الكاتب : ماهر المتوكل.
سؤال ظل يؤرقني ويثير علامات استفهام وتعجب! ويجعلها تتطاير أمامي في الهواء، وأحيانًا كنت أشعر بوقوف علامات الاستفهام والتعجب على حافة أنفي! كيف لشخص مثل الحروي رياض، الذي ليس له نصير كما أعتقد وأخمن ممن يتعامل معهم في الوسط التجاري، أن يتأثر في أفعاله ومواقفه بهم. غالبية التجار، إن لم يكن كلهم في الوقت الراهن، لا يمنحوك الثقة بأنهم من محبي الدعوة للخير وإغاثة الملهوف أو مهتمين بأحزان ومعاناة الناس. لا يبادرون حتى لتنبيه رياض أو غيره من الميسورين ممن كانوا من رفقائهم زمانًا أو حتى ممن يعرفون حالتهم في الوقت الراهن.
ولا يتحول المقال إلى قدح ويستاء عمنا رياض، أذكر له كلمة خالدة قالها عن رفيق دربه الرياضي والأخوي حتى التوحد شوقي أحمد هائل عندما انتقد أحدهم شوقي في وقت سابق: "أبلغوا فلان بأن من يسيء لعمنا رياض يستهدفني بشكل شخصي". هذه العبارة تخلد في ذاكرتي لما لها من دلائل وأبعاد!
نعم، كنت أحتار كيف لشخص مثل الحروي رياض، الذي هو أصلًا يعمل في الصرافة وما لحق بها من توسع بفضل الله من تجارة واستيراد ونشاط تجاري وعمل مصنع (لبيسان) وغيرها، أن يكون مشغولًا بالإيرادات وكيفية زيادة أرصدته كغالبية من يعملون بالصرافة والتجارة الذين يلهثون وراء الإيرادات. لكن الحروي رياض يشغل نفسه بالجمعية الخيرية التي ورثها من والده عبدالجبار علي الحروي رحمه الله، وعمل رياض على استمراريتها والإيفاء بالالتزامات التي كانت في عهد المرحوم والده بل وأوسع من أفعالها.
نعم، الحروي شخص نادر كونه تاجر شاطر ومع ذلك هو كان ولا يزال مهمومًا بكيفية البر بوالديه، سواء من مات منهم أو من لا يزال على قيد الحياة، والتي نسأل لها طول العمر. رياض يشغل نفسه وبإلحاح بمتابعة أخبار فلان الذي سمع بأنه انتكب وأفلس رغم أنه كان من أحد منافسيه في السوق، فيوجه من يؤتيه بالخبر اليقين عن أوضاعه وسكنه، ويبادر بزيارته والتخفيف عنه ومد يد العون له أو التكفل بعلاجه إن كان بحاجة للعلاج في اليمن أو في الخارج. ويشغل نفسه بأحوال أقاربه ومقربيه وموظفيه ويتلمس أحوالهم ويطمئن عليهم مباشرة أو بأساليب عدة حتى لا يشعر أحدهم بالحرج منه ويظهر له غير ما هو فيه أو عليه.
نعم، الحروي تاجر تستغربه حد الاستفزاز كونه قلق دائمًا بمن لم تأته أخباره بعد، وهل وصل معروفه أو إعانته لهذا أو ذاك؟ وهل ما قدمه لتلك الأسرة يتناسب مع حجم وضعه وما هو فيه؟ وأسئلة أخرى تأتي في دائرة إخراج المال وزيادة حجمه الرقم المخصص للصرفيات وفعل الخير من وقت إلى آخر. ومتابعات لو أردت الحديث عن بعضها كونه يحرص على إبقائها بعيدًا عن أعين وسمع الآخرين لحساسيتها المفرطة حفاظًا على مشاعر أصحابها! أو لعدم استطاعتي لرصد البعض الآخر بفعل ابتعادي عنه في سنوات النزوح.
أسئلة كثيرة كانت تشغلني وتحيرني حتى ظهرت لي صورة المرحوم عبدالجبار علي الحروي في صفحة في الفيسبوك في 27 من شهرنا الجاري عندما أطل علي مقالي الذي كتبته عن المرحوم وسيرته العطرة مع طلب الفيس برغبتي عن عودة نشره من عدمه. فكانت صورة المرحوم عبدالجبار الحروي هي الإجابة الشافية والحاسمة لكل ما كان يحيرني ويثير فضولي عن سر الحروي رياض وكيف هو مشغول بما يعزز رصيده من الخير والمعروف وحرصه على آخرته وليس على حياته.
فرحم الله والد رياض عبدالجبار الحروي الذي فك كل الألغاز والطلاسم، فرجل بحجم عطاء ووفاء وسيرة عبدالجبار لا شك أنه وراء الوفاء الذي يتجسد في شخص رياض. فرحم الله والده وابني أحمد وموتانا وموتاكم أجمعين.
اضف تعليقك على المقال