مقالات حرة

غيّر العالم .. من داخل أسوار بيتك !!

بقلم / خالد السودي

         

* أنت لست بمأمن في هذه اللحظة فالخطر يداهمك  من كل جانب  طالما ظل جهاز الهاتف الحديث بين يديك او في جيبك او يتموضع جوار سرير نومك دونما وعي كامل بكل مايدور من حولك .. التقنية تحاصرك من الجهات الأربعة .. من فوق سريرك ومن تحته ، من طريقة تفكيرك وعلاقاتك و أصدقائك .. و مع التطورات التقنيه المتسارعة قد  تندثر كل مكونات الوعي وتغيب كثير من مفاهيم القيم التي تعلمناها .. ونفشل غالبا حتى  في تفسير هذا المارثون المثير بين الأنسان والعصر الذي يعيش فيه ،  أنه سباق يفتقر  للنزاهه و غير متكافئ ياساده بيننا وبين التكنولوجيا !!

* التقنيه و وسائل الاتصال الحديثة و تسارع الاختراعات و تشعب استخداماتها  تتجاوز كثير منا .. بل وتتجاوز قدراتنا على الفهم والمتابعة .. هل ندرك مثلا اعلان وزارة الدفاع الامريكيةالبنتاجون  قبل فترة وجيزة عن اختراع ينقل اي انسان من اي نقطة في الأرض الى نقطة أخرى خلال ساعه .. هل لنا أن ندرك حجم التطور والاختراعاتالمدنية والعسكرية التي تنتجها تلك الدول التي تنفق مئات المليارات من الدولارات على مراكز الأبحاث و لا زال جلها في طي الكتمان  ويطبخ في الخفاء .. لك أن تتخيل أن نظامال GPS كان يستخدم لأغراض عسكرية  في الولايات المتحده قبل نحو خمسين عاما ثمبيع للشركات لاستخدامه للاغراض المدنية .

* غالباً يبقى الهاتف هو الرفيق الدائم لنا جميعاً خاصة في منطقتنا العربيه وبات الواتس اب مثلا  صديق المجتمع .. تشير عديد  التقارير  على لسان مؤسسي التطبيق الأمريكي بريان اكتون و الاوكراني جون كوم : أن مستخدميه  تجاوز المليار انسان حول العالم و يستخدم بنسب عاليه في منطقتنا.. و بات هذا التطبيق هو المسيطر الآن في مواجهة التطبيقات المشابهه .. و تتقارب نسب الأمارات و لبنان والسعوديه و قطر إذ تتجاوز كلا منها نسبة ال 94% في استخدامه مقارنة بالبرامج المشابهه .. ناهيك عنالتزاوج بين هذا التطبيق والفيس بوك و الماسينجر و إنستجرام والاندماج الكامل الذي قد يكتمل  في ٢٠٢٠  (سنة الحصار والكورونا والازمة الأقتصادية المقبلة) .. كما تعجالمتاجر الإلكترونية بعشرات التطبيقات المفيده والهدامة .

* بفعل ذلك .. وفعل فاعل ، لم تعد الأسرة محمية كما ينبغي بسيطرة ربها وربانها .. باتت المعلومة تتطاير من كل جانب عبر طرائق التواصل الاجتماعي .. بات الاب او الأم في حيرة كبيرة بين ترك مجال لحرية الاطفال والمراهقين وبين العجز على السيطرة على هذاالفضاء الكبير الذي يرتكز على الفرد ومن ثم الأسرة .. إنطلاقا الى أهداف خفيه ربما .

* والقصة ليست في استخدام التكنولوجيا و وسائل التواصل الاجتماعي .. بل على العكس .. هذه الوسائل والتطبيقات جعلت حياة الإنسان أسهل بكثير .. المعضلة في وقت وطريقة استخدامها .. هي تماما كالكأس الفارغة تشرب بها الماء او الخمر و ربما تتجرع بها السم !!

* كما أن الدول والحكومات تعاني نفس المشكلة .. لم يعد ضبط إيقاع الرأي العام من السهولة بمكان ، وثمة فجوة بين خطط الحكومات في الدول النامية والمزاج العام .. ناهيك عن إستقصاد بعض الدول بعينها .. بحدها وحدودها .. و بقضها وقضيضها .. دول بعينها تحت مجهر دول عظمى لا تهتم الا بتحقيق مصالحهاانا و من بعدي الطوفانبطرق جديده وحروب مبتكره ورؤيه استعماريه متطورة تلعب على غياب الوعي لدى الآخرين .. لا تستخدم الآلة العسكرية ولا تخسر قطرة دم و احدة .. و أزدهرت لديهم مصانع السلاح والموت التي تصّدر منتجاتها ليقتل ذوي العقول الفارغة بعضهم بعضا في الشرق البعيد !!

* حروب وقودها الفرد و هدفها كسر المجتمعات .. وتطويع الشعوب الصغيرة التي لاتملك من أمرها شيئا .. تجلى  ذلك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر  ٢٠٠١  الغامضةوالتي توجت بإعلان كوندليزا رايس عن الفوضى الخلاقة و طبقت علىالأرض بابتكار فزاعة الأرهاب ثم  باشعال الربيع العربي ٢٠١١ الذي تجتر شعوب المنطقة آثارها الكارثية حتى اليوم ..  ثم يكتمل المسلسل المؤلم بأن تأكل الدول الأسلامية الكبيرة بعضها بعضا ..

* حروب ليس في أدواتها البندقية والبارود .. والدبابة والصاروخ .. بات السلاح ضدك هوجهاز هاتفك الذكي وكمبيوترك بل و لعبةالبلي ستيشنالذي تشتريه لطفلك وانت تبتسم .. كذلك شاشة السينما التى تنتج مئات الأفلام سنويا من هوليوود وغيرها مغلفه بالرسائل والألغام الفكرية ..

* و إن كان الروس اخترعوا مصطلح حروب الجيل السادس ( GW6) والأمريكان الرابع والخامس بعد هجمات سبتمبر .. فإن الالمان سبقوهم بما سمي بالحرب الوقائيه .. فيماجاء مصطلح حروب الجيل الثاني من فترة حروب العصابات في أمريكا اللاتينيه .. وتبقى حروب الجيل الاول قديما وحديثاً من مطلع القرن السادس عشر هي الأرحم  لانها كانت في مجملها بين جيشين نظاميين .

* الحرب القديمه كان العدو واضح والصديق واضح .. وحتى أساليب التخفي والمناورة كانت بادوات بدائية .. اليوم باتت الحروب على الأجيال الحالية أمر وأصعب .. حروبدس السم في العسلحروب الحصار الفكري وغسل الأدمغة .. حروب تطويع المجتمعات والنخر في عظامها .. حروب هدم المعبد بمن فيه ، حروب تمييع القيم وتمزيق التناغم والانسجام الإجتماعي .

* انتقل المذياع والجريدة وشاشة التلفزيون الى هذاالموبايلالسحري الذي بين يديك.. فانوس علاء الدين العصر الحديث ، ولكي تربح هذه الحرب لابد من رفع درجة الوعي والارتقاء بالعملية التعليمية والإعلامية  والتقارب بين أفراد الأسرة و توفير بدائل للشباب والمراهقين أهمها النشاط الفكري والرياضي والبدني .. و فتح آفاق الشفافيه بين الحاكم والمحكومين .. لانه لم يعد شيئ يمكن إخفائه في هذا الزمن !!

* و رأس الحربه في هذه الحرب أن ينام طفلك وولدك وبنتك وزوجتك  بمعزل عن هذه الأجهزه ليكن عندك الشجاعة أن تأمر أهل بيتك بترك التلفونات والأجهزه عند باب البيت مفتوحه بلا كلمة مرور ( pass world ) قبل الدخول الى غرفة النوم .. هنا تبدأ سيطرتك على منزلك ثم ستنطلق للسيطرة بسياسة هنري كيسنجر ذات الخطوه خطوه.

* وبعد أن تلتقط هذه الصوره ☝️ من الافضل أن تكون القدوه وتترك تلفونك وأجهزتك علىنفس الطاوله !!

* من داخل أسرتك بأمكانك تغيير العالم .

* من صغحة الكاتب بالفيس بوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى