كتابات

حرب الشائعات!!

 

بقلم / نجيب المظفر

الشائعة مادة حياة المليشيا المسهمة بصناعة انتصاراتها، وتحقيق توسعها على الأرض فالمليشيا عند خروجها من صعدة، واجتياحها لعمران، ومن ثم صنعاء صنعت الرعب المتمثل بالتفجير، والقتل بتنكيل، والتهجير، والترويع لتسوق نفسها به فتظهر بأنها قوة لاتقهر حتى لايفكر أحد بمقاومتها ولأجل هذا انتجت الدعاية التي شاعت وراجت على ألسن الكثير وهي: *”الحوثة فصلوا البريك والريوس، فلايرجعون للخلف”*

ولولا هذه الدعايات والشائعات وأمثالها ما تمكنت المليشيا من كسب أي معركة، وتحقيق السيطرة على الأرض فانتصارات المليشيا، وسيطرتها على الأرض ارتهن تحققها ومايزال بتمكنها من ايجاد خونة يدخلونها مناطقهم، وشائعات تهزم بها الناس، وتئد فيهم التفكير بالمواجهة، ولولا هذين الأمرين *(الخونة، والشائعات)* ما حققت المليشيا نصرا عسكريا في معركة، ولا أخضعت منطقة أو محافظة لسيطرتها.

*المستهدف بالشائعة*

ضخ الكم الكبير من الشائعات التي هي في الحقيقة أكاذيب يتم نسجها، وقذفها لوسط حاضنة الجيش الذي يواجهها يأتي في سياق رغبة المليشيا بجعل هذه الشائعات تتحول الى واقع، فالشائعة كالبلونة ينفخ فيها كل شخص بالمقدار الذي يريد ثم تنتقل لغيره لينفخ فيها كذلك بالكم الذي يريد ثم تنتقل لغيره وغيره حتى تنفجر وإنفجارها إما أن يكشف حقيقتها، أو يحولها لواقع على الأرض.

*هدف الشائعة*

يهدف منتج الشائعة لجعلها تصبح حقيقة وواقعا مشاهد ملموس وما يجعلها تتحول لواقع على الأرض هو الإنهزام النفسي الذي تصيب به الحاضنة فتتحول عن القيام بدورها الإيجابي الداعم، والمثبت، للقيام بوظيفة التثبيط من خلال توسيع نشرها للشائعات، والدعاية المعادية، ولجوئها للتشكيك، واظهار التبرم، وأحيانا التبرؤ من القضية التي يضحي الابطال في سبيلها فتصبح ممن حذر الله منهم بقوله:”وإن منكم لمن ليبطئن” أي يبطئ في ذاته عن الإلتحاق بالجبهات او القيام بدور مساند، ويبطئ غيره عن اللحاق بالجبهات، وهو ما يتسبب حتما بتثبيط وتبطئ من في الجبهات، وهذا غاية ما يريده العدو فهو يبحث عن نصر أسرع وبكلفة بشرية ومادية أقل ولن يتحقق له هذا إلا إذا هزمت الشائعات الحاضنة عندها سيظهر من يسارعون في العدو بخيانة أهلهم وجيشهم، وتتحول الحاضنة لخنجر مسموم تطعن بخذلانها من يذودون عنها في الجبهات من الخلف.

*الشائعات والذواكر المثقوبة*

مع علمنا جميعا بأن المليشيا دأبت على الكذب في أخبارها، ودعاياتها، وشائعاتها التي تبثها، إلا أن فينا، ومنا من تنتطلي عليه بين الحين والأخر تلك الأكاذيب فيتحول لجندي يروج ما يخدم المليشيا رغم وقوفه في الصف المناهض لها وذلك بسبب ضخامة الضخ للشائعات، وتفنن المليشيا بالتلاعب بعقول الناس الذين تعتبر عقولهم اشبه بالسبورة لايبقى فيها إلا أخر ما يكتب فيها أي أن ذواكرهم مثقوبة لا تحتفظ، ولاتستحضر مضامين وصور الأكاذيب السابقة بصورة تكسبها حصانة من تأثيرات الشائعات الجديدة، وأكثر ما ينجح عملية التلاعب بالعقول هو إدارك المليشيا للعمر الإفتراضي للشائعة والذي لايتجاوز في الغالب 12ساعة فيجعلها لاتترك الشائعة حتى تنكشف بل تعمل على تعزيز الشائعة قبل انكشافها بأخرى صارفة للناس عن البحث عن حقيقة الشائعة الأولى والتي لو انكشفت حقيقتها للناس لفقدوا الثقة بدرجة أساسية بالإعلام المروج لها.

*الشائعة المسلحة*

من خلال تتبعي لمسار المليشيا في حرب الشائعات وجدت أنها تلجأ بين الحين والأخر لتجييش كم كبير من المقاتلين والدفع بهم لخوض معركة تهدف من خلالها للوصول الى موقع عسكري كان الجيش قد استولى عليه ونقل اعلامه الصورة وهدفها من الوصول لذاك الموقع ليس البقاء والسيطرة ولكن ليلتقط عنصر اعلامها الحربي الصورة من ذلك الموقع بالتأريخ واليوم ولو كلف ذلك ابادة كل تلك الجموع التي جيشتها، وما ذاك إلا لتنتج شائعة مسلحة تسهم بتعزيز ثقة اعلامها لدى حاضنتها وبعض المخدوعين باعلامها من المصطفين في الصف المناهض لها، وتعمل على افقاد حاضنة الجيش ثقتها بإعلام جيشها، ومن اجل ان تحافظ المليشيا على هيبتها التي كانت قد كرستها في نفوس عامة الناس حتى لايتجرأوا عليها.

*سبل مكافحة الشائعات*

تكافح الشائعة بالآتي:
▪️الإمتناع عن الترويج لها والابلاغ عنها وعن مروجها في الحال مصداقا لقول الله *”ولو ردوه الى الرسول والى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم”.*

▪️مواجهة الشائعة بالحقيقة.
▪️مواجهة الشائعة بالشائعة والحرب خدعة ولنا فيما امر به رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيم بن مسعود يوم الأحزاب بقوله: *”خذل عنا ما استطعت”* عظة وعبرة.

▪️تضخيم مايتحقق للجيش من انتصارات، والانشغال بالترويج لها وان كانت يسيره، وترك الانشغال بالترويج لما يحققه العدو وإن كان ما يحققه صحيحا فالمطلوب منا الحديث عن انتصاراتنا لا عن انتصارات العدو فالحديث عن انتصارات العدو مهمة أبواقه وانصاره، ولو اننا ثبتنا في مواجهة الحقائق التي تخدم العدو لأفقدناه لذة ما حقق ولنا في عمر رضى الله عنه عبره فقد بلغ من صلابته انه وقف يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم مكذبا موته وشاهرا سيفه في وجه من يقول ان رسول الله مات حتى خرج أبو بكر رضي الله عنه يتلو على الناس قول الله: *”وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم”* فسلم عمر وقال كأني اول مرة اسمعها.

▪️تثبيت الناس عند انتشار الشائعات وتذكيرهم بقضيتهم وبطبيعة عدوهم وتذكيرهم بوعد الله لهم بالنصر إن هم ثبتوا في ميدان الحرب المسلحة وفي ميدان حرب الشائعات.

▪️تذكير الناس بأن الترويج للآراجيف والشائعات على مر التأريخ الاسلامي كان من أبرز مهام أهل النفاق الذين فقدوا الثقة بالله وبوعده بالنصر فراحوا يرجفون فحاقت عليهم لعنة الله مصداقا لقوله سبحانه عنهم في غزوة الأحزاب وفي سورتها: *”لئن لم ينتهي المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لايجاورنك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا”*

▪️اشغال الجماهير والجيش الذي انتشرت فيه الشائعة بأعمال تلهيهم عنها كما فعل النبي بجيشه الذي حركه وقت راحته على اثر ما حل من فتنة بين المهاجرين والأنصار في طريق عودتهم الى المدينة من غزوة بني المصطلق حيث مشى بهم في ساعة ما كان يمشي فيها من بعد الظهر الى ضحى اليوم الثاني عندها توقف بالجيش وكل واحد من افراده يبحث عن مكان يستلقي فيه من شدة التعب وبهذا قطع سريان الفتنة بينهم.

على الجميع أن يتحصن من شائعات العدو كما يتحصن من الرصاص القاتل فالشائعة تقتل وتسقط جيوش ودول ولكن اكثر الناس لايعلمون ولا يتحقق التحصين الكافي من الشائعة الا بامتلاك إرادة صلبة تواجه التحدي بتحدٍ واصرار وعزم لا يلين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى