الكاتب: شعيب الأحمدي
مع انتهاء الشهر السادس من المهلة الرئاسية للسلطة المحلية، لا تزال محافظة تعز تعاني من ظروف اقتصادية وخدمية صعبة، نتيجة ويلات الحرب وحصار العصابة الحوثية، إضافة إلى الإهمال الحكومي المتعمد في عدم توفير الخدمات الأساسية أسوة بالمحافظات المحررة الأخرى.
تزايد السخط الشعبي إزاء هذا الفشل الذريع، مع عدم تنفيذ الوعود الحكومية التي أطلقها رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، خلال زيارته الأولى إلى تعز في 27 أغسطس 2024م، حيثُ أعلن عن مجموعة من المشاريع الخدمية الأساسية، من بينها إنشاء محطة كهرباء جديدة بقدرة 30 ميجاوات، وإصلاح شبكات المياه، وتحسين الوضع الأمني، وتطوير موارد المحافظة. غير أن الأوضاع بعد أن انقضت الفترة الحكومية البالغة 180 يومًا، لا تزال تتفاقم، والمعاناة تزداد سواءً في ظل غياب السلطة المحلية عن القيام بواجباتها.
يفقد المواطنون آمالهم الأخيرة في الحصول على الخدمات الأساسية التي تفتقر إليها المحافظة المحاصرة منذ عام 2015م بسبب مليشيا الحوثي. إضافة إلى إهدار الوقت وإصدار وعود واهية تعكس واقع الحال، حيثُ قضى محافظ المحافظة، نبيل شمسان، 40 يومًا منها في سفره بين القاهرة ودبي وعمان، بينما انشغلت السلطة المحلية في أعمال شكلية، شملت ترميمات عشوائية لبعض الشوارع.
ورغم امتلاك السلطة المحلية كافة الموارد، بما في ذلك الضرائب والجبايات، إضافة إلى تلقيها دعمًا من منظمات دولية لصيانة مشاريع محدودة، فإنها لم تنفذ سوى 10% من التزاماتها، منها 12 شارعًا داخل المدينة، دون رقابة فعلية من السلطة المحلية، ما أدى إلى انهيار بعضها مع نهاية الصيف الماضي بسبب الأمطار، وفقًا للجنة المجتمعية للمراقبة.
وفيما يتعلق بشبكات الصرف الصحي، قامت السلطة خلال الفترة الماضية بتأهيل بعض الشبكات وتركيب مواسير فرعية بحجم 6 هنش، ورئيسية بحجم 8 هنش، وسط غياب دور مؤسسة المياه والصرف الصحي. ما يعكس ضعف الجدية في تنفيذ الإصلاحات.
أما فيما يخص الكهرباء العامة، التي تعاني تعز من انقطاعها التام، تشير التقديرات إلى أن 90% من بنيتها التحتية تعرضت للتدمير، مع تجاوز قيمة الخسائر 40 مليون دولار خلال سنوات الحرب، وعلى مدى عشر سنوات وتعز تعاني من الظلام الدامس.
وفي سياق آخر، أدى إضراب المعلمين وتعطيل العملية التعليمية لمدة نصف عام إلى تهديد حقيقي لمستقبل 15 ألف طالب، في ظل استمرار احتجاجات المعلمين المطالبين بتسوية رواتبهم مع نظرائهم في بقية المحافظات، ورفع مستحقاتهم المالية وصرفها شهريًا، وغياب دور السلطة في معالجة ملف التعليم الذي يعد من ركائز بناء المجتمعات، يكشف عن تهاونها في التعامل مع ملف التعليم.
كما لم تتخذ السلطة المحلية أي إجراءات لمنع ارتفاع الإيجارات، التي قام بها المؤجرون مع بداية العام الجديد، ما فاقم معاناة المواطنين، وأجبر الكثير منهم على مغادرة منازلهم، والبحث عن دكاكين قليلة الإجار. من جهة أخرى، لا يزال ملف جرحى الجيش والمقاومة معلقًا، دون أي حلول جذرية تُنصفهم أو تعالج أوضاعهم الصعبة.
وبعد هذا الاختبار فما الذي يمكن أن يقدمه مجلس القيادة الرئاسي، الذي وعد بمحاسبة الفاسدين وإزاحتهم؟ إن الوضع الراهن في تعز يستدعي موقفًا جادًا من الأحزاب السياسية، والمنظمات المدنية، والنقابات، للوقوف إلى جانب المواطنين، ومحاربة الفساد، ومحاسبة السلطة المحلية التي فاق فسادها قدرة المواطنين على الاحتمال.
اضف تعليقك على المقال