كتابات

الصنعاء

 

بقلم / سامي الكاف

– – – – – – – – – – – – – –

الكتابة عن و حول الحوثيين سواء تسكن أنت في صنعاء أو كانت هي تسكنك، سيان الأمر حتى لو كنت ابنها أو أحد المقيمين فيها، ستبدو كعابر سبيل تائه أو متردد تسير فوق أرض من الألغام لا تدري متى تنفجر فوقك؛ فثمة من سيتربص بك، لينال منك اذا كانت هذه الكتابة لم تأت على هواه.
و مع ذلك، ثمة من يجادل و يقول انه يكتب الحقيقة عن صنعاء كما هي، و لا يهمه ماذا سيقول المتربصون أو سيفعلون.
و قول الحقيقة بالطبع يختلف عن قول الرأي أياً كان؛ فالحقيقة تظل حقيقة حتى و إن كانت صادمة أو مُرّة، أما الرأي فمختلف و يمكن أن يكون متعدداً و متبايناً و ربما متحايلاً على الحقيقة ذاتها لتبدو بشكل مختلف أو مغاير.
و “أن تكتب أن أحداث ١٣ يناير ١٩٨٦ – في عدن – كانت دموية فهذه حقيقة. و أن تقول انها أحداث كان يمكن تجنبها فهذا رأي” (بين القوسين الاقتباس نص منشور عن الفرق بين الحقيقة و الرأي كنتُ كتبته في صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بتاريخ ١٣ يوليو ٢٠١٧).
و أجدني أضيفُ اليوم : عند الخوض في من قام بهذه الأحداث، في سياق قول الحقيقة، لا يمكن الكتابة انها وقعت من تلقاء نفسها، أو أن أكتب أنها كانت دموية دون أن أشير إلى من قام بها الخ ما يتوجب ذكره عن ١٣ يناير بوصفها حدثاً وقع و يتعين عند الحديث عنه ذكره في سياقه كحقيقة.
و لكل حدث تداعيات بالضرورة؛ و ما يحدث اليوم في صنعاء، قلب اليمن و أمها، جاء كتداعيات لجماعة انقلبت على السلطة بقوة السلاح (و ليس هنا مجالاً لذكر كيف تم ذلك فهذا معروف و سبق لي أن تناولته غير مرة و بشكل دقيق لا يحتمل أي لبس، و غيري فعل أيضاً).
و كتابة، تتحايل على الحقيقة، على هذا النحو : “هذه الصنعاء التي أصبحت اليوم تحت سلطتكم يا جماعة أنصار الله” إنما يأتي في سياق كتابة رأي عن ما آل إليه وضع صنعاء بفعل استخدام السلاح للسيطرة على السلطة، و يُبرر لواقع يتعين التعامل معه وفق هذا الرأي الذي يأبى أن يشير إلى الحقيقة التي تشير إلى فعل استخدام السلاح للسيطرة على السلطة و اعتبار ما حدث بعد هذا الفعل إنما يأتي في سياق التداعيات و يعززه بالطبع مدلول كلمة “أصبحت” وما تعنيه من معنى فضفاض يصعب معه تحديد كيف آلت السلطة إلى هذه الجماعة؛ و من ثم بعد ذلك، يتم التعامل مع هذا المدلول بوصفه حقيقة مغايرة للحقيقة الأساس، و إن بدت شجاعة فعلاً، بدليل الإشارة إلى الكتابة من صنعاء، و القول، في خطاب توجيهي مباشر إلى الحوثيين بوصفهم المسيطرين على صنعاء، و ليس المنقلبين على السلطة: “عليكم أن تعتذروا لأنكم تسيطرون على السلطة وتحصلون على كل مصادر الدخل المتاحة لمدة سنوات حتى الآن ولكنكم لا تدفعون الرواتب ولا تقدمون أي خدمة ، لا ماء ، لا كهرباء ، لا صحة، لا تعليم ، حتى الأمن بمعناه الحقيقي وليس المتخيل ليس متوفراً”.
الصنعاء عانت من الجميع؛ لا شك في هذا حتى و إن بدا الأمر في سياق رأي، أما الحقيقة فدائماً صادمة و مُرّة.

#سامي_الكاف
هنا #المريخ
#اليمن اسم لا يموت

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى