أقدم رئيس الحكومة اليمنية الشرعية معين عبدالملك، أمس الخميس، على إيقاف وزير النقل صالح الجبواني، وتكليف نائب رئيس الوزراء سالم الخنبشي بالإشراف على أعمال الوزارة.
وسيدير الوزارة خلال المرحلة القادمة، نائب الوزير ناصر شريف الذي بدا متفاعلاً مع قرار الإقالة ووجه مذكرة إلى المؤسسات التابعة للوزارة بإيقاف التعامل مع الجبواني..
وجاء قرار الإيقاف إثر تداعيات تدخل رئيس الوزراء بالمخالفة للقانون في عملية استيراد المشتقات النفطية في العاصمة المؤقتة عدن.
ففي منتصف مارس الجاري، طالب وزير النقل صالح الجبواني بإلغاء الإجراءات التي اتخذها رئيس الوزراء معين عبدالملك خلافا للقانون وإعادة المكتب الفني لوزارة النقل وعدم التدخل في مهام الوزارة.
وعبر الجبواني في رسالة لرئيس الجمهورية عن تفاجئه واستغرابه من خطاب رئيس الوزراء الموجه إلي قائد القوات المشتركة الأمير فهد بن تركي بخصوص تنظيم عملية دخول سفن الوقود، مـؤكدا بأن هذا السلوك مخالفا للدستور والقانون ويلغي دور وزارة النقل في الرقابة والإشراف على الموانئ والشحنات.
وجاءت رسالة الجبواني بعد أن طالب عبدالملك من قائد القوات المشتركة في التحالف العربي بتوجيه خلية الإخلاء والعمليات الانسانية بعدم التعامل أو اعتماد أية تصاريح أو خطاب دخول أي من سفن الوقود إلى موانئ الجمهورية اليمنية إلا وفقا للتصريح الصادر من المكتب الفني للمجلس الأعلى، وكذلك عدم الاستجابة لأي طلبات أو خطابات تطلب منع دخول أي شحنة أو التحفظ عليها من أي جهة أخرى غير المجلس الاقتصادي الأعلى.
وفيما يبدو أن السفينة "فريت مارج" التي كان لرئيس الحكومة معين عبدالملك دور في إدخالها إلى ميناء عدن ضمن عمليات استيراد النفط، كانت السبب الرئيسي وراء إقالة الجبواني، لإفساح المجال أمام عمليات استيراد المشتقات النفطية عبر الشركات التي يرغب عبدالملك في منحها تصاريح دخول بالمخالفة للوائح المنظمة.
وحسب مطلعون في الشأن الحكومي فإن معين فشل في إلغاء دور وزارة النقل في عملية استيراد المشتقات النفطية بسبب مواقف الوزير الصلبة، فلجأ إلى إيقافه كخيار أخير، حتى يتمكن من تمرير صفقات الاستيراد بعيداً عن أعين الوزارة.
اسكات ثاني صوت
لم يكن الجبواني هو أول مستهدف من العقوبات التي يواجهها أصحاب الصوت الوطني العالي داخل الحكومة أو من يسمون (وزراء تصحيح المسار الحكومي) ففي 13 يوليو من العام الماضي، أوقف رئيس الوزراء معين عبدالملك وزير المياه والبيئة العزي هبة الله شريم وبرر القرار بانقطاعه عن العمل لفترة طويلة، وعدم التزامه بضوابط الصفة الرسمية، وتبعاً لذلك كلف رئيس الوزراء وكيل الوزارة لقطاع المياه توفيق الشرجبي القيام بمهام الوزير.
وعقب إقالته أكد شريم أنه كان يتابع مهام عمله باستمرار، إلا أن مراقبون أعادوا قرار الإيقاف إلى هجوم شنه الوزير شريم على الحكومة اليمنية التي وصفها بأنها فاشلة وتجاوزت الفساد، وحينها وصف قرار إيقافه من منصبه بالمؤامرة، في حين أنه كان يتواجد في عدن.
ورغم أن القرار فقد مفعوله بعد ذلك، فيما يبدو أنه تم تجميده، حيث لم يكن سوى رع إشارة حمراء في وجه الأصوات المرتفعة داخل الحكومة، إلا أن قرار رئيس الجمهورية بإيقاف رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر في أكتوبر 2018 وإحالته للتحقيق، كان يصب في صالح معاقبة أي صوت يرتفع لتصحيح مسار الشرعية اليمنية، وتحديداً الأصوات المناهضة للعبث الاماراتي في الجنوب وجزيرة سقطرى تحديداً.
ومما يؤكد هذه الفرضية هو تعيين شخصية ضعيفة "معين عبدالملك" لتحل محل الشخصية القوية التي وحدت التوجه الحكومي طوال أكثر من عامين، غير أن قرار إحالة بن دغر للتحقيق تجمد هو الآخر وتم تعيينه مؤخراً مستشاراً لرئيس الجمهورية، فيما وصف برفض الرئيس هادي الرضوخ لرغبات الامارات لا سيما بعد أحداث انقلاب الانتقالي المدعوم إماراتياً وتداعياته العسكرية في أغسطس وسبتمبر من العام الماضي.
إيقاف مرتقب
وحسب ما يظهر فإن شهية معين عبدالملك لم تتوقف في اسكات آخر الأصوات الحكومية الوطنية المرتفعة، وأن الهدف القادم هو وزير الداخلية أحمد الميسري.
وحسب مصادر خاصة فإن عبدالملك ومعاونيه يعدون قرار إيقاف الميسري واختيار عثمان مجلي وزير الزراعة ومهرب الأسمدة الذي يعمل مخبرا ضد الكل ومع الجميع بديلا عنه، في سبيل أن يتخلص معين من آخر الأصوات التي تطالب بتصحيح مسار الحكومة، والمطالبة بتبنيها معاناة اليمنيين وتطلعاتهم.
وفي مطلع العام الجاري تبرأت حكومة معين من تصريحات صحفية أدلى بها الوزير الميسري إثر هجمات مليشيا الحوثي الانقلابية على معسكر للجيش في مأرب وأودى بحياة ما يربو عن 100، كما يتهم الميسري رئيس الحكومة بالتواطؤ مع انقلاب الانتقالي المدعوم اماراتياً والتغاضي عن جرائمهم وانتهاكاتهم في عدن، فضلاً عن أحاديث متكررة للميسري عن فشل اتفاق الرياض بسبب عراقيل الانتقالي.
القانون في اجازة
يتضح قرارات رئيس الوزراء في إيقاف وزراء حكومته غير قانونية البتة، فهي خارج مهام وصلاحيات رئيس الوزراء، التي حددها قانون مهام واختصاصات الحكومة، إذ أن القانون ينض على يعرض رئيس الوزراء الأمر على رئيس الجمهورية ليقرر ما يراه مناسباً، في حال تبين أن تعاونه مع واحد من أعضاء مجلس الوزراء أو أكثر قد أصبح مستحيلاً.
ما سبق يعني أن رئيس الوزراء تجاوز صلاحياته لأكثر من مرة، ضارباً بالقوانين عرض الحائط، كما أقدم على مخالفة القانون فيما يتعلق باستيراد الوقود بالمخالفة لقوانين وزارة النقل.
تمييع الحكومة
منذ الوهلة الأولى لتعيينه بدا عبدالملك شخصية ضعيفة، تسنمت منصباً كبيراً يفوق قدراته وكفاءته الإدارية، خصوصاً أنه جاء بعد أحمد عبيد بن دغر، الذي تبنى مواقف وطنية إبان فترة رئاسته للحكومة، نال بها شعبية واسعة، تتوجت برفضه للسيطرة الإماراتية على جزيرة سقطرى، ونزوله الميداني إلى المحافظات المحررة، لكن عبدالملك، قالها صراحة بعد أشهر قليلة من وصوله المنصب بأن مسئولياته الحكومية تقتصر على جانب الخدمات والاقتصاد، متخلياً عن الجوانب العسكرية والأمنية التي تحتل أولوية في وضع اليمن الحالي.
واتفق المراقبون والمحللون السياسيون على أن رئيس الحكومة الحالي ضعيف الشخصية لا يستحق حتى أن يكون مدير مرفق حكومي، وأن المرحلة تتطلب شخصية ذات كفاءة ولديه شخصية قوية حيث أن المرحلة تحتاج رجال أشداء لا تحتاج موظفين ينفذون الأوامر، كما يتفقون أن وقوف عبدالملك على أعلى منصب قيادي بعد رئيس الجمهورية يعني إضعاف لليمن في وقت تعمل بدعم السعودية على تحرير البلاد من الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة من أيادي أذرع إيران، وهو ما لن يتحقق في ظل وجود عبدالملك، الذي اتجه لأجندة بعيدة عن هذه المهام الصعبة.
ومع كل ما سبق فإن هناك توجه لإزاحة أي شخصية قوية داخل الحكومة تمثل تطلعات الجماهير المؤيدة للشرعية، حيث تتسارع خطوات رئيس الحكومة باتجاه التخلص من أصوات تصحيح مسار الحكومة لا سيما (الجبواني والميسري) الذين يتزعما فريق رفض حرف الامارات لبوصلة التحالف العربي ومصادرتها للسيادة اليمنية على الأرض والثروة.
ويرى مراقبون أن رئيس الحكومة في مهمة تحويل الحكومة إلى حكومة متجانسة (في الضعف فقط).
بينما تذهب أصوات إلى أن الخطير في الأمر إدارة معين لشبكة فساد كبرى مركزها عدن، وخاصة في مجال تجارة النفط، بالإضافة إلى مخالفاته المتكررة للدستور والقانون واستغلال منصبه كرئيس لحكومة اليمن في التربح من الصراع الدائر والإثراء غير المشروع.
علاوة على ذلك استهدافه للأصوات الوطنية المرتفعة داخل الحكومة والدفع بمشرفين على عدد من الوزراء لمضايقتهم وتطفيشهم ومصادرة صلاحياتهم، مثل تعيين مشرفين في الوزارات الايرادية حيث قام بتعيين مطيع دماج مشرفاً على وزارة اللإتصالات وقريبه وليد العياشي مشرفاً على وزارة الاشغال وعلاء قاسم مشرفاً على وزارة الادارة المحلية واللجنة العليا للإغاثة وعلي النعيمي مشرفاً على وزارة التعليم العالي وصلاح مكرد الشرجبي مشرف على وزارة الشؤون القانونيه وتكليف قريبه توفيق الشرجبي قائم بأعمال وزارة المياة بعد إقالة العزي شريم الوزير الوحيد من إقليم تهامة بالإضافة إلى تشجيع بعض النواب ووالوكلاء القريبين منه في بعض الوزارات للتمرد على وزرائهم مثل تشجيع ناصر شريف نائب وزير النقل وعدنان عبدالجبار وكيل وزارة الخدمة المدنية واستهداف محافظ البنك المركزي لصالح شركات هايل سعيد انهم وأولاد الصغير.
حكومة بن دغر
رغم المآخذ على حكومة بن دغر ، إلا أنها حكومته كانت قوية مقارنة بحكومة عبدالملك التي بدت حكومة موظفين، فقد كان بن دغر على رأس حكومة قوية ومتجانسة في توجهاتها العامة، ومتصلبة لا سيما فيما يتعلق بالسيادة إثر التدخل الفج لدولة الامارات، إلا أنه كان على رأس أولوياتها مهمة التحرير واستعادة الدولة بدعم التحالف والسعودية على وجه التحديد، وهو ما غاب في حكومة عبدالملك التي أصبحت مميعة حد الضياع.
وعزز من هذا الطرح، ما خرج به رئيس الحكومة الأسبق خالد بحاح، الذي خرج مؤخراً مهاجماً المجلس الانتقالي الموالي للإمارات، معتبرا أنه سلطة أمر واقع فاشلة، لم تقدر على ادارة عدن، شأنها في ذلك شأن حكومة معين عبدالملك، واعتبر أن العاصمة المؤقتة عدن أصبحت بين مطرقة الشرعية، وسندان الانتقالي وساق توصيف على نحو "لا حكومة مركزية، ولا محلية، ولا سلطة أمر واقع".
اضف تعليقك على الخبر