يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الصداقة… مرآة الروح ودفء الذاكرة

أشرف محمدين

الكاتب : أشرف محمدين 


في زحام الحياة، حين تتسارع الأيام وتشتد المسؤوليات وتتراكم الهموم، نبحث عن شيء لا يتغير، عن نقطة نور تضيء الداخل، عن يد تمتد دون سؤال… وهنا تأتي الصداقة.
ليست مجرد علاقة نكوّنها في طريقنا، ولا هي ترف اجتماعي نمارسه في وقت الفراغ.
الصداقة الحقيقية هي ملاذٌ داخلي، وطن صغير يسكن في قلب إنسان آخر، نلجأ إليه حين تُغلق في وجوهنا أبواب الدنيا.

كلنا نحتاج إلى من يُشبهنا في الروح، لا في الهيئة.
من نطمئن له دون أن نشرح، ونتحدث معه دون أن نخشى الحكم.
الصديق هو مرآة نفسك… لا تجملك، ولا تُهينك، بل تُريك حقيقتك، وتحبك كما أنت.

أصدقاء الطفولة:
حين نتذكر أصدقاء الطفولة، تنبعث في قلوبنا مشاعر دافئة وذكريات لا تُنسى.
هم أول من واكبوا خطواتنا الأولى، وهم الشهود على أول ضحكة، وأول لعبة، وأول سرّ نتقاسمه مع أحد.
في هذه المرحلة من الحياة، نكون أبرياء وصادقين، لا نعرف بعد معنى الخداع أو الزيف.
أصدقاء الطفولة لا يتغيرون، لأنهم لا يعرفون سوى الحب الصافي.
يكفي أن نلتقي بهم بعد سنوات، لنشعر أن الزمن توقف. لم يتغير شيء بيننا، فقط نضجنا، لكن روحنا ما زالت كما كانت، تمتزج بالبراءة والصدق.
هم الذين رأوا فينا نقاط ضعفنا وعزيمتنا الصغيرة، وعرفوا أسرارنا قبل أن نكتشفها بأنفسنا.
وأكثر من ذلك، هم من يظلون معك حتى حين يبتعد عنك الجميع.
قد تتغير الأماكن والظروف، لكن أصدقاء الطفولة يظلون في قلوبنا، يذكّروننا بمن كنا، ويعيدوننا إلى تلك الأيام التي كانت فيها الحياة أبسط وأجمل.
لذا، أصدقاء الطفولة هم بمثابة الجزء الأول و الأهم من الرحلة، الذين لا يغادرون رغم تغير المسار.
إذا غابوا عنك لسنوات، يكفي أن تلتقي بهم لترجع إلى ذاتك، وتعود إلى البساطة التي كانت تملأ حياتك.
فيهم نجد أنفسنا كما كنا، قبل أن تلوث الحياة تفاصيلنا وتغيرنا. فمهما تغيرت الظروف و اختلفت المناصب وعندما نجتمع سويا بعد ما حقق كل من نجاحات في حياته العملية ووصل كل منا إلي منصب ما ننسي كل هذا مع أول لحظة في اللقاء و نعود و كاننا ما زلنا في كي جي وان او المرحلة الابتدائية و نضحك من القلب بلا تصنع او خجل فنحن مع بعضنا بلا حواجز او حدود بل و الأغرب من ذلك انه عندما نتفق علي موعد للقاء نفرح فرحة الطفل البريء 

أصدقاء الجامعة:
حين نصل إلى مرحلة الجامعة، نبدأ في توسيع دائرة صداقاتنا.
هنا تتشكل صداقات جديدة، لكنها تظل تحمل طابعًا مختلفًا، حيث يكون البحث عن الذات هو الهدف الأول.
أصدقاء الجامعة هم من نبحث معهم عن المعنى الأعمق للحياة، هم من يشاطروننا أحلامنا وأفكارنا الطموحة.
ورغم أن هذه العلاقات قد تكون أكثر تعقيدًا أو متغيرة، إلا أن الأصدقاء الحقيقيين في هذه المرحلة يبقون معك، ينصحونك، ويشجعونك، ويظلّون جزءًا من ذكرياتك مهما مرّ الزمان 

أصدقاء العمل:
مع مرور الوقت وبدء دخولنا إلى سوق العمل، نلتقي بأصدقاء آخرين، من زملاء المهنة أو العمل.
هؤلاء الأصدقاء هم من يعاونونا في تجاوز ضغوط الحياة العملية، ويمدّون لنا يد العون في أوقات الحاجة.
ولكن ليس كل الأصدقاء في العمل يظلون إلى الأبد. فبعضهم يبقى بجانبنا لمجرد فترة معينة، لكن العلاقة الحقيقية هي التي تستمر خارج بيئة العمل، التي تكون مبنية على التفاهم والاحترام المتبادل 

أصدقاء ما بعد الأربعين:
وفي مرحلة ما بعد الأربعين، تزداد قيمة الصداقات الحقيقية، حيث يكون لدى الشخص نظرة أعمق للحياة وأكثر صدقًا مع ذاته.
هنا نبدأ في فرز العلاقات التي تستحق الاستمرار، ونبتعد عن العلاقات السطحية.
أصدقاء هذه المرحلة هم من يبقون في حياتك لأنهم شاركونك لحظات ضعفك، وصبروا معك في الأوقات الصعبة، ووقفوا بجانبك رغم تغيرات الحياة.

وفي كل مرحلة من هذه المراحل، تظهر الصداقة كأغلى الكنوز التي نحملها في أعماقنا.
ففي الطفولة نجد البراءة، وفي الجامعة نجد الحلم، وفي العمل نجد الدعم، وفي العمر المتقدم نجد الأمان.


الصداقة هي أكثر من مجرد علاقة إنسانية، هي ركيزة للروح، وشعاع من النور في ظلمات الحياة.
إنها تلك العلاقة التي تبقى ثابتة، رغم متغيرات الزمن وصعوباته، والتي تمنحنا القوة عندما نحتاجها، والراحة عندما تضيق بنا الحياة.
الصديق الحقيقي لا يُعطى ثمناً، هو هدية من القدر، يتواجد في حياتك دون أن يُطلب.
والأصدقاء هم الذين يضيفون معنى وعمقًا للحياة، هم رفقاء الطريق في أيام الفرح والحزن، في النجاح والفشل.
وفي نهاية المطاف، لا تكتمل حياتنا إلا بوجود أصدقاء حقيقيين بجانبنا.
لذلك، يجب أن نحرص على الحفاظ على هذه العلاقات الطاهرة والنقية، مهما مرّ الزمن، لأن الصداقة الحقيقية هي كنز لا يُقدر بثمن.و هي احد نعم الله  علينا

اضف تعليقك على المقال