- شريط الأخبار- عارض الصورأخبار محليةتقارير وحوارات

إحالة ملف اليمن إلى محكمة الجنايات الدولية.. هل سيساهم في حل الأزمة؟

 

يمن اتحادي – متابعات

يتوجّه المجتمع الدولي لإحالة ملف اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن طال أمد الحرب فيها، التي بدأت في مارس/آّذار 2015، وتزايدت الانتهاكات المختلفة التي تطال المدنيين دون وجود أي رادع.
وطالب فريق خبراء الأمم المتحدة الدوليين والإقليميين بشأن اليمن، في الرابع من الشهر الجاري، بتلك الإحالة، أمام مجلس الأمن في جلسة مغلقة، قدّم فيها تقريره، الذي حمل عنوان “وباء الإفلات من العقاب في أرض معذّبة”.

تحدث فريق الخبراء عن الانتهاكات، التي مارستها الأطراف في اليمن بما فيها التحالف العربي، ومنها: الضربات الجوية، وزراعة الألغام، وتجنيد الأطفال، والإخفاء القسري، والتعذيب أثناء الاحتجاز، فضلا عن الحرمان من حقوق المحاكمة العادلة، والقتل غير المشروع، والقصف العشوائي، وعرقلة العمليات الإنسانية.

لم يكشف التقرير سوى بعض الواقع المرير، الذي أصبح يعيشه مختلف اليمنيين، في ظل استمرار الحرب والصراعات، التي تتوسع دائرتها في البلاد يوما بعد آخر.
وتسعى الأطراف المختلفة في حرب اليمن، مرارا، إلى توجيه تهمة ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية، حتى يقوم المجتمع الدولي بممارسة الضغوط عليها، كمنع بيع الأسلحة لدول التحالف العربي وغيره.



انتهاكات بالجملة



بشكل دائم، تتحدث التقارير الحقوقية المختلفة عن انتهاكات الأطراف المختلفة في اليمن -وأبرزها جماعة الحوثي- بحق المدنيين، خلاصتها مقتل نحو 112 ألف شخص، بينهم حوالي 12 ألف من المدنيين، وفق تقرير فريق الخبراء.
وأدت الأوضاع غير المستقرة، بسبب الحرب، إلى نزوح ما يقارب ثلاثة ملايين يمني من منطقة إلى أخرى، والتفكير بشكل جدي بمغادرة البلاد، بحثا عن الأمان والاستقرار.

ولا تأتي كل تلك الانتهاكات فرادى، فهناك الجوع، الذي تقول منظمة “أوكسفام” الدولية إن “ملايين اليمنيين يكافحون من أجل النجاة وسط مستويات كارثية من الجوع”.



“الجدوى من الإحالة”



طوال فترة الحرب تم إدراج أسماء كثيرة في قائمة العقوبات الدولية لأسباب مختلفة، لكن ذلك لم يؤثر بشكل لافت، ويذهب باتجاه دعم السلام في اليمن، وإيقاف الانتهاكات بحق الأبرياء.
ويعتقد المحامي والناشط الحقوقي، ياسر المليكي، أن “مشكلة اليمنيين تكمن في أن من أجرم بحقهم أمن العقاب، وذلك يعني التمادي في الجريمة بشكل أكبر”.
ورأى، في حديثه مع “بلقيس”، أن “تحويل ملف اليمن لمحكمة الجنايات الدولية سيكون الخطوة الأولى، ليشعر كل منتهكي حقوق الإنسان باقتراب العقاب منهم، وبأنهم لن يفلتوا منه”.
لكن المليكي يؤكد أن “المطالبة وحدها بإحالة ملف اليمني إلى محكمة الجنايات غير مجدٍ، إذا لم تكن هناك خطوات جادة، من أجل أن يصل إلى مجلس الأمن الدولي”.
أولى تلك الخطوات تتطلب –وفق المليكي- مصادقة مجلس النواب على ميثاق المحكمة، أو التأثير على مجلس الأمن باستصدار قرار بتخويل المحكمة التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة، وهذا لن يتأتى حاليا، وتواجهه الكثير من الصعاب.



“الإحالة وحل الأزمة”



ويتفق مع ذلك الطرح أستاذ إدارة الأزمات والصراعات بجامعة الحديدة، نبيل الشرجبي، الذي أفاد أن “ثمة أسباب جوهرية وموضوعية في عدم قبول المطالبة تلك، أو نجاحها، أو حتى في إحداث أي تأثيرات على سير الأحداث العسكرية في اليمن”.
وتعود أسباب ذلك كما ذكر لـ”بلقيس” إلى أن “محكمة الجنايات تنظر في موضوعات الإبادة الجماعية لأقلية، أو جماعات عنصرية، أو دينية، أو حتى إثنية، وهذا الشرط غير متوفر في أركان ملف اليمن.
إضافة إلى أن المحكمة تنظر فيما يسمّى جرائم ضد الإنسانية، وذلك عبر ما يعرف بالهجوم الواسع ضد جماعة سكانية مدنية، وحدوث إبادة، أو اغتصابات جماعية، وإحداث عبودية جنسية، أو إجراء تهجير قسري، أو تفرقة عنصرية، وهي كذلك غير متوفرة في الحالة اليمنية”، وفق الشرجبي.

وزاد المحلل السياسي اليمني “هذه المحكمة، التي أنشئت عام 2002، ليس لها حق الولاية العامة في إجراء المحاكمة، نظرا لاعتراض دول كبرى على إعطائها ذلك الحق، وهو ما يعني أن دورها يكون تكميليا، يأتي بعد إجراء محاكم وطنية أو إقليمية، تطلب الأخيرة إجراء المحاكمة في محكمة الجنايات الدولية، وهو ما لا ينطبق على اليمن”.

وأشار إلى أن “المحكمة الجنائية، لا تقوم بأي محاكمة لأي فرد أو جهة، ما لم تطلب دولة تلك الجهة أو الفرد إجراء مثل تلك المحاكمة”. وطالما المجتمع الدولي معترف بحكومة الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، وحكومته الموجودة في المنفى، فإن قيامها بمثل ذلك الطلب مستبعد، وهو ما يعني انعدام صفة جهة رفع الدعوة، وبناء على ذلك فهو يجدد تأكيده بأنه، وإن كُتب للتوجه (إحالة ملف اليمن) النجاح، فلا يعوّل عليه، بحسب تعبيره.

لكن الناشط الحقوقي، المليكي، يجزم بأن إحالة ملف اليمن إلى محكمة الجنايات، يعني بأن البلاد أصبحت تحت مجهر القضاء الدولي، وسيكون الجميع (أفرادا أو جماعات) تحت سياط رحمة المحكمة.
وذلك –من وجهة نظره- سيُسرع في حل الأزمة، وسيعمل الجميع على إيجاد مخارج للصراع المستمر في اليمن، منذ 2015، كما أنه سيكون مهماً على المدى المتوسط والبعيد، لأن “أي تحقيقات للمحكمة يعني أننا دخلنا مرحلة العقاب، وقراراتها سيتم تنفيذها مهما حاول منتهكو حقوق الإنسان التهرب منها”، لافتا إلى أن لتلك الجهة الدولية العديد من الوسائل لشل قدرات هؤلاء والحد من تحركاتهم.

وخلص إلى التأكيد أن “بداية الحل هو بيد الحكومة، وهي من تستطيع الموافقة على نظام روما، بالإيعاز لمجلس النواب، لكن حتى هذا سيواجه بعراقيل كثيرة من المستفيدين بعدم تدخل المحكمة الجنائية الدولية، وهم كثر”.
وسبق أن خاض اليمنيون جولات تفاوض وتشاور عديدة، برعاية إقليمية وأخرى دولية، لم تفضِ إلى شيء سوى تمديد فترة الحرب والصراعات، وإنهاك أكثر للمواطنين الذي يسقطون ضحايا لأدوات القتل أو الجوع.

المصدر/ بلقيس نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى