كتابات

الفصل السابع من رواية #الخوثي – نقطة فوق الحاء – للإعلامي سام الغباري

 

تأليف : سام الغُباري

– 7 –

*لم يدُر بخلد “محمد عبدالعظيم الحوثي” أنَّ انتظاره الطويل، الطويل جِدًا لإمامة الزيدية سيصبح أسوأ كوابيسه على الإطلاق، حين بدأ القراءة والكتابة كان مُعلّمه “مجدالدين المؤيدي”عجوزًا، وحين تزوج كان “المؤيدي” كما هو، ولمّا بلغ سنَّ الأربعين كان الرجل العجوز يمضي في العمر ولا يأبه، ولما انفرد “محمد عبدالعظيم” بطلاب ومريدين وحقق شأنه في الفتوى، كان المؤيدي أمامه صامدًا في وجه السنوات، وعند بلوغه الخمسين في منتصف 2004 برز رأس حسين الحوثي منافسًا وناويًا ابتلاع فقهاء الزيدية الكبار، إنزالهم من برجهم العاجي، زلزلة عروشهم وارغامهم على توليته إمامًا مُعلنًا. قرون الاستشعار في عمامة “محمد عبدالعظيم” أنذرته بقرب خطر محيق، وأنَّ صبره على سنوات “مجد الدين” ستتبدد أمامه، وهو يرى ويسمع. وأنَّ أولئك الذين يحنون قامتهم ليتبركوا بركبتيْه ويقبّلونها، يلثمونها بسعادة، يغرسون شفاههم في سوادها ويحتكون بشعيراتها المتقصفة، سيتركونه ليمارسوا ولعهم الغافل على ركبة “حسين بدرالدين الحوثي”، أحد طلابه قال رأيًا غاضبًا، رفع ذراعه، وكرر جُملة ارتعدَت لها فرائصه، قال “نقاتلهم ياسيدي”، كان يعرف “حسين” عنيفًا وعنيدًا، رمى تلميذة بقنينة ماء. صاح في وجهه: “اسكُت، قاتلك الله!”. أحس ارتعاشة في خاطره حين سمع شيئًا عن القتال. ضرب كفًا بكف، حدّث نفسه عن حظه العاثر “أبعد كل هذا الانتظار يتبدد الحُلم في إمامتي؟”، هزّ رأسه بأسى، تحول إلى غضب، أطلق على سجادة الجامع نخامة مقززة، شتم المؤيدي، شتم حسين وشتم أباه، كان هائجًا في خطواته، يكلم نفسه حنقًا، بغيظ دفين وحقد يكاد يقتله. في تلك اللحظة رنّ جرس هاتفه، انتفض بفزع أرغم ثلاثة من المصلين على الضحك وإفساد صلاتهم. رمقهم بعينيْن كالجمر “ما الذي يُضحككم ياكلاب إبليس؟”، ابتعد الشُبّان الثلاثة مُسرعين يكتمون ضحكاتهم، يتعاتبون، كل امرئ منهم يصفع قفا صاحبه ويلومه. في الفناء، على بُعد خطوات من بوابة الجامع الخارجية كان يتحدث إلى “اللواء عليّ محسن الأحمر”. عَلِم أنَّ الجيش قرر التحرك لردع “حسين بدرالدين”. انفرجت أساريره، هلّل وكبّر، بارك وأثنى. تلك فرصته الثمينة لإزاحة منافسه “عاشق الدماء”. بعد أنْ أغلق مكالمته مع قائد المنطقة العسكرية الشمالية، وبينما كان يدسّ هاتفه في جيب جلبابه، تذكر شيئًا أغمّه، كدّر صفو الحديث الذي أبهج روحه وأحيا أمله في الظفر بإمامة الزيدية، تذكّر أنَّ القفص الصدري لمجد الدين المؤيدي مايزال يعلو ويهبط، أنَّ أصابعه تتحرك وتومئ وتكتب وتُشير، أنَّ لسانه يجري بالفتوى والحديث “هذا العجوز لن يهنأ بالموت حتى يُطيح بي ويدفنني حيًا”.*

في 10 سبتمبر 2004، التقط هاتفه صورًا لجثة حسين بدرالدين الحوثي انتشرت بكثافة في مواقع الإنترنت، أسدل نظارته الطبية على منخاره المفلطح، وضع أصبعيْن على الشاشة، قرّب الصورة، تحقق، “إنه هو حقًا”، استراحت عضلات صدره من انقباض سعال شديد ألزمه داره، تدثَّر ببطانية ثقيلة “أبو تفاحة”، غاص تحتها، عقله منشغلٌ بتفاصيل مابعد المعركة، وسوء حظّه المتكرر بعارض صحيّ منعه اعتلاء منبره يحرّض على “الفاسق الصريع” وأتباعه، رتّل بعض آيات القرآن المحفوظة في دماغه “تبارك الذي بيده الملك..”، “يس والقرآن الحكيم…”، “يا أيها المدّثر.. ” لم يُكمل سورة المُدثر. عقله توهج فجأة بنظرية عقدت ترابطًا – ظنّه إلهيًا – بـين تدثُّره في فراشه ونبأ مقتل حسين الحوثي، أقنع نفسه أنها أمارات النبوة، ولأنَّ النبوة انتهت برحيل جدّه المصطفى صلوات الله عليه، فإنها ولاريب أمارات الإمامة التي نُزعت عن جدّه علي بن أبي طالب، فعادت إليه، ثم نُزعت عن ابنه الحسين فسقاها بدمه الطاهر لتروي حياة المسلمين بالنضال والجهاد، فكانت بحقٍّ ثورة انتصار الدم على السيف. صفّق “محمد عبدالعظيم” بكفيه مثل طفل، تمنى لو أنه تعلّم كيف يستخدم أصابعه ليُصفّر، كان سيفعلها من تحت الفراش، في ظل غيمة سوداء، وعرَق متفصد يدهم جبينه ويُغرق سرواله. يحس بقطراته تسري من أعلى عموده الفقري حتى أسفل عجيزته، ثم عاد وتذكر أنَّ “مجدالدين المؤيدي” لم يمُت بعد، فأوجعتْه بطنه، شعر برغبة في إخراج شيء، أنصت بحواسه يراقب ريحًا تضطرم حبيسة في أمعائه، مرت الآن من الأمعاء الدقيقة، نزلت، اقتربت، تنحنح، ثم.. طائرة نفاثة فتحت مجالها الصوتي في سماء غرفته، رائحة نتنة قاسية. سأل نفسه “هل أكل خنزيرًا في الغداء؟”

*في صبيحة اليوم الثالث، شعر “محمد عبدالعظيم” بتحسُّن لافت، اختفت الحُمى وزال خطر منافسه، وبدأت خطوة السفر إلى صنعاء للقاء الرئيس علي عبدالله صالح، أجرى اتصالًا بـ “طارق الشامي” مسؤول الإعلام في حزب المؤتمر الشعبي. عند الساعة الثانية عشر وخمس دقائق ظهرًا، وصلته رسالة نصية تؤكد موافقة الرئيس على لقائه، نظر إلى ساعته، مايزال الوقت مُبكرًا. بعد أربع ساعات ونصف كان ثمانية رجال بداخل سيارة صالون لاندكروزر موديل 2001 يعبرون نقطة الأزرقين إلى صنعاء، سائق السيارة ومسلحٌ أشعث في العقد الثالث من العمر في المقعديْن الأمامييْن، “محمد عبدالعظيم” منفردًا بالمقاعد الوسطى، في الوراء حُشر خمسة مسلحين ببنادقهم وقنابلهم اليدوية في صفين متقابلين من الكراسي الجلدية، اخترقت السيارة شوارع العاصمة عند الأذان الأول لصلاة المغرب. إحدى عشرة مرة اضطر “محمد عبدالعظيم” حماية عمامته من السقوط عن رأسه في المنزلقات الخطرة والوقوف المفاجئ وتجاوز المطبات الإسفلتية والترابية، يضغطها بكفه اليسرى وينتفض جسده إلى أعلى صائحًا “ياساتر”، حين دهمه إعياء وإرهاق كانت السيارة تدور حول مبنى حجري مؤلف من طابقيْن، إلى جوار جامع بدر في منطقة الصافية بقلب العاصمة، استقبله “المرتضى المحطوري” وصعدا معًا إلى مضافة المركز العلمي الشرعي للجامع، تناول عشاءً خفيفًا، من بيض مسلوق، جبن أبيض، زيتون، عسل أسود. المرافقون المسلحون تبعثروا في صالة المركز، سيِّدُهم قضى ليلته وسط غرفة معتمة في الجانب العلوي كَثرت بها الستائر السوداء، سرير واحد ودورة مياه.*

في ذلك المساء المضنِي، تمدَّد “محمد عبدالعظيم” مغمورًا بالمياه الساخنة ورغوة الصابون الكثيفة، فرك جسده بليفة ناعمة، نكث لحيته الكثة بأصابعه. أسند رأسه إلى الوراء، أغمض عينيْه. غاب طويلًا. في تمام السابعة وعشر دقائق صباحًا أيقظته طرقات خفيفة، تلفَّت حوله مندهشًا ومستنكرًا، لم يزل في مغطسه منذ الأمس، اغتسل على عجل، جفّف جسده، ارتدى ثيابه وقفطانه، تأكد من استواء “القاوق” على رأسه، في أعقاب صلاة العشاء كان جالسًا على المقعد الأمامي لسيارة جديدة خارجة من البوابة الرئيسية لدار الرئاسة، حاملًا رواية عجيبة غريبة مع الرئيس صالح، نقلها مساء ذلك اليوم إلى صديقه رئيس مركز بدر العلمي.

*المرتضى المحطوري، قصير القامة مثل بدر الدين الحوثي، أصيب في منتصف عمره بجلطة سحبت الجانب الأيمن من فمه إلى الأسفل، يرتدي ككل فقهاء الزيدية ملابسَ حصرية بالهاشميين، تُزينها جنبية مزخرفة بلون الذهب، مستلقية إلى الناحية اليمنى من الخصر على حزام عريض مُوشى بخيوط ملونة. اقتطع في ربيع العام 1999جزءًا من أرض خصصتها السلطة المحلية منذ 50 سنة لبناء حديقة 26 سبتمبر، في عاميْن كانت أرض المحطوري مشغولة بمبنى سكنيّ ومركز شرعيّ وجامع كبير. تعرَّض المجمع للإغلاق في الشهر الأول لاندلاع الحرب مع حسين الحوثي. أُلقي المحطوري في السجن، بعد 30 يومًا انتشلته يد الوساطة من محبسه، وبقي مركزه قيد المراقبة والتدقيق من عناصر المخابرات.*

جمع المرتضى المحطوري ثلاثة ألف ومائة وخمسين عنوانًا لأغلب كُتب الزيدية، ومراجعها وكل ما يتعلق بالصرف والنحو، وضعَها بعناية في الدور الأرضي لمركزه وأغلق عليها بابًا كبيرًا من الألومنيوم، وخشب الديكور الأبيض يُطل على مدخل فناء الجامع الملحق من الجهة الشرقية. المكتبة مكانه الأثير يقضي بها أغلب ساعات المساء كل يوم، هناك بالقرب من طاولة خشبية بيضاء، وعلى كُرسييْن متقابلين روى “محمد عبدالعظيم” لمضيفه “المحطوري” ما دار في دار الرئاسة بالتفصيل.

*حين انتهى من روايته، أضاف المحطوري عليها أنه -شخصيًا- لا يغضب من النصيحة، وقول “محمد عبدالعظيم” لعلي عبدالله صالح بترك السلطة لمن هم أولى من آل البيت يمثل عُمق الزيدية، فتجارب الجمهورية سبّبت صراعًا على السلطة، وذبحت رؤساء ونفت آخرين، وسبب ذلك أنَّ كرسي الحكم مغتصب ممن ليسوا أهلًا له، فهذا عبدالله السلال كان قد ادَّعى الربوبية، غادر وجاء الإرياني ونُفي، ثم الحمدي قتلتموه -هكذا قال-، وأما الغشمي فمزقه انفجار ما تزال دوافعه غامضة.*

أضاف “محمد عبدالعظيم” على دعم صاحبه، إشارة قوله للرئيس “لقد ظلمتَ أنت وأخوك اليمنيين أربعين سنة، وأما قولك في الانتخابات فهي مسألة خلافية، وأما الإمامة فهي في شخص واحد مثل النبوة ولا تكون حصريًا إلا لـ “السادة” من آل البيت. هز رأسه، التفت إلى شاب وقف على بُعد خطوات بعدسة كاميرا فيديو يوثّق حديثه، تذكر التفاصيل الأخرى، قائلًا: جاء أشخاص لا أعرفهم قال لهم الرئيس “هذا عالم استفيدوا منه واسألوه”، تردد بعضهم، فقال الرئيس: “ماقولك في حديث أنه لا تصح الجمعة إلا بإمام عادل”، فأجابته: هذا ليس بحديث. ثم أنشد حديث النبي “وأدر الحق معه أينما دار”، وتمتم بالصلاة عليه وعلى آله، قال “محمد عبدالعظيم” ثم جاءني شخص عن يساري، فقال: حين حضر الموت عليَّ بن أبي طالب، قالوا مَن تستخلف فينا؟، فرد عليهم “أنا لا أستخلف فيكم أحدًا، فإنْ أراد الله بكم خيرًا يجمعكم على خيركم كما جمع الله هذه الأمة على أبي بكر بعد وفاة نبيِّه”. وأردف السائل تأكيده أنَّ ذلك مذكور في “نهج البلاغة”. “محمد عبدالعظيم” رد بقسوة “كذبت وربِّ محمد! فما هذا في نهج البلاغة”، كرر السائل تنبيهًا عن جواب علي بن أبي طالب إلى معاوية حين كتب له “وقد بايعني مَن بايعوا أبا بكر وعمر”، وهذا تأكيد على إقراره لخلافة الشيخيْن، سخر محمد عبدالعظيم وقال: هذا جواب مجتزئ، ينبغي الإمعان في رسالته السابقة، فحين تلقى رسالة من معاوية أنه “ليس لك حجة عليّ كما حُجتك على طلحة والزبير إذ بايعاك على الخلافة”، فجاء جواب “الإمام علي” إليه موضحًا معنى بيعة طلحة والزبير باعتبارها توجب طاعة معاوية له. “محمد عبدالعظيم” أضاف: وأمّا حديث عدم قيام صلاة الجمعة إلا بإمام عادل، فلم يُروَ عن أحد، ولا يجوز الحمل على المجاز إذا تعذَّر الحديث، وهنا يُنفى الاستدلال.

*”علي عبدالله صالح” في منتصف مقيل ضخم يسند جانبه الأيسر إلى مُتكَأ من القطن المضغوط، يضحك حتى يتطاير رذاذ القات من فمه، يومئ لرجل من الحاضرين فيسأل “محمد عبدالعظيم” حتى يُخرجه عن طوره، ويلمز لآخر فيحاصروه بالأسئلة المُنكرة لطبيعة معتقده، ظنّوا جميعًا أنَّ هذه اللحظات المتوترة والتفسيرات العنصرية لحصرية السلطة في “البطنين” خرافة لا تستحق سوى الضحك. لم تكن مدافع أرتال الجيش قد بردت من حرارة القذائف التي نقشت أثرها على صخور “مران”، ولم تكن دماء الجنود قد جفّت بعد. عائلاتهم التي أرسلتهم إلى القتال لمواجهة رصاص المؤمنين بمثل تلك النظرية المقدسة ما تزال مآقيهم تسكب دمعًا غزيرًا على فقدهم في معركة كانت إحدى “مُسلّيات” القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان هو -ولا سواه- الهدف البعيد والثابت لحربٍ لم تنتهِ بمقتل مؤسسها الأول.*

بعد سبعة أعوام، باتت كل صعدة تحت جزمة عبدالملك الحوثي. خسر “عُثمان مجلي” الحرب بإعلان قوات الجيش استسلامها و”انضمامها” لقوى “الثورة” المطالبة باسقاط النظام ورحيل الرئيس. في تلك اللحظة لم يتذكر “علي عبدالله صالح” ذلك الجدل الخطر والأفكار المُسلحة بالنصوص المقدسة وما ترتب عليها من تطرف يسلب ألباب المتأثرين بها ويدفعهم لمواجهة الدولة، تارة بالطرق السلمية ونصب الخيام في صنعاء، وأخرى بتطويق مساحة جغرافية في أقصى الشمال اليمني بمَن عليها من السكان وتسليح صغار السن ببنادق أطول منهم، مُحمّلين بأوامر صارمة لقتل كل من يتردد عن رفع “الصرخة” تحت سماء صعدة، وعلى مساحة 11.274 كم مربعًا.

*في الجزء الآخر من الكوكب، بعيدًا عن المسلمين والمؤمنين والزيدية والشافعية، ارتدت “رقية نادر” فستانًا مطرزّا بحبات كريستال صناعي، مشقوقًا من جانب الساق الأيمن إلى منتصف الفخذ، مفتوحًا من الوراء حتى الفقرة الثالثة لعمودها الفقري، مشدودًا إلى العنق بسوار لؤلؤ أنيق. ألقت “رقية” نظرة أخيرة على هندامها في مرآتها الضخمة المثبتة على عجلتيْن صغيرتيْن بجوار دولابها الوردي، انتعلت كعبًا أبيض أنيقًا يناسب قدميْها الرفيعتيْن، دسّت تحت إبطها حقيبة جلدية صغيرة وضعت بداخلها علبة مكياج مصغرة وقلم شفاه أحمر، ومرآة مستديرة بغطاء ذهبي وأربعة أغلفة لِواقٍ ذكريّ. حين هبطت إلى بهو فندق “ذا مايفلاور” بجادة كينتكت أفينيو، سمعت تصفيقًا هادئًا من الخلف، علت وجهها ابتسامة رطبة ومدّت يدها اليمنى إلى زوجها “نجيب الشامي”، سألته: كيف تراني؟ مال برأسه نحوها مُتفاخرًا. همس: ستبهرين السيناتور. ضحكت بدلال وصوت خلخال كاحلها الأيمن يبدو واضحًا في مشيتها، مُستنفرًا حواس المارة.*

استقلا معًا سيارة (بي إم دبليو) سوداء كانت تنتظرهما عند بوابة الفندق، بعد أربعة شوارع، ترجَّل “نجيب الشامي”متجهًا نحو حانة يرتادها أغلب أيام الإسبوع، جلس على كرسي مرتفع أمام الساقي وطلب لنفسه كأسًا من البراندي مع الليمون، جرع الكأس دفعة واحدة. أحس بوهج ملتهب يتصاعد من أمعائه ثم يختفي، طلب كأسًا أخرى، أفرغها في جوفه، وذهب باتجاه ساحة الرقص، حرّك جذعه إلى الأسفل، مال يمينًا ويسارًا، هتف مع الهتافات، ضاع صوته في صخب عارم، أجساد متدافعة، أذرع صلبة بوشوم مختلفة، أجساد طرية، التقى بفتاة صهباء اسمها “مارغريت”، قالت بصوت مرتفع بالقرب من أذنه اليسرى “يمكنك أنْ تناديني ماغي” تذكّر زوجته، سأل نفسه “ماذا تفعل الآن؟”؟

*كانت “رقية نادر” جالسة على أريكة سوداء لامعة في صالة فاخرة الأثاث بداخل شقة فخمة مُطلة على مبنى الكونغرس بالعاصمة الأميركية واشنطن، ساق على ساق، لحم بعضه فوق بعض، قلادة ماسية نائمة على عتبات عنق شفاف تتدلى منها ثلاثة أحرف انجليزية R R O، الحرفان الأولان اختصار لاسمها واسم زوجها، الحرف الثالث اختصار للقب عائلتها، الثلاثة الأحرف مجتمعة كان اسمها الدلع. في نهاية حرف الـ R، يبدأ انشقاق نهدين فاتنين برزا بنفور من حمالة صدر مخملية، كشفت جانبًا عريضًا من بهاء صدرها المشوب بالحمرة، مالت باتجاه اليسار والتقطت علبة جعة بادويزر، أفرغتها في جرعتيْن إلى جوفها. كانت العلبة الثالثة خلال عشر دقائق، قالت للسيناتور جون بوجهايزر “إنها ظامئة جدًا”، تحمس الرجل المهم قائلًا “وأنا أيضًا”.*

في صباح اليوم التالي، لم تتعمد “رقية نادر” إثارة جلبة توقظ السيناتور النائم إلى جوارها، سحبت جسدها بهدوء، اغتسلت جيدًا، سرّحت شعرها، وضعت قليلًا من مساحيق التجميل، أحمر شفاه، اعتدلت في هندامها، قبل أنْ تخرج امتدت ذراع السيناتور متملمًا في فراشه، مالت نحو شفتيْه، تبادلا قُبلة دافئة، وفي غضون ثلاث دقائق كانت تجلس إلى جوار “بعلها” في المقعد الخلفي للسيارة التي حملتهما بالأمس. “نجيب” الذي شرب رطل ويسكي واثنتى عشرة عُلبة بيرة، لم يفُق من تأثير صداع نهش رأسه، وأثقل لسانه، قال بصعوبة مخمور “كيف جرى الأمر؟”. أجابت بضيق أنَّ السيناتور لم يستخدم الواقي.

*بنهاية السنة الأولى من يناير، حتى ديسمبر 2012 كانت “رقية نادر” قد مرت على خمسين سيناتورًا وأربعة أعضاء بمجلس الشيوخ وستة صحافيين بارزين، منهم مسؤول صفحة الرأي بواشنطن بوست، وشاب أسود لم يتجاوز الـ 25 ألفته صدفة في مقهى الفندق بينما كان زوجها في طريقه إلى صنعاء لتأسيس منظمة مجتمع مدني أَطلَق عليها اسم “حرية”، الشاب الذي كشف عن اسمه “مايكل” بدا فارع الطول بخصلات شعر مظفّر وجسد صلب وذراعين عريضتين، الناشطة الزينبية الممثلة لـ “جبهة الصمود” ضمن قوى الثورة المطالبة بإسقاط النظام في اليمن، فكّرت أنها لم تذُق طوال نشاطها المدني المحموم طعم الشوكولا الأميركي الأسود، في تلك الليلة، في الردهة المجاورة للجناح رقم 4045، في الدور الثالث لفندق سويس انترناشونال، سمعت عاملة التنظيف صوت استغاثة حادّ لامرأة تعاني في الداخل، تُكرر عبارة “yes yes”،هرعت العاملة الفلبينية إلى مديرها وأبلغته مخاوفها بوقوع جريمة، عادت بمعيته، وكان الصراخ قد بلغ نهاية الرواق، بات أكثر وضوحًا،وبعبارة أخرى “oh my god”.*

بنهاية العام الثاني، في غمرة انشغال الرئيس عبدربه منصور هادي بتوقيع اتفاقية مُذلة بدار الرئاسة مع وفد الحوثيين وبحضور المبعوث الدولي للأمم المتحدة جمال بنعمر، لم تعُد رقية نادر وحيدة في شوارع وغرف ومنظمات واشنطن ونيويورك، تُضحي بكل ما تملك للتعريف بـ “حقيقة الصراع في اليمن”، بل انضمَّت إليها عشر ناشطاتٍ محترفاتٍ على فترات متباعدة، ثلاث أخريات توجهنَ إلى باريس ولندن، نشاط دؤوب، جوائز عالمية، حضور مكثف بوسائل الإعلام الأميركية والأوروبية. “رُقية” حدّدت للناشطات المتطوعات خارطة بمناطق وأسماء مطابخ التأثير في صناعة القرار الأميركي، علمتهنَّ كيفية “استخدام الوسائل المتاحة” للتأثير، وقوة الجاذبية والقدرة على الإقناع. منظمة mef الإيرانية تولت تدريب المتطوعات على كل وسائل الجدل، وتكفَّلت بتزويدهنَّ بالصور والمعلومات المناسبة، أنتجت المنظمة أيضًا دليلًا زمنيًا مكتوبًا على صيغة بي دي إف للمَحاور والعناوين المطلوب ترديدها، وقائمة بالمصطلحات المرادفة للكلمات الحادة. مثلًا: لا تقل “جريمة ضد الإنسانية”. قل “انتهاك”، لاتكتب “أعمال إرهابية”، اكتب “أعمال عنف”، لا تلفظ عبارة “الحكومة اليمنية” قل “حكومة هادي”. وزِع الدليل إلى هواتف الناشطات المثابرات. رقية نادر التي كانت تؤدي مهمة “كبيرة الاستشاريين الحوثيين” في عاصمة الاستكبار العالمي “ندّدت” في تغريدة حزينة على صفحتها بتويتر “بانتهاكات” الحوثيين على المؤسسات الحكومية في صنعاء، ودعَت في مقال على واشنطن بوست إلى “وقف الانتهاكات المتبادلة بين قوات الحوثيين وقوات اللواء علي محسن وعدم التعرض لمنازل الآمنين بالعاصمة”، في منتصف اليوم الثالث لاتفاقية السلم والشراكة سبتمبر 2014، ظهرت على قناة CNN، قالت بلغة إنجليزية سليمة “إنَّ الوقت حان لقبول مشاركة الحوثيين الحقيقية في السلطة والنظر بعين الحكمة إلى كل المظالم التي عانوا منها في الماضي”، المذيعة قاطعتها “لكن الحوثيين يطلقون شعارًا يدعو لموت أميركا.. كيف يمكن تفسير ذلك؟”، رقية البالغة من العمر 35 عامًا كانت مستعدة لسؤال كهذا، طالما كان مثار جدال طويل مع كل الشخصيات السياسية والإعلامية التي التقت بهم. قالت: “الشعار عبّر عن مرحلة ثورية معروفة تمر بها أيُّ حركة جماهيرة ذات طابع دينيّ، إلا أنَّ الحوثيين الذين أطلقوا تسمية جديدة على أنفسهم وهو “أنصار الله” خاضوا بنجاح معارك للحد من عناصر الإرهاب المنتمين لتنظيم داعش في دماج بصعدة، وفي عمق صنعاء حيث كانت جامعة الإيمان ترعى مثل تلك التوجهات المتطرفة، وقدّموا أنفسهم على نحو جيد في مؤتمر الحوار الوطني الموسع، وقد أكسبهم ذلك خبرة سياسية مميزة، وأثبتوا بالتجربة والبرهان أنهم قادرون على تطوير سلوكهم السياسي والتحول إلى حركة مدنية فاعلة في التغيير، ومن الخطأ إدانتهم على كل شيء طالما أنَّ نواياهم طيبة، مع مراعاة نقطة في غاية الاهمية أنهم جزءٌ من مكونات الشعب اليمني ومعبّرين عنه، كما يمكن التأكيد اليوم أنهم صاروا الصوت الأعلى للزيدية في شمال اليمن، وهذا يعني أنهم تعبير قوي لأكثر من 10 مليون يمني على أقل تقدير” وأضافت بحزم “يجب ألا ننسى ذلك!”.

*في ليلة غير مقمرة بتوقيت صنعاء، كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر قبل منتصف الليل، وبينما عناصر حوثية تقتلع أثاث منزل الشيخ “حميد الأحمر” بنشاط خارق وتضعه بعناية في جوف حاويتيْن عملاقتيْن، هبّت نسمة رطبة على شرفة المنزل الذي توهجت أضواء جدرانه وبدا كقصر أسطوري، كان “حسين العزي” رئيس المكتب السياسي لأنصار الله جالسًا فوق أريكة سوداء وثيرة إلى جوار الشرفة يشاهد ترجمة بالعربية لحوار “رقية نادر”، حين انتهى من ذلك، بعث رسالة إعجاب نصية إلى هاتفها، بعد لحظات جاءه الرد في ثلاثة أشكال إيموجي “قلب ووردة وشفتين”.*

في صباح 24 سبتمبر 2014، زار حسين العزي حاملًا مسدسه الشخصي وهاتفه على وضعية التسجيل منزلَ الرئيس السابق علي عبدالله صالح، مبعوثًا برسالة من “عبدالملك الحوثي”. الرئيس السابق ومعه “عارف الزوكا” أمين عام حزب المؤتمر الشعبي و”يحيى الراعي” رئيس مجلس النواب تحلقوا حول طاولة مستديرة في قلب حديقة المنزل الكبير، حجبت مظلة اخترقت بعمود حديدي منتصف الطاولة إلى القاع شمس صنعاء المؤذي لجلد صالح المحترق. انضم حسين العزي إلى ثلاثتهم، ودار نقاش طويل. قال العزي إنَّ خلاصة رسالة سيده تقول الآتي “أنتم الدولة ونحن وراءكم”. على بُعد خطوات وقف مسؤول الاتصالات الخاص بالرئيس السابق “علي معوضة” مُطوّقًا بأربعة هواتف نقالة مغروسة وراء حزام سرواله، قال صالح لمبعوث الحوثي “إنَّ عليهم تسليم مقرات الدولة إلى موظفيها”، طمأنه “حسين العزي” أنها مرحلة مؤقتة حتى ضمان سريان اتفاق السلم والشراكة. صمت قليلًا. حدّق بعينين ضيقتين في وجه صالح، همّ بسؤال، انفرجت شفتاه، رأسه مال إلى الأمام. قاطعه “الزوكا” بتأكيد “رفض المؤتمر الشعبي للاتفاق وأنَّ عبدالكريم الارياني لم يكن يمثل إلا نفسه”، ضحك العزي بعصبية وأشار إلى صدره: أنه لم يكن موافقًا على توقيع الشق الأمني من الاتفاقية لكن رفض المؤتمر الشعبي العام للاتفاق من أساسه سيضع الجميع في وضع صعب. “يحيى الراعي” ظل صامتًا طوال ساعتين ونصف، تناولوا تمرًا صقعيًا، شربوا قهوة مُرة. أمسك صالح كف حسين ودار به في الفناء، “معوضة” رفع مظلة يدوية سوداء على رأس صالح، طاووس مغرور من مقتنيات الرئيس السابق يمشي بخيلاء وثِقة على مقربة من قدمَي حارس صامت، اقترب صالح بزائره إلى البوابة الداخلية الأولى، بعث معه رسالة شفهية إلى سيده، من بعيد لوّح “حسين العزي” للجالسين، ثم توارى خلف الباب. على الطريق المؤدي إلى شارع حدّة أوقف زر التسجيل في هاتفه، استمع عبر سماعة بلوتوث طراز سامسونج لإعادة واضحة لكل ما دار بينه وصالح. في طريقه إلى المكتب السياسي لأنصار الله بحيّ الجراف، كانت سيارة لاندكروزر موديل 2012 براكب وحيد وسائق عجوز تدلف بوابة دار الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر. تفحَّص حسين العزي هوية الراكب، بينما كان يشير إلى سائقه بالتمهل، أطل برأسه من نافذة السيارة، حدّث نفسه “إنه هو”. صادق الأحمر النجل الأكبر للشيخ الراحل، زعيم قبيلة حاشد الأكثر نفوذًا، مَن توعَّد بطرد علي عبدالله صالح على ظهر “بغلة”، كان قد ترجّل في حوش والده، أسند ظهره إلى الجدار من الداخل، تأمل دارهم الذي كان رمزًا للقوة والهيبة. طاف بعينيْن حزينتيْن كل زوايا المبنى، النوافذ مشرعة إلى الداخل، وأجزاء من ستائر ممزقة ترفرف في الهواء، صورة والده الضخمة مائلة إلى الجانب الأيسر وقد احترقت أطرافها السُّفلى، القمريات في الأعلى مهشمة. أطلق صادق الأحمر زفرة حارة وجلس خائرًا في مكانه، طلب من سائقه أنْ يُحضر طعام الغداء، حين انتهى من الأكل، طلب متكئًا وفرشًا صغيرًا وبضع قناني ماء معدني، سأله سائقه لِمَ كل هذا؟ أجاب بلكنة تشبه حديث والده: أريد أنْ أبصر ثورة أخي “حميد”.

*في تلك الأثناء، على مسافة تبعد 10 ألف كيلا متر كان “حميد الأحمر” في حديقة منزله الفخم بضواحي مدينة اسطنبول التركية يشاهد فيلمًا وثائقيًا تعرضه قناة الجزيرة عن “ثورة الشباب في اليمن”. الأحمر الذي اختار المنفى قبل اقتحام الحوثيين للعاصمة صنعاء بأيام، جرع كأسًا من العنب التركي الأحمر، أطفأ شاشة الكريستال الذكية، وبدأ إحماءه اليومي في نهايات إسطنبول الفاتنة، كان يجري وحيدًا على ممشى شبه خالٍ من المارة والضجيج، سمع بالجوار مواء قطة سيامية، عجوز تركي بشارب ضخم يدور طرفاه حول بعضهما يؤدي حركات بهلوانية لبعض الصبية الذين ابتاعوا منه مثلجات فراولة، امرأة غريبة من الطرف الشرقي للحيّ المجاور تقتحم حلبة الممشى الطويل بكنزة بيضاء ضيقة، ونصف سروال إلى ما قبل الركبة. تأمل “حميد الاحمر” اهتزاز أردافها، بريق ساقيها الفضيتين اللامعتين، شعرها المعقوص إلى أعلى، طاقيتها الثلجية، تمتم بتسبيح يُثني على جمال الخلق وبهاء الخالق. في الساعة الأخيرة قبل منتصف الليل بدقائق، تنبّه حميد الأحمر لعَرق كثيف على قميصه الرياضي الأخضر، انحنى ضاغطًا بكفيه على ركبتيه. أطلق أنّة متعبة. تلفَّت حوله، كان قد ابتعد كثيرًا عن منزله، التقط هاتفه من جراب جلدي أزرق معلق على خاصرته، أبلغ سائقه بمكانه وجلس متعرقًا على كرسي حجري في ناصية الشارع يطالع مواقع الأخبار المحلية لليمن. مرر بطرف سبابته على شاشة الهاتف. شاهد صورة حديثة باسمة للرئيس السابق “علي عبدالله صالح” وفي أصابعه جريدة اليمن اليوم، وعنوان مثير بارز باللون الأحمر على رأس الصفحة الأولى “الحوثيون ينهبون منزل حميد الأحمر”.*

تلك الليلة، أصابة الأرق، تذكر سنواته الأخيرة في صنعاء، حين قعد تحت أقدام الرئيس عبدربه منصور هادي يتوسله المدد العسكري لإنقاذ جيوشه القبيلة من هزيمة محققة على أرض خيوان والخمري، معقلهم الرئيسي في حاشد، تذكر المشاهد الأولى التي وصلته إلى هاتفه لعملية تفجير منزلهم الكبير في مسقط رأسهم بعمران، صوت شامت من المفجرين يقول “باي باي حسونة!”، تذكر شقيقه “حسين” وخسائره المالية الباهظة لتمويل حروبه على الحوثيين، تذكر غضبه من الجيش وشعوره المرير بقسوة الهزيمة وانحسار النفوذ وضياع جزء كبير من قدرة عائلتهم على إحداث تغيير كما كانت تفعل طوال قرنين سابقين في حالات مدٍّ وجزر لم تكن لتنتهي.
حميد الأحمر، الرجل الأكثر جدلًا في اليمن يهرول عُمره في المنفى بعيدًا عن صراع الحرب، منغمسًا في استثماراته وأصوله المالية التي أنقذ بعضها من صنعاء ليبدأ رحلة جديدة في تنميتها.

*في 1سبتمبر 2014، أعلن عبدالملك الحوثي مرحلة تصعيدية جديدة ضد الحكومة بعد أقل من 24 ساعة على عودة “لجنة الوساطة الرئاسية” برئاسة نائب رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر. الحوثي ظهر في قناة المسيرة الناطقة باسمه يتهمها بالكذب. بن دغر أعلن في تقرير شامل بثته قناة اليمن الرسمية أنَّ زعيم أنصار الله لم يُبدِ تجاوبًا حقيقيًا لإحلال السلام في اليمن. الرئيس عبدربه منصور هادي لم يشعر بالخطر، شرب شايًا في مكتبه، ثم أمر وسائل إعلامه لاتهام إيران بأحداث العنف الدموية التي تجاوزت محافظة “عمران” ونهشت جسد قائدها العسكري المشلول “حميد القشيبي”.*

عبدالملك الحوثي استمع إلى خطابه قبل بثه، شاهد نفسه مرتبكًا، هائجًا، قلقًا. ذراعاه تتحركان على غير هدى كأخطبوط أصيب بصرعة في الرأس، قال لمعاونه “سأُعيد الخطاب”. المصور الشاب “محمد الرازحي” تلقى توجيهًا بالعودة إلى موقع التصوير. من بين ستة أشخاص في هذا العالم، كان “الرازحي” يعرف تنقلات “عبدالملك الحوثي” ومخابئه. بعد ساعتيْن، غادر “عبدالملك” ورشة تصنيع زيوت مستعملة بالطرف الغربي لمديرية سحار. ألقى خطابه بداخل غرفة معزولة عن الصوت، لم يراجعه. أسند المهمة إلى “رفعت شيرازي” مشرف وسائل التواصل بالخلية الإيرانية. حين أغلق على نفسه باب الغرفة في مخبئه الثاني بمزرعة “صالح هبرة”، أخرج دفترًا قديمًا من علبة خشبية مزخرفة بنقوش فضية قديمة كانت أمه تستخدمها لتحصيل المال الذي يتبرع به الريفيون لوالده لقاء قراءة الفاتحة المباركة، في الصفحة الخامسة والعشرين، كتب اسم ابن جدّه “محمد عبدالعظيم الحوثي” بجانب عنوان بارز “قائمة الخصوم” وخطّ حوله دوائر متعددة. وضع علامة إكس على أربعة أسماء في القائمة المجدولة. عثمان مجلي، صغير بن عزيز، علي محسن الأحمر، عبدالمجيد الزنداني. رفع القلم إلى أعلى، الاسم الثاني في القائمة “عبدربه منصور هادي”، كتب أمامه “كش ملك”، غرز سنّ القلم في منتصف حرف العين للاسم الأول في القائمة “علي عبدالله صالح”.

*وأغلق الدفتر.*

..
يتبع
..
..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى