يمن اتحادي - متابعات
كشفت صحيفة أمريكية عدداً من أساليب الانتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي بحق المدنيين اليمنيين، استناداً إلى شهادات لضحايا اعتقلتهم مليشيا الحوثي الانقلابية في المناطق الخاضعة لسيطرتها وتحديداً في العاصمة صنعاء.
ونشرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تقريراً لمدير مكتبها في القاهرة سلط الضوء على الانتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء بحق الأشخاص الذين اعتقلتهم، وكيفية إدارة الجماعة للمناطق الخاضعة لسيطرتها، وأساليب العنف والتجسس التي تمارسها.
انتهاكات واسعة
وتشير الصحيفة في التقرير الذي أعده مدير مكتبها في القاهرة سودارسان راغافان وترجمه الموقع بوست ورصده "يمن اتحادي" إلى أن الحوثيين يمارسون انتهاكات واسعة، بما في ذلك التعذيب والاحتجاز والإخفاء القسري على نطاق واسع، وتغذي تلك الانتهاكات جوًا متنامًيا من الخوف والترهيب في العاصمة، وفي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وذكرت الصحيفة بأن الكثير من الضحايا الذين تعرضوا للسجن والتعذيب في سجون الحوثيين، وأفرج عنهم، وظلوا في صنعاء، لازالوا يعتقدون أن الاستخبارات التابعة للحوثيين تراقبهم، ويخشون حتى من الكلام عبر الهاتف، خوفا من ضبطهم، وإعادة سجنهم من جديد.
ونقلت الصحيفة شهادات لضحايا قابلتهم داخل اليمن بعد فرارهم من مناطق سيطرة الحوثيين، وآخرين انتقلوا إلى دول عربية بعد إفلاتهم من قبضة الحوثي، وأكد شخص يدعى محمد بامفتاح (55 عاما) بأنه تعرض للاعتقال في العام 2015م أثناء ذهابه لمكتب البريد لاستلام راتبه، بسبب أن هويته تظهر أنه ينتمي لمحافظة عدن.
وقال بامفتاح إنه "مكث في سجون الحوثيين لمدة ثلاثة سنوات تعرض خلالها للصعق بالكهرباء أثناء التحقيق معه، وجرى ربط يديه على السقف لمدة ثلاث ساعات، وتعرض للضرب بالكابلات الكهربائية".
استهداف الأقليات
وتكشف الصحيفة أن الحوثيين استهدفوا النشطاء والصحفيين والمحامين والأقليات الدينية والمديرين التنفيذيين وأي شخص يُعتبر ضد حكمهم وأيديولوجيتهم، كما اقتحم المسلحون التابعون لهم المنازل ليلاً، واعتقلوا وضربوا الناس بسبب نزاعات بسيطة، أو بسبب انتقادات لحركتهم.
وتضيف: "قليل من هؤلاء الضحايا يتم محاكمتهم أو يمكنهم تعيين محامين، والمحاكم إما غير موجودة أو تستخدم فقط لإصدار الحكم، وفقاً لنشطاء حقوق الإنسان والضحايا".
وقالت كريستين بيكر وهي باحثة في الشأن اليمني بمنظمة هيومن رايتس ووتش للصحيفة إن الحوثيين لاحقوا طائفة واسعة من الناس الذين يرون أنهم يشكلون تهديداً أو يعتبرون خصوماً سياسيين لهم، مضيفة بالقول "لآن هناك حملة مستمرة ومتزايدة ومزعجة للغاية على المجتمع المدني في اليمن".
وأوردت الصحيفة تصريحات لمحامين وناشطين في مجال الحقوق المدنية ذكرت أن الانتهاكات ازدادت سوءاً منذ ديسمبر 2017 عندما قتل الحوثيون الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي كان حليفهم الرئيسي في الماضي، وعززت الحركة المتمردة قبضتها على معظم شمال اليمن، ومارست السيطرة على كل جانب من جوانب المجتمع.
وقال عبدالمجيد صبرة وهو محامي يمثل أكثر من أربعة عشر شخصاً بينهم 10 صحفيين محتجزين في سجون المتمردين: "هناك خوف في أنحاء المدينة....لا أحد يجرؤ على إظهار ما يشعر به حقاً حيال الحوثيين في العلن... هذا هو الواقع الجديد".
الثراء من خلال الفساد المالي
وتعلق الصحيفة على ممارسات الحوثيين بالقول إن قادتهم الذين انتقدوا في وقت من الأوقات استخدام صالح لمنصبه العام في جمع ثروة شخصية أصبحوا الآن كالزعيم الذي أزالوه.
وتكشف بأن المتمردين الحوثيين فرضوا من خلال سلطاتهم ضرائب على الشركات، واستولوا على أرباح كبيرة، بينما يدعون أنهم لا يستطيعون دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية أو مساعدة ملايين اليمنيين الذين يتضورون جوعاً.
وتنقل الصحيفة عن الناشط هشام العميسي الذي اعتقله الحوثيون من قبل وأفرجوا عنه لاحقا وفق وساطات قبلية وانتقل إلى القاهرة :"الناس محبطون... يقول كل واحد منهم أنا جائع وأموت وليس هناك راتب، وفي هذه الأثناء الحوثيون يقودون سيارات باهظة يصل قيمة الواحدة منها إلى 200,000$".
وتحدث العميسي عن اعتقاله من قبل الحوثيين، وذكر بأن ذلك كان في أغسطس 2017 عندما نشر تغريدات على تويتر يتهم بعض المتمردين الحوثيين بالفساد، وفي غضون ساعات اعتقله المسلحون الحوثيون، وفقا لما ذكره في التقرير.
وتضيف الصحيفة: اتهموا العميسي بأنه جاسوس أمريكي ويعمل على "غسل أدمغة اليمنيين بأفكار أمريكية"، وطوال ثلاثة أسابيع احتجز في الحبس الانفرادي معصوب العينين في زنزانة صغيرة، ثم بدأ التعذيب.
وقال العميسي إنه "أُخذ عدة مرات إلى غرفة أطلق عليها السجناء الورشة حيث استخدمت السكاكين وغيرها من الأدوات الحادة لقطعك إلى أشلاء، ويتم ربطك في السقف وإبراحك ضرباً".
وأضاف: "استخدموا السلاسل المعدنية معي فأصابوا ظهري وفخذي ورأسي"، وأشار إلى أنه سُمح له بالذهاب إلى الحمام مرة أو مرتين في اليوم، لمدة دقيقتين، وطُلب منه كل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بالاعتراف في محطة التلفزيون التابعة للمتمردين بأنه يقوم بمهمة التجسس لصالح أعدائهم، يقول العميسي إنه رفض ذلك دائما.
أساليب تعذيب بشعة
في المقابلات، وصف ثلاثة سجناء سابقين آخرين كانوا محتجزين من قبل الحوثيين أساليب تعذيب إضافية، بما في ذلك ربطهم من الأرجل والذراعين بقضيب معدني، وإطفاء الحريق كما لو كان يتم شويهم مثل الدجاج، وفي بعض الأحيان يتم رمي ثعبان حي داخل الزنزانة، كما استخدموا التعذيب النفسي.
وقال عبده عبدالله الزبيدي، وهو قاضٍ سابق اتُهم بالعمل مع التحالف، إن مسلحين من الحوثي ذهبوا إلى منزله وهددوا زوجته وأطفاله، وبعد سجنه يذكر أن الحراس كانوا أحيانًا يعصبون عينيه ويقيدونه ثم يضعون مسدسًا على رأسه ويقولون له: "يمكننا أن نقتلك الآن".
ويقول الزبيدي صاحب الـ56 عام، الذي أمضى أكثر من عام في زنزانة قبل إطلاق سراحه في تبادل للأسرى للصحيفة: "استخدموا العديد من الطرق لتخويفنا، مما جعلني أعتقد أنهم يستطيعون قتل عائلتي أو حتى قتلهم أمامي" وقال إن ظهره لا يزال في حالة سيئة بسبب شهور من الصدمات الكهربائية والضرب.
وتذكر الصحيفة أن المحامين أيضا هم أهداف، حيث سجن المحامي عبدالمجيد صبرة لمدة يوم بعد مشادة مع مسؤول حوثي، وكان زميله أسوأ حالاً: فقد تعرض للضرب والسجن بسبب تمرير مذكرة إلى موكله تحتوي على اسم ورقم.
مخبرون في كل مكان
وتكشف الصحيفة عن تشديد الحوثيين سيطرتهم على صنعاء بعد مقل صالح، حيث يوجد جواسيس تابعين لهم في كل مكان، سواء في المستشفيات أو الفنادق والأحياء، كما يقول عمال الإغاثة والناشطون والسكان.
وتشير إلى أن وزارة الإعلام الحوثية استعانت مؤخراً بمرافقين يتحدثون اللغة الإنجليزية لمراقبة الصحفيين الغربيين الذين يصلون بشكل نادر إلى مناطق سيطرتهم.
وقالت الصحيفة إن قادة الحوثيين وجهوا منظمات الإغاثة وغيرها من المنظمات غير الحكومية بتوظيف ممثلين من الحوثيين أو موالين لهم كجزء من موظفيهم المحليين، حسبما قال عمال الإغاثة والناشطون، موضحة بأن الحوثيين منعوا أيضا وكالات الأمم المتحدة من العمل بحرية، وفقاً لما ذكره العديد من مسئولي الأمم المتحدة للصحيفة.
وتضيف الصحيفة: "على هذه الخلفية وسع الحوثيون قائمة أهدافهم"، ونقلت عن نشطاء قولهم بأن الحوثيين اعتقلوا أشخاصاً بسبب محوهم الشعارات التابعة لهم والمكتوبة على الجدران، أو أولئك الذين كتبوا عبارات معادية للحوثيين.
الاعتداء على النساء
وتطرقت الصحيفة لما جرى في العاصمة صنعاء في السادس من أكتوبر الماضي عندما خرجت مجموعة من الشابات إلى الشوارع للاحتجاج على ارتفاع الأسعار التي تجعل الملايين على حافة المجاعة، ودعوا إلى استئناف رواتب الحكومة.
تقول الصحيفة: "أرسلت السلطات المتمردة الموالين لها لمهاجمة النساء المتظاهرات باستخدام الخناجر والهراوات وأجهزة الصعق الكهربائية، كما أرسل الحوثيون النساء لإلقاء محاضرات على المتظاهرين حول عدم حضور مثل هذه التجمعات".
وقالت رشا جرهم للصحيفة وهي ناشطة يمنية ساعدت بعض النساء المحتجات على الفرار من العاصمة: "بالنسبة للحوثيين فإن الاحتجاجات تعتبر محاولة مخططة من قبل أعدائهم لتقويضهم"، مضيفة بالقول: "إنه جنون العظمة...إنهم يعرفون كيفية السيطرة فقط من خلال الأمن مثل كل الديكتاتورية في التاريخ".
يذكر أن تقارير حقوقية صدرت عن عشرات المنظمات الحقوقية تؤكد أن المليشيات الحوثية استخدمت أبشع أساليب الترهيب والاختطاف والتعذيب والقتل والتنكيل منذ بدء انقلابها حتى اللحظة.
اضف تعليقك على الخبر