يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

ما بعد الغياب... أغنية

عديل عقلان

 

الكاتب : عديل عقلان

لا أحد يشبهه...
ذلك الذي كتب للوطن أغنيته، وللحب ملامحه، ثم رحل.
ولا أحد يشبه صاحبه، الذي وضع صوته على الجرح، فصار الشجن وطنًا يُغنّى.

حين تُذكر الأغاني التي تسكن القلب، تقفز صورة أيوب طارش، لكنه لا يأتي وحده...
دائمًا يحمل في صوته ظلًّا اسمه الفضول.

لم يكونا مجرد شاعر وفنان،
بل حكاية كاملة كُتبت على مهل، بماء الثورة، وغبار الطريق، ولهفة المساكين في الحقول البعيدة.
كان أحدهما يكتب، والآخر يسمعه قبل أن يقرأه.
يكتملان معًا، كأن القصيدة وُجدت لتُغنّى، وكأن الصوت خُلق ليمنحها الخلود.

لم تكن مصادفة أن يتزاملا في زمن اشتعلت فيه اليمن بالمعنى.
زمن سبتمبر وأكتوبر، حين كانت البلاد تكتب نشيدها الأول، وكانا هما من يخطّه بين نايٍ وقافية.

حتى بعد أن أرخى الغياب ثقله، ظل أيوب يغني…
لكن هذه المرة، كان صوته يحاور الصمت، يسأل صديقه:

يا من رحلت إلى بعيد… قصّر مسافات البعيد
كأنها رسالة تأخرت كثيرًا، أو وداعًا لم يجد موعده المناسب.

في تلك الأغنية بالذات، لم يكن أيوب يغني،
كان يودّع، يرثي، يعاتب، يشتاق…
وكان الوطن يسمع، ويحنّ.

ذلك النداء، في زمن الوحدة التي حلم بها الفضول كثيرًا، ولم يمهله القدر ليعيشها كاملة...
جاء كأنشودة على قبر الزمن، قالها أيوب بصوته لا بكلماته، ولكن كانت كل كلمة فيها من طينة الفضول.

في السطر الأخير، كانت القصيدة تنحني وتبكي:

يا آخر الألحان في وتري، وخاتمة النشيد...
أي حبٍ هذا الذي يظل حيًّا بعد أن يموت؟
أي وداع هذا الذي يتأخر عن موعده، لكنه يجيء أكثر وجعًا وصدقًا؟
وأي صداقة تلك، التي لا تنتهي بانتهاء الحياة، بل تواصل الغناء عن الغائب وكأنه لم يغب؟

هكذا كان الفضول في قلب أيوب...
وهكذا بقي الاثنان في قلب اليمن.

اضف تعليقك على المقال