يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

دور وسائل التواصل الإجتماعي في نشر الإشاعات وتشويه الحقائق.

عبدالسلام الدباء

 

الكاتب : عبد السلام الدباء *

تحتل الشائعات في مواقع التواصل الإجتماعي في كثير من الأحيان سلطة الخبر الموثوق، وبذلك فإنها تؤثر بشكل كبير على شريحة واسعة من الجمهور من خلال عملية التلقي عبر العديد وسائل التواصل الإجتماعي المشهورة، وخصوصاً بعدما وفرت لها هذه الوسائل إمكانية الإنتشار على نطاق واسع، وفي وقت قياسي غير مسبوق.

وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة الخطيرة قد ظهرت في العديد من المجتمعات القديمة ثم تواصل تطورها وتوسع إستخدامها وصولاً الى الوقت الراهن والذي جعلها في حالة أوسع من حدودها تلك التي بدأت عليها في الماضي وبشكل كبير للغاية، وذلك بعد أن وجدت في عالم اليوم حاملًا قويًّا وجبارًا لنقلها ونشرها على نطاق واسع، ويتمثل ذلك في منصات ومواقع التواصل الإجتماعي واسعة الإنتشار.

وأمام هذا الإكتساح الذي يشبه إنتشار النار في الهشيم، فإن الجهات الرسمية للعديد من دول العالم تقف اليوم عاجزة في كثيراً من الأحيان عن الحد من بث هذه الإشاعات وعن القدرة الكافية في دحض مزاعمها المزيفة، ومن هنا فقد إكتسبت هذه الظاهرة إهتمام عالمي بهدف دراستها والكشف عن مخاطرها وتأثيراتها المختلفه والمتعددة.

وفي هذا الشأن فقد نشرت مجلة «نيويورك بوست» الأمريكية تقريرًا يستعرض دور وسائل التواصل الإجتماعي في نشر الشائعات، وقد أشار التقرير إلى أنه قد يكون كل ما تظن أنك تعرفه تقريبًا عن آراء الآخرين يعتبر خاطئًا، والأسباب الرئيسة لذلك تكمن في الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الإجتماعي وتأثيرها على الوعي الجمعي للأفراد وصولاً الى أن الجميع قد أصبح يعاني مما يُطلِق عليه ( تود روز - عالم النفس الأمريكي) مصطلح «الأوهام الجماعية»، وهي أكاذيب إجتماعية تدفع الأفراد إلى أن يوافقوا على ما يظنون أن غالبية الناس تؤمن به، على الرغم من مخالفتهم لهذا الرأي بصورة شخصية. 

وفي نفس السياق ايضاً فإن (جان- نويل كابفيرير) كان قد كشف في كتابه الشهير «الشائعات.. الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم» عن مدى خطورة هذه الشائعات وعن دورها المؤثر في المجتمعات اقتصاديًّا وسياسيًّا وأمنيًّا.

واليوم فقد باتت الشائعات والأخبار المزيفة والملفقة تشكل مصدراً خطيراً لزلزلة الرأي العام وتشوية سمعة الأشخاص والكيانات والسلع والمنتجات، وذلك من خلال توظيف المعلومة الكاذبة أو الصورة المفبركة أو استغلال برامج الفوتوشوب في حذف أو إضافة أي شيء مفبرك للصورة الأصلية، وأصبحت اليوم البرامج الإلكترونيه وتطبيقات الذكاء الإصطناعي تتيح القدرة على تعدى الواقع وتحريفه او تزييفه سواءً من خلال الصورة او المعلومة أو حتى إختلاق أي أعمال زائفة عن أي شيء.

إن هذه الحالة السوداء لتطور الشائعات وما قدمته لها التقنيات الحديثه من إمكانيات لتفعيل ودورها في تزييف الحقائق عبر مواقع التواصل الإجتماعي، قد تتسبب في العديد من المخاطر، وقد تؤدي الى الإضرار بالعديد من الكيانات والمؤسسات والشركات.. بعد أن أصبح بالإمكان لأي خبر مختلق أو كاذب أن يزلزل من وضع أي جهة أو كيان أو أي شركة وأن يؤثر على وضعها التنافسي في السوق وينال من سمعة منتجاتها عند المستهلكين. 

وكذلك قد تؤدي الشائعات وإختلاق الأكاذيب إلى الإضرار بسمعة الدول والمجتمعات والشخصيات السياسية أو الإجتماعية الشهيرة وقد تصيب سمعتها في مقتل، ولذلك فقد دأبت بعض الدول على وضع عدد من التشريعات الصارمة ضد هذه الظاهرة، كما عملت بعض المواقع الإلكترونية المتخصصة في كشف الحقائق وفضح الشائعات والأخبار المظللة والزائفة، على التصدي لأعمال الشائعات والتزييف وساهمت في كشف كل حالة بعينها وفضحها للناس من خلال وضع الخبر الحقيقي في مواجهة الخبر المختلق نصاً وصورة.

ومع ذلك فإن كل هذه التشريعات والمبادرات لا تكفي وحدها لأنها تأتي أحيانًا بعد أن تكون الشائعة قد أدت المهمة القذرة التي اختُلِقَتْ من أجلها، أو كما قال الروائي الأميركي مارك توين: «يستطيع الكذب أن يدور حول الأرض في إنتظار أن تلبس الحقيقة حذاءها».

ومن هنا ينبغي التأكيد على ضرورة العمل الجماعي المشترك في تحصين وعيي الناس في المجتمع وتعريفهم بمخاطر الشائعات ودورها في قلب الواقع وتزييف الحقائق بمواقع التواصل الإجتماعي ، وكذلك ايضاً التأكيد على ضرورة العمل بشكل جماعي من أجل صناعة وعي مجتمعي مضاد لفعل الشائعات من خلال توعية الناس بأهمية التأكد والفحص والبحث عن الموثوقية قبل التعاطي أو الترويج لأي خبر مهما كان مصدرة.

-----------
* مستشار وزارة الشباب والرياضة - صنعاء

اضف تعليقك على المقال