الكاتب : اشرف محمدين
إذا كنت من عشاق كرة القدم في مصر، فأنت بلا شك تعيش في عالمٍ موازي، حيث يتداخل المنطق مع العشوائية، ويصبح الجدل أهم من المباراة نفسها، ويكتسب كل شخصٍ لقب “الخبير الكروي” تلقائيًا بمجرد الجلوس على القهوة.
اللاعب المصري: بين المهارة واللا مبالاة
اللاعب المصري موهوب بالفطرة، سريع البديهة، لكن لديه موهبة أخرى أكثر بروزًا: اختلاق الأعذار! إذا كان الجو حارًا، فهو السبب في سوء الأداء، وإذا كان الجو باردًا، فالعضلات “مشدودة”، وإذا تعادل الفريق مع منافس متواضع، فـ”الكرة مكسب وخسارة”! أما الاحتراف الخارجي، فهو بالنسبة للكثيرين مجرد فسحة في أوروبا للظهور على “إنستجرام” بملابس شتوية أنيقة.
المدرب المصري: نظرية المؤامرة أولًا!
لا يوجد مدرب في العالم يستطيع تفسير خسارته مثل المدرب المصري. الخطة لم تفشل، بل اللاعبين لم ينفذوها! الفريق لم يكن سيئًا، بل التحكيم ظلمه! وعندما يسألونه عن سر الهزائم المتكررة، تكون الإجابة الحاسمة: “الظروف” أو “التوفيق غاب”! وبالطبع، إذا فاز، فهو عبقري العصر، ويبدأ الحديث عن العروض القادمة من الدوريات الخليجية.
الإدارة الكروية: العبث في أبهى صوره
الإداريون في الكرة المصرية لديهم قدرة مذهلة على اتخاذ قرارات تجعل الجماهير تصاب بالصداع النصفي! هل الفريق يحتاج إلى مدير فني محترم؟ الحل: التعاقد مع مدرب تمت إقالته ثلاث مرات خلال الموسم! هل تحتاج المنظومة إلى تطوير؟ الحل: استحداث لائحة جديدة تعقّد الأمور أكثر! أما التعاقدات، فهي تتم بنفس طريقة شراء الخضار من السوق، مفاوضات طويلة، ثم “ديل” في اللحظات الأخيرة دون تخطيط.
الجماهير: حب أبدي وفلسفة تحليلية
الجمهور المصري هو الأذكى والأكثر شغفًا… حتى لو كان معظمهم لم يركل الكرة في حياته! أي شخص لديه “واي فاي” يعتبر نفسه ناقدًا رياضيًا، وإذا خسر الفريق، يبدأ تحليل “السوشيال ميديا” بأن “المدرب لازم يمشي” و”الصفقات وحشة” و”الإدارة فاشلة”. أما الفوز، فهو “طبيعي”، لأن النادي “كبير أوي”!
التحكيم: شماعة الجميع
إذا كنت لا تعرف كيف تبرر أي إخفاق كروي في مصر، فالحل بسيط: التحكيم! الحكام هم المسؤولون عن كل الكوارث الرياضية، سواء كان القرار صحيحًا أم لا. اللاعب أضاع انفرادًا؟ الحكم ظلمنا! الفريق لم يسدد أي كرة على المرمى؟ الحكم تحامل علينا! بل إن بعض الفرق تمتلك قائمة جاهزة بأسماء الحكام غير المرغوب فيهم، كأننا في “قائمة المطلوبين دوليًا”!
متعة بلا منطق
رغم كل هذا، تظل كرة القدم في مصر مصدرًا للبهجة والدراما في آنٍ واحد. فالجماهير لا تستطيع العيش دون متابعة فرقها، والإعلام لا يتوقف عن الحديث عنها، واللاعبون والإداريون مستمرون في تقديم العروض الكوميدية والمباريات الحماسية. باختصار… كرة القدم المصرية هي أجمل “مسلسل درامي كروي” على الإطلاق!
اضف تعليقك على المقال