُبهرة ومنصاتٍ ضخمة تخدم الدعاية السياسية للجماعة. هكذا يُستخدم الدين ستاراً لتكريس سلطة أمر واقع، ويُستغل اسم النبي لإرهاب الناس وتكميم أصواتهم.

الخطاب الديني في المولد لم يعد يروي السيرة العطرة، بل يعيد إنتاج شعارات الحرب والولاية، ويربط الولاء السياسي بالحب النبوي. بهذه الطريقة يُمسَخ الدين من قيمه الجامعة إلى أداة تقسيم وإخضاع.

إن المولد النبوي في أصله ذكرى تُحيي القلوب وتجمع الناس على الرحمة والعدل. أما تحت سلطة الحوثيين فقد صار عنواناً للنهب المقنّع... استعادة هذه المناسبة تبدأ حين يسترد اليمنيون معناها الحقيقي: احتفاء بالنبي لا ابتزاز باسمه، وذكرى للرحمة لا للمكاسب.